العلاقات بين ايران ولبنان علامة بارزة بتطورات 2010

السبت ٠١ يناير ٢٠١١ - ١١:٠٧ بتوقيت غرينتش

شهدت العلاقات الرسمية بين ايران ولبنان تطورا بارزا خلال العام الميلادي المنصرم، باعتبارها ترجمة عملية للسياسة الانفتاحية التي اتبعتها القيادة الايرانية في علاقاتها الخارجية لا سيما مع الدول العربية والاسلامية.وفي سياق سياستها الانفتاحية وتطبيقا لمواقفها المبدئية الثابتة في مساندة للشعوب العربية والاسلامية ودعم قضاياها المحقة، ضخت ايران دما جديدا في عروق علاقاتها الرسمية مع لبنان الى جانب علاقاتها الشعبية، واعطتها زخما اضافيا العام الماضي، حيث شهد الخط الجوي بين طهران وبيروت وبالعكس حركة مكثفة لطائرات الوفود الرسمية المتبادلة وعلى مستويات رفيعة جدا.

شهدت العلاقات الرسمية بين ايران ولبنان تطورا بارزا خلال العام الميلادي المنصرم، باعتبارها ترجمة عملية للسياسة الانفتاحية التي اتبعتها القيادة الايرانية في علاقاتها الخارجية لا سيما مع الدول العربية والاسلامية.

 

وفي سياق سياستها الانفتاحية وتطبيقا لمواقفها المبدئية الثابتة في مساندة للشعوب العربية والاسلامية ودعم قضاياها المحقة، ضخت ايران دما جديدا في عروق علاقاتها الرسمية مع لبنان الى جانب علاقاتها الشعبية، واعطتها زخما اضافيا العام الماضي، حيث شهد الخط الجوي بين طهران وبيروت وبالعكس حركة مكثفة لطائرات الوفود الرسمية المتبادلة وعلى مستويات رفيعة جدا.

 

واستهلت هذه الحركة بزيارة قام بها معاون الرئيس الايراني ورئيس المنظمة الوطنية للشباب في ايران مهرداد بذرباش الى بيروت في كانون الثاني / يناير من عام 2010 على راس وفد رسمي كبير ضم 69 شخصية برلمانية وسياسية وثقافية وعلمية واعلامية وفنية وشبابية ورياضية.

 

واعلن بذرباش ان احد الاهداف الاساسية لزيارته للبنان هو تاكيد عزم ايران على تعزيز العلاقات الثنائية مع لبنان في مختلف المجالات الاقتصادية والثقافية والسياسية، مجددا وقوف ايران الى جانب لبنان في مواجهة التهديدات الاسرائيلية.

 

وكان من ثمار هذه الزيارة اطلاق فعاليات اسبوع الصداقة اللبناني - الايراني التي افتتحها بذرباش مع وزير الشباب والرياضة اللبناني علي عبد الله، وتضمنت جلسات حوارية بين 120 شابا وشابة مناصفة بين البلدين، وامسيات موسيقية، ومعارض صور فوتوغرافية واعمالا يدوية واختراعات وابتكارات الكترونية في قصر الاونيسكو، اضافة الى تنظيم زيارات لمواقع اثرية متعددة في مختلف المناطق اللبنانية.

 

وشكلت زيارة بذرباش بداية طيبة بين البلدين لتبادل الزيارات الرسمية على مستوى الوزراء والنواب الى جانب زيارات غير اعتيادية لوفود من جمعيات ومنظمات اهلية مختلفة ورجال اعمال كبار بين البلدين، مهدت لتوسيع العلاقات على اكثر من صعيد.

 

واستمرت هذه الزيارات على وتيرتها الى ان وصل غضنفر ركن ابادي الى بيروت في 17 ايار/ مايو الماضي، سفيرا جديدا لايران خلفا للسفير محمد رضا شيباني، ليطلق سياسة منفتحة باتجاه جميع اللبنانيين، ويعلن ان ايران تقف على مسافة واحدة من الجميع، ويؤكد حرصها على توطيد العلاقة مع لبنان وعلى مختلف المستويات.

 

وفور شروعه في مهامه في بيروت وعقب تسليمه اوراق اعتماده بدا السفير ركن ابادي ترجمة عملية لتصريحاته التي كانت سبقته الى بيروت فزار مختلف القيادات اللبنانية بدون استثناء بما في ذلك قيادات فريق 14 من اذار التي كانت لها مواقف سلبية جدا من ايران، ناقلا لهذه القيادات وجهة نظر بلاده من التطورات الحساسة على الساحة اللبنانية.

