بعد اتفاقات الداخل..الجيش السوري إلى أين؟

بعد اتفاقات الداخل..الجيش السوري إلى أين؟
الخميس ٠٣ مايو ٢٠١٨ - ١١:٢٦ بتوقيت غرينتش

يتقدم الجيش السوري وحلفاؤه بسرعة في محيط دمشق للقضاء على “داعش”، بالإضافة إلى إنهاء جميع البؤر التي يسيطر عليها المسلحون في الداخل السوري، وذلك عبر ضغط عسكري يترافق مع تهديدات بالحسم، ومفاوضات يجريها الجانب الروسي لإخراج المسلحين إلى إدلب أو جرابلس، وتجنيب المناطق الداخلية مزيداً من الدمار والضحايا، في مناطق ساقطة عسكرياً.

العالم - مقالات

لعل اللافت أن “تواضع” الضربة الثلاثية التي قامت بها كل من فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وعدم تأثيرها على القوة العسكرية للجيش السوري، بدت محفزاً إضافياً للمسلحين للقبول بشروط الاتفاقات التي يعرضها الجانب الروسي، خصوصاً بعدما أدركوا أن أي دولة خارجية لن تنجدهم لا في مجلس الأمن ولا عسكرياً، وأنهم تُركوا لمصيرهم ولم يبقَ أمامهم سوى الاستسلام أو الرحيل.

والسؤال الذي يطرح نفسه على بساط البحث: إلى أين سيتجه الجيش السوري وحلفاؤه بعد الانتهاء من عقد تلك الاتفاقات وتحرير ماتبقى من المناطق الداخلية من قبضة المسلحين؟

إجابة على هذا السؤال، يبدو أمام الجيش السوري 3 جبهات كبرى يمكن أن يتقدم نحوها:

الخيار الأول: إدلب، وقد أعلن أحد القادة الإيرانيين في وقت سابق بعد اتفاق دوما، أن الوقت قد حان اليوم للتوجُّه صوب إدلب لتحريرها من الإرهابيين.. وكان الرئيس بوتين قد حدد أن عام 2018 سيكون عام القضاء على”جبهة النصرة”؛ كما كان 2017 عام القضاء على”داعش”، لكن خيار التوجُّه إلى إدلب قد يصطدم بالموقف التركي الرافض، علماً أن الروس والإيرانيين والسوريين يعوّلون على بقاء الجانب التركي ضمن الضامنين لاتفاقات استانة، مايعني أن أي توجُّه إلى إدلب يجب أن يحظى بموافقة تركية مسبقة.

الخيار الثاني: مناطق “قسد”: شهدت الأيام الماضية توتراً في دير الزور، حيث قام الجيش السوري وحلفاؤه بالانتقال إلى الضفة الشرقية لنهر الفرات، والسيطرة على قرى كانت تسيطر عليها “قسد”، ما لبث أن أعلن الأميركيون و”قسد”استعادتها من الجيش السوري.

هذه المحاولات الدائمة لعبور نهر الفرات تشير إلى أن السوريين لن يقبلوا ببقاء هذه المناطق خارج سيطرة الدولة. إن وجود الأميركيين في تلك المنطقة يجعل من الصعب التوجه لخيار عسكري تقليدي لتحريرها، بل يمكن الضغط على الأميركيين للانسحاب منها كما وعد ترامب، وذلك عبر عمليات من الداخل، على أني كون الخيار العسكري بعد الانسحاب وليس قبله، وبغض النظرعن القوى التي ستأتي لتحل مكان القوات الأميركية في المنطقة.

الخيار الثالث: الجنوب السوري: يحكم هذه المناطق خط أحمر”إسرائيلي”على تقدُّم أي من القوات الموالية لإيران أومستشاريها إلى الحدود مع الجولان المحتل. إن الوصول إلى مناطق الجنوب السوري وسيطرة الجيش السوري على الحدود السورية – الأردنية يشكّل متنفساً اقتصادياً لسورية والأردن ولبنان بالدرجة الأولى،وذلك لأن فتح معبر نصيب الحدودي سيعيد التجارة بين تلك الدول، خصوصاً بعدما باتت جميع المناطق السورية الداخلية آمنة لنقل البضائع.

أمر آخر يزيد في أهمية التوجُّه إلى مناطق الجنوب السوري، هو التهديد الإيراني بالردّ على الاعتداءات “الإسرائيلية” المستمرة على قواتهم في سورية، وقد يشكّل تحرير الجنوب السوري من قبضة المسلحين ومنع “إسرائيل” من تشكيل حزام أمني كانت تطمح إليه في تلك المناطق لإبعاد سيطرة الجيش السوري وحلفائه عن حدودها، ومنع تشكّل أي جبهة مقاومة سورية تشبه المقاومة التي نظمها حزب الله في الجنوب اللبناني.. قد يشكّل تحرير هذه المناطق ضربة كبرى لـ”إسرائيل”، وتكون بمنزلة الردّ الإيراني الذي توعّدت به إيران رداً على استفزازات “إسرائيل”لإيران داخل سورية، وعلى قصفها مطار “تيفور” وبعض المواقع الإيرانية العسكرية في الداخل، والتي راح ضحيتها عدد من المستشارين الإيرانيين.

إذاً، خيارات ثلاث أمام الجيش السوري وحلفائه، يبقى اثنان منها (إدلب والجنوب السوري) الأكثر ترجيحاً، وصعوبة في الخيار الثالث (مناطق قسد) بسبب حساسية وجود القوات العسكرية الأميركية في الشمال الشرقي السوري، وعدم رغبة أي طرف بالاصطدام العسكري المباشر مع الأميركيين، خصوصاً بعد إعلان ترامب رغبته بالانسحاب، مع مايترتب عليه ذلك من فراغ استراتيجي تستطيع دمشق وحلفاؤها ملأه بسهولة.

ليلى نقولا / الثبات

109-1