الإتفاق النووي الإيراني وترامب و”عقدة أوباما”

الإتفاق النووي الإيراني وترامب و”عقدة أوباما”
الأربعاء ٢٥ أبريل ٢٠١٨ - ٠٧:٥٩ بتوقيت غرينتش

بات واضحا حتى لاعضاء الادارة الامريكية الحالية ، ان الرئيس الامريكي دونالد ترامب شخص متقلب وانفعالي وغير متزن ولا يمكن اخذ ما يقوله في اي قضية على انه القول الفصل ، فالرجل يقول رأيا سرعان ما ينكره او يناقضه برأي آخر ، وكثيرا ما يهدد ، دون ادنى مبرر ، وسرعان ما يتراجع عن تهديده ، دون ادنى مبرر ايضا ، ويمكن الاشارة بسهولة الى كم هائل من هذه التناقضات في مواقف ترامب خلال فترة رئاسته التي لم تتجاوز العام ونصف العام.

العالم - مقالات وتحليلات

المراقبون الذين يتعاملون “بجدية” مع تصريحات وتغريدات وتهديدات ترامب اليومية والمتناقضة ، برروا تلك التناقضات على انها “استراتيجية ترامبية” تُفقد “العدو” القدرة على التنبوء بمواقف ترامب .

هذا التبرير رغم تفاهته الا ان المبررين كانوا مضطرين لاعتماده من اجل ابعاد “شبح” الشخصية المتناقضة وغير المتزنة والنزقة عن رئيس دولة تزعم انها اكبر دولة في العالم ، ولولاها لاختلط الحابل بالنابل في العلاقات الدولية!.

يمكننا الدخول الى “عالم ترامب” من خلال موقفه من الاتفاق النووي بين ايران ومجموعة 5+1 ، الذي يعتبر موقفا عدائيا الى حد العمى ، ولكن من دون ان يقدم مبررا منطقيا واحدا لموقفه هذا من اجل اقناع اقرب حلفائه الاوروبيين ، الذين كانوا ومازالوا يعتمدون على تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، كمعيار وحيد لمدى التزام ايران بالاتفاق ، وهي تقارير اكدت جميعها دون استثناء ، من سوء حظ ترامب طبعا ، التزام ايران الكامل بالاتفاق.

هناك من يعتقد ان سبب العداء الاعمى لترامب للاتفاق النووي ، يعود الى حقده المرضي على سلفه باراك اوباما ، الذي توصلت امريكا في عهده الى هذا الاتفاق ، فترامب ، ولاسباب شخصية وحتى عنصرية ، يسعى بكل ما اوتي من قوة لنسف تراث اوباما من التاريخ الامريكي  ، الامر الذي يفسر عزله حتى صقور ادارته الذين رفضوا مماشاته في موقفه من الاتفاق النووي ، لعلمهم ان لا بديل منطقيا لهذا الاتفاق.

العالم بأجمعه لا يرى بديلا للاتفاق النووي ، الا ترامب ، ولكن لو تمعنا جيدا نرى انه حتى ترامب ليس لديه بديلا للاتفاق ، الا ان الاسباب التي ذكرناها هي التي تدفعه الى اطلاق التهديدات والمواقف الاستعراضية ضده ، الامر الذي جعل ماكرون وماي وميركل وكل زعماء اوروبا تنتابهم الحيرة في كيفية التعامل مع هذا المهووس.

يعتقد ترامب تحت ضغط “عقدة أوباما” ، ان بامكانه من خلال  الضغط على الاوروبيين ، ان يحذف توقيع سلفه اوباما من على الاتفاق النووي ويضع مكانه توقيعه الهستيري ، بينما فاته ان العالم لا يمكنه ان يضع مصيره بيد رجل يتعامل مع الاتفاقيات والقضايا الدولية الحساسة ، بطريقة صبيانة تتقاذفها الاهواء الشخصية  والنوازع المرضية.

ليس مستبعدا ان يخرج ترامب من الاتفاق النووي في 12 يناير القادم ، ولكن هذا الخروج  سيتحول الى كابوس ينغص على ترامب حياته خلال ما تبقى له من اعوام في البيت الابيض ، والاسباب:

-موقف ايران الحازم والقاطع من تهديدات ترامب ، حيث اتفقت القيادة الايرانية على استئناف التخصيب بسرعة استثنائية وبمعدلات اعلى ، دون الاعتناء بعنتريات ترامب ولا بعنتريات صقور ادارته.

-العالم اجمع وفي مقدمته العالم الغربي سوف ينظر الى امريكا بانها دولة لا تحترم تعهداتها ، وتتعامل مع اخطر القضايا الدولية بسطحية وعدم مسؤولية.

-امريكا ستعزل نفسها عن العالم وحتى عن اقرب حلفائها.

-سيكون من الصعب على ترامب ان يُقنع كوريا الشمالية بانه جاد في تسوية برنامجها النووي عبر الوسائل السياسية ، فامريكا ترامب لم تحترم اتفاقا دوليا شاركت في صياغته على مدى عقد من الزمن وصادق عليه مجلس الامن الدولي.

-من الذي يضمن لكوريا الشمالية ، في حال فرضنا جدلا توصلها الى اتفاق مع ترامب ، ان تلتزم به الادارة الامريكية التي ستاتي بعد ادارة ترامب الى البيت الابيض.

-على ترامب ان يتحمل ارتقاع اسعار النفط التي ستشهد قفزة على وقع تهديداته وعنترياته لايران ، لمنعها من استخدام حقها في الطاقة النووية للاغراض السلمية.

ماجد حاتمي / شفقنا 

109-2