موازين القوى في الميدان السوري تتبدل

موازين القوى في الميدان السوري تتبدل
الجمعة ١٦ فبراير ٢٠١٨ - ٠٥:٣٦ بتوقيت غرينتش

المشهد السياسي في سوريا بات شديد التعقيد والضبابية، موازين القوى تتبدل على الأرض والكفتان الميدانية والسياسية تميلان لصالح محور المقاومة مقابل تخبّط المحور الصهيو-أميركي وأدواته التكفيرية والإرهابية، الأمر الذي يدفعهم أكثر للعب على خطي الحرب والتقسيم، إلا أنه بلا شك ستتحطم هذه المخططات الأميركية على صخرة محور المقاومة.

العالم - مقالات وتحليلات

وفي هذا السياق قال المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي الدكتور طالب ابراهيم لموقع “العهد” الإخباري إنّ “لدى واشنطن وكلاء محليين يؤدون الأدوار القذرة بالنيابة عنها وقد فعلوا فعلتهم في سوريا لكنهم لم ينجحوا بالوصول لشيء، كما أنّه ليس لدى واشنطن استراتيجية مباشرة للعمل في سوريا، وهذا الأمر معروف عنها منذ عقود طويلة، فهناك مقولةٌ شهيرة للرئيس الراحل حافظ الأسد تقول أنّ «مشكلتنا مع السياسة الأميركية أنه لا توجد سياسة لهم في الشرق الأوسط، هناك سياسات اسرائيلية تطبقها الولايات المتحدة»، واليوم هناك سياسات سعودية صهيونية تطبقها الولايات المتحدة و بالتالي سنشهد نهايةً وخيمة لواشنطن فمن كان الديك قائده ستكون نهايته في خم الدجاج.

وأضاف طالب انّ “هذا الأمر ينطبق على الاستراتيجيات الأميركية في المنطقة، إذ أنّ واشنطن لا تكترث لشيء سوى لمصالحها و لا تهتم بأحد من حلفائها و جاء في كتاب ” السياسة الخارجية ” لهنري كيسنجر أنّ “أمريكا تُكيّف مصالحها الاستراتيجية مع توازنات القوى”، وهي وجدت نفسها الآن في مواجهة محور قوي جداً ومواجهته تعني المجازفة بخسارة مصالحها ودورها في المنطقة وإسقاط الطائرة الصهيونية كان رسالة مباشرة مضمونها إسقاط هيبة القوى الجوية الإسرائيلية والأميركية أيضاً، فالطائرة F16 طائرة أميركية الصنع معدلةٌ صهيونياً، بالإضافة إلى كونه قد عكس تحولاً كبيراً في ميزان القوى على الأرض وعندما أُسقطناها تابعنا وسائل الإعلام الغربية والخليجية، وإذا أردنا التعبير عن حالتهم باللهجة العامية السورية نقول أنّ الضربة في تل أبيب و البكاء في واشنطن و عواصم الخليج (الفارسي)  لأنها كانت ضربة كبيرة لها مفاعيلها السلبية عليهم”.

وعلّق طالب حول تصريح الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون حول نية بلاده توجيه ضربة عسكرية لسوريا في حال إستخدمت الحكومة السورية الأسلحة الكيماوية قائلاً إنّ ” السياسة الأوروبية و الفرنسية خصوصاً أصبحت ملحقةً بالسياسة الأميركية منذ أيام الرئيس ساركوزي، و هي تلعب دور كاسحة الألغام السياسية أمام الولايات المتحدة و تتماهى مع سياسات واشنطن بالإجمال”، لافتاً إلى أنّ ” ماكرون يريد إظهار ضفتي حلف شمال الأطلسي على أنهما متناغمين عكس ما كان سائداً بينهما بعد الحرب على العراق حيث كان الصدع واضحاً، لكن ماكرون يريد إمساك العصا من المنتصف لأنه يعلم أنه عاجزٌ عن توجيه ضربة عسكرية لسوريا و لذلك تصريحه ليس أكثر من مجرد لفت انتباه للدور الفرنسي”، متسائلاً بأنّه ” ماذا سيحصل لو تم إسقاط طائرة أميركية في سوريا؟.. بكل تأكيد لن تسقط السماء على الأرض ولن تقوم القيامة وقد أُسقطت من قبل طائرات أميركية في لبنان و كانت يومها الظروف السياسية أعقد بكثير مما هي عليه الآن كما أن روسيا لم تكن متواجدةً بثقل عسكري كبير كاليوم، و لذلك ربما يريد رؤساء أمريكا و باريس اللعب في لعبة الحرب أكثر، و لكن دمشق و حلفاؤها في محور المقاومة يفكرون برأس بارد و قلبٍ حامي تماماً فيما يخص المواجهة الطويلة مع المحور المعادي”.

