دمشق تكسر المحظور ورسائل الدفاعات الجوية باتجاهات عدة

دمشق تكسر المحظور ورسائل الدفاعات الجوية باتجاهات عدة
الثلاثاء ١٣ فبراير ٢٠١٨ - ٠٦:٢٩ بتوقيت غرينتش

يوم العاشر من شباط/فبراير الذي أسقطت فيه الطائرة الإسرائيلية بعد خرقها الأجواء السورية بات يوماً مفصلياً ومرحلة جديدة في تاريخ الحرب السورية، وما قبله ليس كما بعده لأن جميع الخطوط الحمراء التي وضعت أو تم التلميح لها خرقت.

العالم ـ مقالات وتحليلات

الحادثة تشبه إلى حد كبير ما حدث في لبنان عام 2006، أي عندما علم حزب الله بوجود تحرك إسرائيلي لاستهدافه، فباغتهم وقام بعملية الأسر، والأمر نفسه حدث الآن، فعندما علمت الدولة السورية بوجود خطة أميركية إسرائيلية لاستهداف القواعد العسكرية في وسط البلاد تحديداً، فقامت باستدراج الطيران الإسرائيلي لفخ محكم لم ينجوا منه.

إسقاط الإسرائيلية وإعطاب طائرتين لا يمكن فصله أبداً عما جرى في الأيام الأخيرة في الساحة السورية، فمنذ أيام كانت هناك غارة أميركية على قوات عشائر سورية اشتبكت مع ما تسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية" في دير الزور، وهذا الاستهداف قابلته دمشق ببيان شديد اللهجة، وأكدت فيه أن هذه القوات تقاتل "داعش" و"قسد" على حد سواء، وهي المرة الأولى التي تكون بها دمشق صريحة وتؤكد أن "قسد" ستكون الهدف المقبل.

وكانت المعلومات الواردة من سوريا تؤكد أن هناك عملية لتجهيز المطارات العسكرية في حمص والبادية بمنظومات حديثة من الدفاع الجوي للانتقال لمرحلة جديدة في مواجهة أميركا إن دعت الحاجة.

وهنا كان لإسرائيل دور بان تستهدف هذه المطارات تحديداً، وقامت دمشق بجرها إلى الكمين المحكم، لأن إطلاق الصواريخ من فوق الأراضي اللبنانية أو الجولان السوري المحتل، لم تعد تعطي نتيجة، وبات من المحتم على إسرائيل الزج بطائراتها إلى الساحة.

وبحسب مصادر رفيعة في دمشق فإن القيادة السورية قد اتخذت قراراً منذ العام الماضي بإسقاط أي طائرة إسرائيلية قد تخترق أجواء البلاد، ومنذ ذلك الحين لم تدخل أي طائرة، وعندما دخلت الآن كان هذا هو الرد.

إسقاط الطائرة الإسرائيلية له مجموعة أدوار إيجابية لصالح دمشق، أولها أنه أثبت قدرة الجيش وجهوزيته المعنوية والعسكرية للتصدي والدفاع عن البلاد.

أما ثانياً التأكيد على أن القرار الأساسي للدولة السورية هو المواجهة مع إسرائيل، وأن دمشق لم ولن ترضخ للضغوطات الخارجية بالمهادنة، وأنها قد تقبل من روسيا مثلاً التدخل بتعيين وزراء من المعارضة أو تعديل الدستور، ولكن في المواجهة مع إسرائيل فلن تقبل التدخل من أحد، بالإضافة إلى أن زيارات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلى موسكو المتكررة بخصوص هذا الهدف قد فشلت.

ثالثا رسم خطوط حمراء جديدة لإسرائيل، وتغيير قواعد الاشتباك معها، والتي بقيت جامدة طوال اكثر من أربعة عقود.

أما رابعا فتح الباب أمام تصفية المسلحين في الجنوب، ونسف منطقة خفض التصعيد إلا إذا تدخلت موسكو لإنهاء وجود المسلحين مقابل ضمانات من دمشق بعدم التصعيد إن لم تصعد إسرائيل.

وخامسا وهو المهم ضرب التوازن الاستراتيجي في المنطقة.

هذا الانجاز اليوم يحسب دون أدنى شك للدولة السورية، التي استطاعت طوال الأعوام السبعة الماضية، من تطوير منظومات الصواريخ والدفاع الجوي لديها رغم الحرب الضروس التي تخوضها، واستطاعت تقديم هدية لموسكو وهي، بأنها أسقطت طائرة حربية إسرائيلية F16 وهي فخر الصناعة الأميركية بصاروخ روسي، وهو رد على ما قام به المسلحون في إدلب بإسقاط طائرة سوخوي فخر الصناعة الروسية بصاروخ أميركي، وهو أمر مهم جداً لمصانع الأسلحة في العالم.

الأيام المقبلة ستكون حبلى بالمفاجئات على جميع الأصعدة، ولكن أجمل من خبر إسقاط طائرة إسرائيلية، لن يفرح قلب أي مواطن عربي خصوصاً في هذه الأيام التي نعيشها، في ظل تطبيع بعض الأنظمة العربية سراً وعلناً مع الاحتلال الإسرائيلي، واعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة للاحتلال، وفي ظل هذه الأجواء تصر دمشق على المواجهة والمجابهة مع الاحتلال ودعم أي مقاوم يقف بوجهه.

* إبراهيم شير

104