 

واكد عدم تدخل بلاده في اي شان داخلي لبناني، ومكررا دعم ايران لقضايا لبنان المحقة وفي مقدمها المقاومة في مواجهة الاعتداءات والاخطار الاسرائيلية التي تهدد لبنان وشعبه ووحدة اراضيه.

 

واعرب ركن ابادي عن حرص بلاده على الوحدة الوطنية اللبنانية وهو لذلك اضاف عبارة الحكومة الى معادلة الشعب الجيش والمقاومة لتصبح على الشكل التالي: الشعب والجيش والمقاومة والحكومة، في اشارة واضحة الى تاييد ايران ودعمها لحكومة الوحدة الوطنية في لبنان ومكررا في كل مناسبة او لقاء مع القيادات اللبنانية تاييد ايران ومساندتها لكل ما يتوافق عليه اللبنانيون.

 

ولم يستثن السفير ركن ابادي في جولاته على القيادات اللبنانية سوى رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، وذلك على خلفية استمرار قضية الدبلوماسيين الايرانيين الاربعة الذين اختطفتهم هذه القوات وسلمتهم بعد ذلك الى الكيان الاسرائيلي الذي انكر حتى اليوم وجودهم لديه رغم الادلة والقرائن المختلفة التي اكدت انهم لا يزالون محتجزين في سجونه.

 

وكان من نتائج السياسة التي اتبعها السفير ركن ابادي ان قام العديد من القيادات اللبنانية في فريق 14 اذار بزيارة مقر السفارة في بيروت وكان من ابرز هؤلاء رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط، ورئيس حزب الكتائب اللبنانية امين الجميل.

 

وزادت سياسة ركن ابادي من مصداقية التوجهات الايرانية في انفتاحها على القيادات اللبنانية، وهو قدم لكل من التقاه دعوة رسمية لزيارة ايران من مختلف القوى سواء في الموالاة او في المعارضة، وقد لبى معظمهم هذه الدعوات ومن المتوقع ان يلبي الباقون في الايام المقبلة وفي مقدمهم النائب وليد جنبلاط الذي يزور طهران في القريب العاجل على ان يتبعه بعد ذلك رئيس حزب الكتائب امين الجميل واخرون.

 

ومن ابرز الوفود الايرانية التي زارت لبنان هذا العام الوفد الذي مثل قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد علي خامنئي في مراسم تشييع العلامة الراحل السيد محمد حسين فضل الله في تموز / يوليو، وكان على راسه امين عام مجلس صيانة الدستور اية الله احمد جنتي ومستشاره الشيخ محمد علي التسخيري والامين العام للمجمع العالمي لاهل البيت الشيخ محـمد حـسن اختـري.

 

وتوجت حركة الزيارت المتبادلة بين الوفود الرسمية الايرانية واللبنانية بزيارة تاريخية للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد الى لبنان في 13 تشرين الاول/ اكتوبر الماضي على راس وفد رسمي كبير ضم عددا من الوزراء والشخصيات السياسية والاقتصادية ورجال الاعمال.

 

وكانت هذه الزيارة احد ابرز الاحداث التي شهدها لبنان خلال هذا العام ومحط انظار ومتابعة ليس على المستوى المحلي او الاقليمي فحسب بل على المستوي الدولي والعالمي، واربكت الكيان الاسرائيلي الذي عبر عن حنقه وشدة غيظه وغضبه بتهديدات علنية على لسان اكثر من مسؤول فيه باغتيال احمدي نجاد الذي لم يكتف بادارة ظهره لهذه التهديدات فحسب، بل تحدى قادة كيان الاحتلال بزيارة جريئة الى جنوب لبنان متفقدا المناطق الحدودية المتاخمة لفلسطين المحتلة، وخاصة البلدات التي شهدت اعنف المواجهات بين المقاومة وقوات الاحتلال الاسرائيلي في عدوان تموز 2006.

 

واقيمت للرئيس الايراني الاحتفالات والاستقبالات الشعبية في اكثر من محطة جنوبية كان ابرزها واكثرها حشدا في مدينة بنت جبيل وفي بلدة قانا.

 

وفيما كان وهج هذه الزيارة ما زال متقدا على خط العلاقات الايرانية- اللبنانية قام رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي بزيارة رسمية لطهران على راس وفد رسمي كبير ضم سبعة وزراء وشخصيات سياسية وادارية ورجال اعمال، واستمرت ثلاثة ايام توجها بلقاء مع اية الله خامنئي.

 

وجاءت زيارتا الرئيس الايراني رئيس الوزراء اللبناني لتعبرا افضل تعبير عن المدى الذي بلغته العلاقات الثنائية بين البلدين في تطورها، لا سيما انهما اثمرتا عن توقيع 25 اتفاقية وبروتوكولا للتعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، منها 16 اتفاقية وقعت في بيروت و 9 اتفاقيات وقعت في طهران.