الحرب دائماً هي استمرارٌ للسياسة لكن بوسائل أخرى و تبدلات الحرب إذا كانت استمراراً للسياسة فإن النتائج ستكون عكسية على العملية السياسية بحسب رأي طالب، الذي أضاف قائلاً إنّ ” المسرح الميداني اليوم مسرحٌ سوري روسي إيراني بامتياز و بالتالي ستكون العملية السياسية سورية روسية إيرانية و ليس لأميركا من وجود أو دور فيها ولذلك نراها تقوم بعرقلة المسار السياسي علّ تغييراً ما سيحصل، و لكن هيهات لهم من الوصول لما يريدون فقد تغيرت قواعد اللعبة اليوم و بصورة كبيرة و محور المقاومة يتطلع بعد هذه السنوات السبع العجاف و التضحيات الهائلة لشرق أوسط عربي إسلامي لا مكان للمشروع الأميركي و الصهيوني و أدواتهم التكفيرية و الإرهابية فيه على الإطلاق”، و شدد طالب على أنّ ” أميركا أرادت من إنشاء داعش أن تتمدد و تسيطر على مناطق ما بين غرب دجلة و شرق الفرات ليشكل عازلاً بين بغداد و دمشق و طهران، يقطع طرق إمداد حزب الله و يؤمّن ممرات الطاقة لواشنطن و حلفائها، و حتى أن هيلاري كلينتون قالت مسبقاً أن أميركا ستعيد تصميم منسوب داعش مما يعني أن المشروع الأميركي لديه خطة بديلة لتقسيم سوريا، لكن حتى إذا ذهبت في هذا الخيار فستصطدم بتركيا حليفها الرئيسي في المنطقة لأن تقسيم سوريا يعني أوتوماتيكياً تقسيم تركيا و العراق و لا أحد يستطيع أن يضمن ما سيجري في الدول المجاورة و هذا ما ستقف ضده روسيا بمنتهى القوة إذ إن موسكو تدعم وحدة الأراضي السورية بموقف ثابت، بالإضافة إلى أنّ جهود و قدرات الجيش العربي السوري و حلفائه في محور المقاومة سواءً على مستويات الحروب المختلفة و العمل الدبلوماسي كفيلٌ بإجهاض المشروع الأميركي”، مؤكداً أنّ ” الأميركيين لم يقتنعوا أنهم ليسوا وحدهم القوة العظمى في العالم و أنهم ليسوا متحكمين في قرار كثير من الدول، و أولهم سوريا التي اصطدموا بصخرتها و أهانتهم و أذلّتهم مما جعلهم في تخبط كبير لا يعلمون ما يفعلون كما أنهم لن يجرؤوا على ارتكاب أي عمل عدواني في ظل الوجود العسكري الروسي و الإيراني الضامن الاستراتيجي لأمان سوريا و جيشها و شعبها و بالتالي ستؤول المشاريع الأميركية إلى لاشئ و كما طردوا عام 82 من لبنان و كما طردوا من العراق سيطردون من سوريا و عليهم أن يعوا هذه الحقيقة”.

علي حسن - العهد

2-10