عطوان: إلغاء ترامب للاتفاق النووي إعلان حرب

عطوان: إلغاء ترامب للاتفاق النووي إعلان حرب
الأربعاء ٠٩ مايو ٢٠١٨ - ٠١:٥٧ بتوقيت غرينتش

إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني هو بمثابة إعلان حرب، والخطوة الأولى والرئيسية لمخطط تغيير النظام في طهران، بالطريقة نفسها التي جرى من خلالها تغيير أنظمة في العراق وليبيا وغرانادا، وتحت عنوان أسلحة الدمار الشامل، كيماوية كانت أو نووية.

العالم  ـ مقالات وتحلیلات

كان واضحاً، ومنذ أن قدم بنيامين نتنياهو عرضه البلهواني حول وثائق قال إنها إيرانية وتثبت اختراق الاتفاق النووي، أن إدارة الرئيس ترامب وصقورها، يحضرون لإلغاء الاتفاق، والانتقال إلى سيناريو فرض العقوبات لتجويع الشعب الإيراني، على غرار نظيره العراقي، لتركيع النظام من خلال فرض شروط تعجيزية مهينة عليه كمقدمة لتركيعه ونزع كل مخالبه، وأنيابه، والإطاحة به، أو اجتثاثه في نهاية المطاف.

***

رفض الاتحاد الأوروبي لهذه الخطوة الأميركية الابتزازية، وتمسك دوله الرئيسية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بالاتفاق، والتأكيد على التزام إيران بجميع بنوده، يعطي صك براءة للحكومة في طهران، ويعزز موقفها، ويدين في الوقت نفسه إعلان الحرب الأميركي وما يمكن أن يترتب عليه من مخاطر وكوارث على المنطقة والعالم.

ترامب ينفذ ما يريده بنيامين نتنياهو وحكومته حرفيا، وتحول إلى أداة لتحقيق مطالبه في شن عدوان على إيران، وتحشيد بعض حكومات دول الخليج الفارسي خلفه، وإغراق المنطقة في بحر جديد من الدماء، وتوظيف كل ما تبقى في خزانتها من دولارات في تغطية نفقات هذا العدوان.

لا نعرف طبيعة الرد الإيراني حتى كتابة هذه السطور، لكن بالقياس لرد الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد خطاب ترامب واعتباره بمثابة "حرب نفسية" وتهديده باستئناف تخصيب اليورانيوم، بالإضافة إلى تصريحات المرشد العام السيد علي خامنئي، ومستشاره الأعلى علي ولايتي، فإن إيران لن تقبل بالتفاوض على تفكيك الاتفاق وتدمير برامجها الصاروخية، وستعود إلى تخصيب اليورانيوم، وبمعدلات عالية، فالهدف من أي مفاوضات سيكون تدمير جميع برامجها النووية والباليستية وتحويل إيران إلى دولة سياحية.

الرئيس ترامب رفض الاستماع إلى كل شركائه الأوروبيين الذين نصحوه بعدم الإقدام على هذه الخطوة، لأنه لا يستمع إلا لنتنياهو وصهره جاريد كوشنر، وسفيره في تل أبيب ديفيد فريدمان، ورموز التطرف والعنصرية وكراهية الإسلام والمسلمين جون بولتون، مستشار الأمن القومي، ومايك بومبيو، وزير الخارجية.

***

إنها الحرب إذن، ونحن أبناء المنطقة من العرب والمسلمين يراد لنا أن نكون ضحاياها ومموليها، ولكنها لن تحقق أهدافها في هذا المضمار، وستكون إسرائيل التي سعت إليها، وتآمرت من أجلها، ووظفت القوة الأميركية الأعظم في العالم في خدمة مخططاتها، الخاسر الأكبر، ومعها كل الذين يقرعون طبول الحرب باسمها في منطقة الخليج الفارسي.

قلناها في السابق، ونكررها حاليا، بأن إسرائيل لن تخرج من هذه الحرب سليمة معافاة، والسيد حسن نصر الله كان ناصحاً أميناً عندما نصح اليهود المستوطنين في الأراضي المحتلة بالرحيل للنجاة بأرواحهم، لأن الحرب إذا اندلعت لن تنفعهم الملاجئ ولا ترسانة حكومتهم التي تقذف بهم إلى التهلكة.

إيران ليست الخطر الذي يهدد أمن وسلامة المجتمع الدولي، وإنما إسرائيل التي تحتل الأرض وتمارس القتل يوميا، وأميركا التي تتبناها ومخططاتها التدميرية.. وعندما يكون خيارنا بين أميركا واسرائيل من ناحية، ومحور المقاومة من ناحية اخرى، فان خًيارنا لن يكون الخندق الأميركي الاسرائيلي.. وقولوا ما شئتم فكلمة الحق يجب أن تقال.. والحياة وقفة عز.

* عبد الباري عطوان ـ رأي اليوم (باختصار)

104