أكراد سوريا بين البرزخ الاميركي والانتماء الوطني

أكراد سوريا بين البرزخ الاميركي والانتماء الوطني
الثلاثاء ١٦ يناير ٢٠١٨ - ٠٥:١٢ بتوقيت غرينتش

دائما ما يكون لدى الادارة الاميركية خطة "باء" في اي عمل تقوم به سواء سياسي او عسكري او حتى اقتصادي، وانشاء قوة حدودية داخل الاراضي السورية وتكون فصيل ضمن ما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية" التي تتلقى دعما متواصلا من الولايات المتحدة وهي يدها في سوريا، هي واحدة من هذه الخطط.

العالم - مقالات وتحليلات

فبعد ان تم هزيمة مشروع "داعش" في سوريا وفشلت خطة تقسيم البلد على اساس ديني، اتى فصيل اخر وهو "قسد" ليكون مشروع تقسيم ولكن على اساس عرقي، وليس بغريب ان تسيطر هذه القوات على نفس المناطق التي كانت تسيطر عليها "داعش"، وهو ما يؤكد انها تحمل نفس الفكر ولكن بطريقة قومية غير سابقتها التي كانت بطريقة دينية.

انشاء القوات الحدودية الجديدة هو نواة اساسية في الإطار التنظيمي لاي كيان انفصالي يحاول رسم حدود له مع الدولة التي كان من ضمنها ومع دول الجوار، وهذا ما اريد للجيش الجديد الذي تنشأه واشنطن في سوريا، حيث ستوكل اليه حماية ما اسمي بالحدود مع تركيا والعراق وشرق نهر الفرات داخل الاراضي السورية. والهدف من هذه القوات واضح وضوح الشمس بل وصرحت به العضو البارز في ما يسمى بالادارة الذاتية الكردية فوزة يوسف، حيث قالت ان الهدف هو ردع دمشق وانقرة.

موقف الدولة السورية كان واضحا وصريحا ايضا، باعتبارها كل مواطن سوري يشارك في هذه الميليشيات برعاية أميركية خائنا للشعب والوطن وستتعامل معه على هذا الأساس، وهو ما اعلن عنه الرئيس السوري بشار الاسد، قبل فترة عندما اعتبر ان من يقاتل تحت الراية الاميركية هو خائن، واللافت ان موقف دمشق وموسكو وانقرة جاء متطابقا برفض هذه القوات، ولكن كيف انقرة ترفض شيء تقوم به داخل الاراضي السورية؟ اليست انقرة هي من قام بانشاء قوات موالية لها في ادلب وريف حلب الشمالي وجعلتها تقاتل تحت رايتها، فكيف تنتقد واشنطن على امر هي من سبقها عليه؟

تصريحات دمشق تؤكد ان خيار المواجهة مع القوة الاميركية الجديدة هو الاول وعلى رأس الاولويات لديها، والتغييرات العسكرية التي قامت بها الدولة السورية في محافظة الحسكة خلال الاونة الاخيرة تؤكد هذا الامر، ولكن السؤال الاهم هذه المعركة ان اندلعت هل ستكون ضمن محافظات دير الزور والرقة فقط ام ستصل الى الحسكة ايضا؟ وما الموقف الروسي منها ان قامت واشنطن بقصف القوات السورية؟

القوات التي انشأتها واشنطن في سوريا ليست ذات قوة عسكرية فعالة على الارض وغير متجانسة اساسا، ومعظم المناطق التي اخذتها من "داعش" كانت ذات تنسيق مسبق اضافة الى قصف اميركي مدمر هلك الحجر والبشر في الرقة وغيرها من المدن السورية، اذا هي لم تخوض اي معركة حقيقية اضافة الى انها خليط من قوميات واديان مختلفة بزعامة واغلبية كردية، تتحكم بهم الـ50 دولار، وهو الراتب الذي يتقاضه العنصر الذي يقاتل معهم وذلك بحسب ما صرح القيادي المنشق عن "قسد" طلال سلو، الذي اكد ان الفساد ينخر في جسد هذه القوات وانها ستنهار خلال اشهر، وهذه المعطيات تؤكد ان الخطوة الاميركية هي خطوة تجميلية ليس اكثر، اضافة الى ورقة ضغط على دمشق للتسليم والموافقة على بعض المطالب واهمها ابعاد الخطر عن اسرائيل، اضافة الى تهديد الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، الذي يواصل اطلاق تهديداته على حلفاء اميركا داخل سوريا سواء في عفرين او الحسكة، اضافة الى ازعاج واشنطن بطلبه المتكرر بتسليم الداعية فتح الله غولن.

الخطوة الاميركية محكوم عليها بالفشل لا محالة، ولكن الهدف منها في الوقت الحالي ابتزاز دمشق وموسكو وانقرة، ولكن عواقبها ستحدد المستقبل الكردي في سوريا. ولاتزال دمشق تعول على الوعي الكردي الوطني الرافض لخطط التقسيم.

* إبراهيم شير

216-104