التحالف السعودي ـ الإماراتي يقيل ريك تيلرسون !!!

التحالف السعودي ـ الإماراتي يقيل ريك تيلرسون !!!
الجمعة ١٦ مارس ٢٠١٨ - ٠٧:٠٨ بتوقيت غرينتش

العالم - السعودية

يبلغ الخطاب الاعلامي الفذ عند فرسان النخبتين السعودية والإماراتية مبلغاً عجيباً في رعونته حين يذهبون إلى التطبيل لإقالة وزير الخارجية الأمريكي ريك تيلرسون من باب النكاية بقطر ، فعلى صفحاتهم التويترية أقاموا الأفراح وهللوا وباركوا لأنفسهم إحتفالاً بهذه المناسبة السعيدة ، وكما لو أن وراء إقالة تيلرسون إرادة سعودية ـ إماراتية ، لا إرادة أمريكية ، فقد راحوا بخيلاء المنتصرين يعددون الأسباب التي أدت إلى (طرده) من الخارجية الأمريكية، وبالطبع كانت جلّ الأسباب الدافعة لهذه الإقالة بحسب هؤلاء الجهابذة تنحصر في موقفه الذي إعتبروه منحازاً لقطر في الإزمة الخليجية الراهنة !.

فهذا المحلل الإستراتيجي الإماراتي الفلتة أو الطفرة العبقرية ضاحي خلفان يفتي قائلاً (وزير الخارجية الأمريكية الذي أقيل أسقطته توقيعاته في قطر ..) ، وذاك الفطحل الأدهى منه علماً ومعرفة وحِكمة عبد الخالق عبدالله مستشار محمد بن زايد يحلق في أقاصي فضاء الأستذة السياسية جازماً بأن عيال زايد هم من جندلوا الوزير تيلرسون من علياء الخارجية الأمريكية (التاريخ سيذكر أن دولة خليجية كان لها دور في طرد وزير خارجية دولة عظمى ، وهذا قليل من كثير) . أما نظرائهم من إعلاميي النخبة السعودية فلم يكونوا أقل ذكاءً منهم ، إذ يماحك الكاتب السعودي في جريدة الشرق الأوسط سلمان الدوسري القطريين على طريقة الصبيان المتناكفين قائلا (المصائب لدى الجار لا تأتي فرادى) في إشارة منه إلى إقالة تيلرسون وكأنها مصيبة داهمت قطر، ومثله يذهب زميله عضوان الأحمري إلى القول جذِلاً (تغييرات مهمة وفي توقيت مهم ، وقعه سيء على من راهنوا على تراخي تيلرسون وتهاونه مع قطر) ، وعلى نفس المنوال غرد ويغرد الكثيرون من الإعلاميين السعوديين ، لنخلص معهم ومن خلالهم إلى أن إدارة ترامب قد أقالت ريك تيلرسون لا لشيء إلا نزولا عند رغبات حلفائها في السعودية والإمارات وإن بديله القادم (مايك بومبيو) لم يأت إلا لينفذ مهمة محددة بأن يكون وبالاً ونقمة على القطريين وغير القطريين ممن يناصبونهم العداء، وكأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تعدو أن تكون جُرماً سماوياً صغيراً يدور حول قطب الرحى السعودي ـ الإماراتي ، ترسم سياساتها بالقلم السعودي ـ الإماراتي وتمحو قراراتها بالممحاة السعودية ـ الإماراتية ، تعزل هذا الوزير الطالح وتنصّب مكانه ذاك الوزير الصالح بوحي سعودي ـ إماراتي ! .

إلى هذه الحال المزري من السُخف والسطحية والضحالة يصل مستوى التحليل السياسي عند أفذاذ الخطاب الإعلامي السعودي والإماراتي ، فمع أنهم على دراية تامة بكيفية وآلية صُنع القرار الأمريكي إلا أنهم بوازع من تخمتهم النرجسية البترودولارية ينكرون على الإدارة الأمريكية إستقلالية قراراتها السيادية كدولة ديمقراطية عظمى ذات قواعد مؤسّسية تقليدية راسخة وعريقة ، متوهمين بأن هداياهم وعطاياهم الجزيلة للأمريكان ستمكنهم من الإستئثار بالقرار الأمريكي ، وهذه هي البلاهة بعينها ولحمها وعظمها ، البلاهة التي تستمد ديمومتها من غطرسة المال السياسي فتشط في تصوراتها الخرقاء بأنها تستطيع أن تشتري كل الناس بمن فيهم القادة الأمريكان بكل ما توارثوها وجُبلوا عليها من مباديء وتقاليد وأحكام وقواعد دستورية ناظمة يخضعون هؤلاء القادة على أساسها للمسائلة والمكاشفة والمراقبة والمحاسبة لكنها من المحال أن تخضع للمساومة والمقايضة والبيع والشراء كما هو الحال في شرقنا المبتلى بالأنظمة المستبدة ، المهترئة ، المرتشية ، الفاسدة المفسدة .

فيا لبؤس خطاب إعلامي غارق حتى أذنيه في أوحال جنون العظمة البترودولارية إلى الدرجة التي تدفع بأحد رجالات عيال زايد إلى المفاخرة الرعناء بما أسماه دور دولته بطرد وزير خارجية دولة عظمى من منصبه !.

مهند بتار