مفاجآت الانتخابات

مفاجآت الانتخابات
الخميس ٢٢ مارس ٢٠١٨ - ٠٨:٥٧ بتوقيت غرينتش

لم تكن القوى السياسية تتوقع وجود هذا القدر من الخبايا في ​قانون الانتخابات​ الجديد. يجزم مطّلعون أن النواب الذين شاركوا في صنع القانون النسبي وتقسيماته في ​لبنان​، "لم يدرسوا حجم التغييرات التي ستطال كتلهم النيابية من خلال اعتماد القانون الجديد".

العالم_مقالات وتحليلات

كانت الكتل آنذاك درست النتائج المتوقعة للقانون على قياسها، لكنها لم تتعمّق بما فيه الكفاية الى حد تبيان حجم الاختراقات التي يمكن أن تحصل في صفوفها جرّاء القانون الجديد. يقول نواب شاركوا في اعداد الصيغة الحالية للقانون الانتخابي، أنهم فوجئوا بما تخبئ النسبية في كل دائرة.

لم يكونوا على علم بتلك السيناريوهات التي تحتّم فوز مرشح على حساب آخر بسبب حاصل الكتلة والكسور التي ترفع من اسهم نجاح مرشح نال أقل من آخر، لكنه ارتقى الى مرتبة الفوز بسبب الحاصل الذي نالته لائحته، وحوّلته نائباً على حساب مرشح آخر.

تخضع تلك الصيغة لحسابات طائفيّة، من خلال تقسيم الحصص على الطوائف عملاً بما هو معمول به في لبنان بتوزيع النواب على اساس طائفي-مذهبي. هنا يتميز لبنان سلباً عن غيره من الدول، فتزيد الصيغة المعمول حالياً من حجم المفاجآت في النتائج.

تلك المتغيرات هي التي دعت ضمناً كتلاً نيابية للترحّم على أيام سريان القانون الأكثري. ما يزيد الأمر سوءاً، غياب ثقافة الصيغة الحزبيّة بشكلها المطلوب في لبنان، ما اضطر كتلاً للتنازل عن محازبيها وضم شخصيات ورجال اعمال وفعاليات مستقلة الى لوائحها، بسبب القدرات الانتخابية اللوجستية والتمثيلية والماليّة. حصل التنازل عند معظم الأحزاب والقوى، التي أجرت دراسات أظهرت حاجتها الى أصوات ترفع من الحاصل الانتخابي لمنع الخروقات في صفوفها.

المفاجآت طالت مرشحين حزبيين طاروا من اللوائح، وأجبروا على الانسحاب لصالح شخصيات مستوردة من خارج التركيبة الحزبية، بحجة رفد اللائحة بأصوات جديدة. أو تحت عنوان، المقعد معرض للخسارة، فلا بأس بخسارة مرشح غير حزبي. تلك الحسابات هي التي أبعدت مثلاً النائب نبيل نقولا لإدخال مرشح من خارج صفوف التيار "الوطني الحر" بديلاً منه.

نفس الحسابات منعت أركان قوى "٨ آذار" في الشمال من ضم المرشح كمال الخير الى لائحة يشكّلها الوزير السابق فيصل كرامي خوفاً من فوز الخير على حساب أساسيين في اللائحة، ما إضطر الخير الى استيلاد لائحة بديلة بالتعاون مع قوى أخرى في طرابلس-المنية-الضنية، ما يعني زيادة حجم المفاجآت في النتائج الانتخابية.

ذات السيناريوهات فرضت أن يشكّل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي لائحة لا تضم مرشحين من التموضعات السياسية التقليدية. تتعدد الامثلة، لكن الأهم هو حجم المتغيّرات في التحالفات، وفرض تقارب او تباعد بين القوى تختلف بين دائرة وأخرى. مشهد سوريالي. أقل ما يمكن وصفه.

تيار "المستقبل" حليف "​القوات​" في دائرة بعلبك-الهرمل، لكنه خصمه في دائرة زحلة. "البرتقالي" حليف "الازرق" في زحلة، لكنه لم ينخرط معه في دائرة ​البقاع الغربي​. "الثنائي الشيعي" حليف التيار "الوطني الحر" في دائرة بعبدا، لكن الفريقين يتنافسان في معظم الدوائر. "المستقبل" يوزّع أصواته في الشمال بين القوى المتخاصمة.

رغم تلك السيناريوهات في التحالفات، تتوقع مراكز الدراسات ان تحمل النتائج مفاجآت لم يتوقعها أي فريق، والتي قد تحمل مرشحاً مغموراً الى الفوز على حساب آخر. انها لعبة الحواصل والنسب والصوت التفضيلي متشابكة مع بعضها.

فهل تفرض التموضعات الجديدة نتائج مغايرة تبعاً لكل دائرة؟ هذا ما يتوقعه الباحثون. لكن اكبر المفاجآت قد تحلّ جرّاء تغيّر المزاج الشعبي الذي لم يتعرض للقياس الفعلي منذ انتخابات 2009.

النشرة

ALI-2