أزمة التعليم في إفريقيا... تحديات الواقع وآفاق المستقبل

أزمة التعليم في إفريقيا... تحديات الواقع وآفاق المستقبل
الأحد ١١ مارس ٢٠١٨ - ٠٧:٠١ بتوقيت غرينتش

تواجه دول افريقيا أزمة تعليم حادة تقوض النمو الاقتصادي وفرص الرفاهية لمواطنيها. ورغم التقدم الملموس الذي حققته القارة الإفريقية في تعزيز الالتحاق بالمدارس الابتدائية والاعدادية، إلا أنه لا يزال نحو 50 مليون طفل خارج المدرسة، بينما لا يكتسب معظم الملتحقين بالمدارس المهارات الأساسية الضرورية للنجاح في حياتهم المستقبلية.

العالم - افريقيا

ويشير تقرير لصحيفة «مودرن دبلوماسي» الإلكترونية نقلا عن دراسة حديثة للبنك الدولي إلى أن مستويات التعليم متدنية بصورة مفزعة. ومن بين طلاب الصف الثاني الذين تم تقييمهم في اختبارات الحساب في عدد من البلدان الافريقية جنوب الصحراء الكبرى، لم يتسن لنحو 75% من الطلاب الإجابة عن عمليات حسابية بسيطة للغاية، أما مهارات القراءة والكتابة فلا تزال منخفضة للغاية.

ورغم التقدم الذي حققته بعض البلدان - ومن بينها جنوب إفريقيا وزيمبابوي واللتان يوجد بهما تعليم أساسي (الابتدائي والإعدادي) - هناك بلدان أخرى - ومن بينها تشاد وجمهورية افريقيا الوسطي - لا تزال متخلفة فيما يتصل بالتعليم الأساسي بسبب الصراعات والاضطرابات السياسية المستمرة بها. غير أنه وكما يقول التقرير يحصل أطفال الأسر الغنية وأطفال الحضر والبنين في معظم البلدان على مستوى أعلى من التعليم الإعدادي.

ويقول «جوانج شول تشانج» المدير الإقليمي لليونسكو في السنغال: إن ضعف أداء المدارس والمعلمين في افريقيا يعود بالأساس لنظم التعليم المختلة في جميع أنحاء القارة.

وأشار تشانج إلى أن دول جنوب الصحراء ما زالت تسجل أبطأ تطور فيما يتصل بأهداف التعليم العالمي في ظل وجود نحو 33 مليون طفل على الأقل غير ملتحقين بالمدارس، بينما لا يستطيع واحد من كل أربعة شبان القراءة او الكتابة. وقال تشانج: إن المساءلة عن هذه الأوضاع يجب أن تبدأ من الحكومات.

ونوه تشانج إلى أن معظم المدارس في غرب ووسط افريقيا لا تزال تستخدم المناهج الدراسية المستوحاة من المناهج الأوروبية، مشيرا إلى أنها غير مستمدة من الواقع المحلي وغير قابلة للتكيف معه، فضلا عن أنها أفرزت خريجين غير مهيئين لسوق العمل.

وأوضح أن تراكم هذه المشاكل يعود بالدرجة الأولى لعدم وجود أنظمة حكومية مناسبة تسهل صياغة مناهج دراسية مستوحاة من الواقع المحلي للطلاب، بالإضافة إلى انتشار الفساد والرسوم المدرسية المتضخمة. يضاف إلى ذلك عجز الحكومات نفسها عن وضع سياسات تكفل تخصيص موارد كافية لقطاع التعليم في افريقيا لتسهيل التعلم الجيد في المدارس.

ويقول «خايمي سافيدرا» مدير قطاع التعليم في البنك الدولي: إن توفير تعليم أساسي عالي الجودة للأطفال في كافة دول افريقيا هو ضرورة اقتصادية، فضلا عن كونه حتمية أخلاقية. وأشار إلى أن الدراسة تقدم نظرة واقعية بشأن أزمة التعليم في افريقيا وآفاق حلها. وأكد أن الشباب الأفارقة لديهم القدرة على تغيير وجه المنطقة وخلق تحول اقتصادي مستمر، شريطة أن يكونوا مزودين بالمهارات والقدرات الضرورية.

وتضع الدراسة خطوات ملموسة مرتكزة على أربعة مجالات ذات الأولوية، وهي: توفير التعليم الأساسي للجميع وبمعايير جودة عالية، ضمان كفاءة إدارة العملية التعليمية ودعم المعلمين، زيادة مخصصات التعليم المالية، وتعزيز القدرات المؤسسية.

كما تحث الدراسة على تطوير دعم المدرسين، ولا سيما ما يتصل بعمليات التوظيف والإعداد والتوزيع والإشراف والدعم على المستوى المدرسي. وينبغي أن تعالج السياسات معدلات الغياب المرتفعة ونقص المعارف والمهارات لدى المدرسين، مع التركيز على برامج إعداد المعلمين على نحو أفضل وأكثر فعالية، فضلا عن مواصلة دعمهم أثناء العمل ومنحهم الحوافز المالية الملائمة.

ووفقا للدراسة التي أجريت في 2014، فقد أنفقت الحكومات الإفريقية ما يقدر بـ204 دولارات امريكية لكل طالب في المرحلة الابتدائية، أي أقل من نصف المبلغ الذي تنفقه دول منطقة جنوب آسيا، وهي المنطقة التي لديها مستويات إنفاق متدنية على التعليم. وفي هذا الصدد تدعو الدراسة إلى رفع مستويات الإنفاق شريطة أن توجه إلى المواد التعليمية والبنى التحتية وتدريب المعلمين.

  • أحمد عبدالفتاح - اليوم

208