جبهة "النصرة" وجولة جديدة من الهزيمة

جبهة
السبت ٢٨ أبريل ٢٠١٨ - ٠٥:٣١ بتوقيت غرينتش

اتفاق جديد لوقف اطلاق النار وُقّع بتاريخ 24-4-2018 بين “هيئة تحرير الشام” (جبهة النصرة) وبين “جبهة تحرير سوريا” (حركة احرار الشام وحركة نور الدين زنكي).

العالم - مقالات

وقد اشتمل الاتفاق على ست نقاط هي التالية:

1- انهاء الاقتتال مع تثبيت الوضع على ما هو عليه.
2- وقف الاعتقالات وفتح الطرقات ورفع الحواجز وعودة المهجرين.
3- وقف التحرش الاعلامي المتبادل.
4- اطلاق سراح المعتقلين من الطرفين وفق برنامج يتفق عليه.
5- تشكيل لجنة تنضم للجنة الوساطة لمراقبة سير تنفيذ الاتفاق.
6- البدء بمشاورات موسعة للوصول الى حل شامل: عسكري، وسياسي، واداري وقضائي.

اتفاق وقف اطلاق النار هذا ليس الأول، فقد سبقته اتفاقات عدة منذ أن بدأ الاقتتال بين الطرفين نهاية شهر شباط الماضي، حيث كانت هذه الاتفاقات تنهار واحدا تلو الآخر. معظم الاتفاقات السابقة كانت تنص على عودة الأمر الى ما كانت عليه، وكان يعني ذلك ضرورة اعادة “جبهة النصرة” للمناطق التي سيطرت عليها بعد كل اقتتال، وهذا ما لم يكن يحدث. وقد عبر أكثر من طرف من الأطراف المعارضة “لهيئة تحرير الشام” عن استيائها من مماطلات “الهيئة” في تنفيذ الاتفاقات، قبل أن تقوم الهيئة بنفسها لاحقا بخرقه عبر عمليات عسكرية جديدة.

ما يميز هذا الاتفاق الجديد، أنه لأول مرة ينص على تثبيت الأمور على ما هي عليه الآن. وذلك يعني في مفهوم الاتفاقيات، تثبيت المكاسب التي حصل عليها كل فريق منذ الاقتتال.

ومن المعلوم أن “هيئة تحرير الشام” كانت قد خسرت مناطق هامة وحيوية أمام اندفاعات “جبهة تحرير سوريا” ما يشير الى أن نص الاتفاق يمثل قبول “جبهة النصرة” بهزيمتها “المحدودة”. وربما تعبّر هذه النقطة عن نوع من المعادلة أن ما خسرته “النصرة” في الجولات الأخيرة سيكون مقابل ما كسبته سابقا.

لكن يبقى السؤال الأساس الى أي مدى سيصمد هذا الاتفاق الجديد؟

من الضروري الاشارة الى أن خلفيات الاقتتال تتعلق بنقطتين أساسيتين:

النقطة الأولى: تتعلق بالمعابر والمناطق التي تحتوي على ايرادات مالية للجماعات المسلحة كمناطق توزيع المياه والكهرباء والمحاصيل الزراعية وما الى ذلك.

النقطة الثانية: ترتبط بمخاوف لدى “هيئة تحرير الشام” من أن تتحول الفصائل الأخرى الى أدوات لتفكيك “الهيئة” سواء عن طريق درع الفرات أو غيره.

وعلى الرغم من أن هجمات “هيئة تحرير الشام” السابقة لم تكن تقع تحت عنوان المخاوف بقدر ما كانت تحت عنوان السيطرة والهيمنة، فان التحولات التي شهدتها الساحة السورية أدت الى نوع من التغيير في أهداف “الهيئة” لا سيما مع ظهور معالم اتفاقات روسية-تركية تنظر اليها “الهيئة” بعين من الريبة.

هذه التحولات وضعت “هيئة تحرير الشام” بين كفي كماشة: الجيش السوري وحلفاؤه من جهة، وطوابير من الجماعات المسلحة بينها وبين “الهيئة” صفحات سوداء من القتل والقمع والطرد والاقصاء وهي ( أي هذه الفصائل) تنتظر الفرصة السانحة “للانتقام” من كل ممارسات “هيئة تحرير الشام” بحقهم.

ربما يصمد هذا الاتفاق، لكن الأرجح أنه لن يصمد طويلا نظرا للتعارض الجذري بين مصالح هذه الجماعات، ليكون هذا الاتفاق مجرد “هدنة محارب” قبل جولة جديدة ربما ستكون هي الاعنف، والتي سيسبقها على الاغلب عمليات اغتيال لطالما كانت “هيئة تحرير الشام” تمارسها بين هدنة وأخرى.

محمد محمود مرتضى / العهد

109-1