ما الذي يتم إعداده لغزة في "الكواليس"؟

ما الذي يتم إعداده لغزة في
الأربعاء ١٤ مارس ٢٠١٨ - ٠٢:٥٣ بتوقيت غرينتش

تتقاطع وقائع على الأرض مع ما يرشح عن تجهيزات إعلان صفقة القرن، أمور تزيد من ضبابية المشهد في قطاع غزة، خاصة في ظل تشابك الملفات وتعقيداتها.

العالم - فلسطين

فالحادث الميداني الذي ضرب القطاع، بمحاولة استهداف موكب رئيس الوزراء الحمد الله وما طرحه من تساؤلات حول المستفيد منه، خاصة في ظل خروج الحمد الله مسرعا باحثا عن التمكين الأمني لحكومته، يأتي في ظل تحركات ميدانية أخرى للوفد الأمني المصري في قطاع غزة لم تعلن نتائجها أو ماهيتها، ويتزامن مع ما يعلن في واشنطن عن حديث إعمار القطاع، وما يتم ترتيبه من تجهيزات للكشف عما يعرف بـ"صفقة القرن".  

تسارع الأحداث وتشابكها فيما بينها يجعل المتابع يقف مشدوهاً كالحليم الذي أمسى حيراناً، لمحاولة الفهم، فخلط الأوراق والمواقف غير الغامضة توحي بأنّ شيئا ما يتم طبخه على نارٍ هادئة بعيداً عن أعين الجائعين، خاصة في ظل إعلان بعض وسائل الإعلام العبرية مطلع الأسبوع الجاري عن انتهاء الإدارة الأمريكية من وضع نقاط وبنود صفقة القرن، فيما ذكرت القناة السابعة العبرية، أنّ "إدارة الرئيس ترمب تبحث عن طريقة لعرض بنود الصفقة دون إثارة غضب الفلسطينيين".

مؤتمر إغاثة غزة

مؤتمر دعم غزة لا يأتي ودًّا وحبًّا فيها، فقرار الإدارة الأمريكي استضافة مؤتمر لإغاثة غزة في البيت الأبيض عقد مساء أمس الثلاثاء بمشاركة ١٩ دولة عربية وأجنبية بينها "إسرائيل" يضع الكثير من التساؤلات.

كيف لدولة الاحتلال التي كانت تعارض وبشدة إعمار غزة عبر آليات إدخال مواد البناء العقيمة، وإغلاق المعابر وغيرها، تحوِّل موقفها بشكل مفاجئ، الأمر الذي أكّد من خلاله المحلل السياسي نائل عبد الهادي أنّها محاولة لتجميل وجه الإدارة الأمريكية قبيل الإعلان عن بنود وشروط الصفقة.

فيما يشير المحلل أيمن الرفاتي، إلى أنّ جميع التحركات التي تجري حول قطاع غزة من قضايا المصالحة الفلسطينية، والتمهيد لما بعد الرئيس عباس، تشير إلى أن هناك ثمة جهات تحاول ترتيب الوضع الفلسطيني ليكون مناسباً لتطبيق الرؤية الأمريكية في حل القضية الفلسطينية، وإنهاء الصراع لصالح دولة الاحتلال.

"إذن ماذا تريد واشنطن من غزة"؟ هذا السؤال العريض طرحه "المركز الفلسطيني للإعلام" على المحلل عبد الهادي، حيث سبق دعوة مؤتمر الإدارة الأمريكية الكثير من التصريحات الأمريكية و"الإسرائيلية" بشأن الوضع الإنساني والسياسي للقطاع.

وقال عبد الهادي إن "كل ما تسعى إليه الإدارة الأمريكية هو أن يكون للسلطة قدم للحكم في قطاع غزة ولو بشكل جزئي، ففي ظل رفض السلطة المشاركة في مؤتمر إغاثة غزة،  وصل رئيس حكومة التوافق رامي الحمد الله برفقة رئيس جهاز المخابرات الفلسطيني ماجد فرج إلى قطاع غزة في زيارة غير معلنة، وصفت بالغريبة بطباعها وبشخوصها والمهام الموكلة إليها.

