أربعة احتمالات وراء قرار ترامب المفاجئ بسحب قواته من سوريا

أربعة احتمالات وراء قرار ترامب المفاجئ بسحب قواته من سوريا
السبت ٣١ مارس ٢٠١٨ - ٠٦:٤٣ بتوقيت غرينتش

“بشرنا” الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه سيسحب قواته الأمريكية من سوريا في القريب العاجل لأن بلاده أنفقت في منطقة الشرق الأوسط أكثر من سبعة تريليونات دولار ولم تحصل على شيء في المقابل.

العالم - مقالات وتحليلات 

الذريعة التي يستخدمها لتبرير هذه الخطوة هي تمكن قواته من القضاء على “الدولة الإسلامية”، ولكن الحقيقة مغايرة لذلك تماما، فليس قواته التي هزمت “دولة الخلافة”، وإنما تحالف مكون من العديد من الدول الأخرى يصل إلى ستين دولة على رأسها روسيا وسوريا والعراق وإيران وفرنسا وبريطانيا والقائمة تطول.
أمريكا تسحب قواتها من سوريا، للسبب نفسه الذي جعلها تنسحب قبلها من العراق، أي تلقي هزيمة كبرى بعد حرب استنزاف مادية وبشرية لم تستطع تحملها، ولا بد أن الرئيس ترامب التاجر الذي يتعاطى مع الأمور بميزان الربح والخسارة، ويؤمن بلغة الأرقام، أصبح يدرك أن حربا باتت وشيكة ستستهدف قواته في سوريا (2000 جندي)، وفي العراق (5500 جندي) ولن تستطيع إدارته الفوز فيها.
الحرب الروسية السورية القادمة ستستهدف المناطق التي تتمركز فيها القوات الأمريكية شرق الفرات، وبالتحديد تلك التي تتواجد فيها احتياطات النفط والغاز السورية، وبدأت الاستعدادات من قبل منظمات عراقية، من بينها “الحشد الشعبي” لشن عمليات ضد القوات الأمريكية الموجودة على أرض العراق، بعد أن جرى سحب ذريعة القضاء على “الدولة الإسلامية” أو “داعش” منها.
المعلومات التي أدلى بها الرئيس ترامب عن خطط الانسحاب هذه ما زالت ضئيلة ويكتنفها الكثير من الغموض، فوزارة الخارجية الأمريكية نفت علمها بمثل هذه الخطط، وريكس تيلرسون، وزيرها السابق، أكد أن القوات الأمريكية ستبقى لوقت طويل في سوريا فما الذي جرى حتى يغير الرئيس ترامب رأيه بهذه السرعة؟ وإذا كانت وزارة الخارجية لا تعلم بهذه الخطط.. فمن يعلم بها إذا، بنيامين نتنياهو أم جاريد كوشنر؟
النقطة الأخرى اللافتة في تصريحات ترامب المذكورة تلميحه أنه سيترك “المهمة في سوريا إلى الاخرين”، دون أن يحدد من هم هؤلاء.. هل هم الروس والإيرانيون؟ أم الأتراك؟ أم دول مجلس التعاون مثل السعودية وقطر والإمارات؟
هناك عدة تفسيرات أو احتمالات تقف خلف هذا التوجه للرئيس ترامب:
 
 الأول: أن يكون الرئيس الأمريكي قرر فعلا تنفيذ سياساته وبرامجه الانتخابية التي أوصلته إلى السلطة وعنوانها الأبرز الانطواء داخليا، والانسحاب من التدخلات العسكرية الخارجية ووضع مصالح الشعب الأمريكي فوق كل اعتبار وفق شعاره “أمريكا أولا”.
 الثاني: أن يكون ترامب يخطط لفتح جبهة عسكرية أخرى ربما تكون في إيران بعد إعلان نواياه الانسحاب من الاتفاق النووي، ولهذا لا يريد أن تتحول قواته في سوريا، وربما العراق إلى لقمة سائغة للميليشيات في حال اندلعت الحرب مع إيران.
 الثالث: حدوث نوع من اتفاق المقايضة بين القوتين العظميين، أي روسيا وأمريكا، على “مقايضة ما” بتبادل مناطق النفوذ، أي تترك أمريكا سوريا لروسيا التي تملك اليد العليا فيها، مقابل صمت الأخيرة على تواجدها في العراق أو دول أخرى في المنطقة.
 الرابع: توصل إدارة ترامب إلى اتفاق مع تركيا لسحب قواتها (الأمريكية) المتواجدة في شمال سوريا (مناطق كردية) على طول الحدود بين البلدين (سوريا وتركيا)، مما يسهل لعملية “غصن الزيتون” التركية التقدم في المنطقة دون أي صدام مع القوات الأمريكية.

في ظل شح المعلومات حول خطوة ترامب هذه تبدو مهمة ترجيح أي من هذه الخيارات في قمة الصعوبة، لكن كشف ترامب عن خسارة بلاده سبعة تريليونات دولار دون الحصول على أي مقابل يوحي بأن إدارته تعترف بالهزيمة وتريد تقليص الخسائر أو وقفها.. وهذا لا يعني أن الاحتمالات الأخرى، وخاصة التصعيد ضد إيران، يجب استبعادها في جميع الأحوال.
ترامب يطبخ “طبخة ما” في سوريا والمنطقة بشكل عام، ومساعده، أو مستشاره الأول فيها بنيامين نتنياهو، وسنشم رائحة بطريقة أو بأخرى في الأسابيع والأشهر المقبلة، وما علينا إلا الانتظار.

* “رأي اليوم”