ويضيف المحلل عبد الهادي في هذا الإطار، أنّ ما وصفها بـ"مسرحية محاولة اغتيال رامي الحمد الله بالأمس، كانت جزءا من محاولة السلطة لإفشال هذا المؤتمر، حيث إنها تريد أن تربط ذلك بتمكينها الأمني بغزة".

وعقب عودته إلى رام الله، تحدث الحمد الله صراحةً لوسائل الإعلام، وطالب حركة "حماس" بتسليم الأمن الداخلي في قطاع غزة للسلطة الفلسطينية.

غزة وصفقة القرن

السلطة الفلسطينية تقول بملء الفم أنّها غير راضية عن بنود صفقة القرن، لكن المحلل أيمن الرفاتي يؤكّد لـ"المركز الفلسطيني للإعلام" أنّ هناك موافقة مبدئية من السلطة بالصفقة بضغوط إسرائيلية" وهو ما وافقه فيه المحلل عبد الهادي.

ويشير عبد الهادي، إلى أنّ السلطة ربما أرادت في "مسرحية محاولة اغتيال الحمد الله" تفعيل المزيد من الضغوطات على غزة، للقبول بالسلطة وبوجودها، وتحرير أي مشروع دولي من خلالها.

ويتفق المحللون، على أنّ السلطة تسعى إلى خلط الأوراق الداخلية في هذه المرحلة، من أجل تمرير ما اتفقت عليه مع أمريكا و"إسرائيل" والسعودية، حيث تعطل مشروع المصالحة الفلسطينية الذي قدمت له حركة "حماس" أكثر مما توقع الجميع.

في حين أنّ مشروعها السياسي اصطدم بالحائط، ولا تريد السلطة أن تخسر ما امتلكته من امتيازات لشخوصها بالإقدام على حل السلطة مثلاً، كحالة من الرفض لما تطرحه الإدارة الأمريكية.

الرفاتي يضيف: "مما لاشك فيه، أن قطاع غزة يمثل حجر عثرة كبير أمام السياسيات الأمريكية الهادفة لإنهاء القضية الفلسطينية، وهو يمثل أكبر تكتل شبه مستقل ومسلح للفلسطينيين، وبالتالي فإنّ أي حل للقضية لا يمكن أن يمر دون موافقة غزة أو تحييدها على الأقل في المرحلة الحالية".

ويسانده في الرأي عبد الهادي، بقوله؛ "إنّ السلطة تعمل جاهدة للضغط على "إسرائيل" من أجل تشديد الخناق على حماس بغزة لتطويعها، فيما تتهرب بالاتجاه الآخر من الضغط المصري من ناحية استحقاقات المصالحة، وتعمل على إرجاء ذلك لحين الإعلان عن بنود صفقة القرن".

الدور المصري

ويتفق الرفاتي وعبد الهادي، أنّ مصر التي تعدّ وسيطاً أمنياً في اتفاقية سياسية، لها أهدافها الخاصة، ويضيف عبد الهادي: "مصر تعمل على الوصول إلى إتمام صفقة تبادل أسرى مع "إسرائيل" بوساطتها، ومن جهة تعمل على تهديد عباس بدحلان، والمهم بالنسبة لها، عدم وجود أي دور تركي أو قطري في غزة، والتفرد بإدارة الحلبة السياسية بغزة وفق التناقضات الموجودة".

ويعتقد المحللون، أنّ "إسرائيل" لا تخشى موقف السلطة من صفقة القرن، ولكن خشيتها الأكبر من انفجار قطاع غزة في أعقاب الإعلان عن بنود الصفقة.

ولا زالت الفصائل الفلسطينية تتحدث عن إمكانية الانفجار في قطاع غزة في ظل الأزمات المتزايدة والمتراكمة في القطاع، والتي وصلت إلى حدود غير مسبوقة، الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية لتولي مؤتمر إغاثة غزة من أجل تمرير الصفقة بعد اعتقادها أنّ سكانها أصبحوا منهكين، ويريدون الطعام والشراب والأمور السياسية تأتي لاحقاً.

خلاصة الأمر، أنّ "إسرائيل" تدرك بشكل واضح، أنّها الرابح الوحيد من صفقة القرن، حيث يقول عبد الهادي إنّها تريد تمرير هذه الصفقة بأقل الخسائر الممكنة؛ خصوصا على الحلبة الفلسطينية.


المركز الفلسطيني للإعلام