 

واعلنت ايران استعدادها لتسليح الجيش اللبناني بكل ما يحتاجه في دفاعه عن لبنان وفي مواجهة التهديدات والاعتداءات الاسرائيلية التي تستهدفه، وذلك بناء على طلب مباشر من الرئيس اللبناني ميشال سليمان.

 

واعلن وزير الدفاع واسناد القوات المسلحة العميد احمد وحيدي ان بلاده على استعداد تام لتجهيز الجيش اللبناني بوسائل دفاعية، انطلاقا من ان لبنان يعتبر من الدول الصديقة للشعب الايراني.

 

كما اسهمت هاتان الزيارتان في التخفيف من حدة التوتر الذي كانت تشهده الساحة اللبنانية، خصوصا ان الزيارتين جاءتا في توقيت سياسي حمل دلالات هامة، وقد ادتا الى اخماد نار الفتنة التي حاولت اطراف معادية اشعالها في لبنان، وشكلتا دعما اضافيا للجهود التي تبذل على اكثر من صعيد لحل الازمة اللبنانية الى جانب ما ستؤول اليه الاتفاقيات الموقعة من تعاون لمصلحة البلدين والشعبين.

 

وكان من ثمار هاتين الزيارتين تشكيل لجان مشتركة، لمتابعة تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، اللذين اتفقا ايضا على تشكيل غرفة تجارية مشتركة ايرانية- لبنانية.

 

واعرب رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في مقابلة صحفية عن تطلعه الى ان ترتقي العلاقات اللبنانية الايرانية الى مستوى العلاقات التاريخية بينهما، معتبرا ان العلاقات الحالية على المستوى الرسمي لا تزال اقل من طبيعية رغم ما شهدته من تطور ملحوظ خلال زيارتي احمدي نجاد للبنان والحريري الى طهران، مشددا على وجوب ان تدخل الاتفاقيات الثنائية بين البلدين حيز التنفيذ لان هناك مسافة كبيرة بين توقيع الاتفاق وبين تنفيذه.

 

واعرب بري عن امله في ان تكون زيارة الحريري لطهران عاملا اساسيا واستعدادا حقيقيا لتنفيذ الاتفاقيات التي هي لمصلحة لبنان وايران وهي خطوة ايجابية لا شك ولكن العبرة دائما في التنفيذ.

 

بدوره، اعلن الحريري موقفا مماثلا قبل توجهه الى طهران اكد فيه ان العلاقات بين لبنان وايران علاقات تاريخية، وتعود في جانبها الاجتماعي والثقافي الى زمن بعيد قائلا: العلاقات السياسية فاننا نتطلع الى ان تكون علاقات بين دولتين تحترم كل منهما سيادة الدولة الاخرى.

 

واعتبر الحريري ان زيارة الرئيس احمدي نجاد الى لبنان كانت مناسبة لتعزيز علاقات الدولة اللبنانية ومؤسساتها بالدولة الايرانية ومؤسساتها وفرصة للبحث المعمق في المصالح المشتركة بيننا.

 

بدوره، اثنى وزير الخارجية اللبناني علي الشامي على السياسة المنفتحة التي تتبعها ايران حيال لبنان عبر سفيرها ركن ابادي والتي تشمل كل الاطراف اللبنانية بما فيها فريق 14 اذار.

 

واكد الشامي ان من شان هذه السياسة ان تعزز العلاقات الثنائية اكثر فاكثر، معتبرا انها تعبر عن احترام زائد للديمقراطية اللبنانية من قبل بلاده وهذا جيد جدا.

 

وراى ان توقيع اكثر من 25 اتفاقية للتعاون الثنائي بين ايران ولبنان هذا العام هو تاكيد على ان تطوير وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين يجري على كل المستويات.

 

واعلن ان الخارجية اللبنانية قامت بدورها كاملا في ما يتعلق بهذه الاتفاقيات ويبقى على بقية الوزارات الاخرى ان تحسم امرها بالسرعة اللازمة لتحويل هذه الاتفاقيات الى مجلس الوزراء ومن ثم احالتها الى مجلس النواب للتصديق عليها، من اجل ادخالها حيز التنفيذ.

 

وقال: نحن لا نريد ان نؤكد فقط حرصنا على العلاقات اللبنانية-الايرانية، بل نريد ان نعمل على تطويرها وتعزيزها بشكل مستمر.

 

وفي السياق نفسه، راى وزير العمل اللبناني بطرس حرب ان لبنان له علاقات ومصالح مع الدولة الايرانية، ومن الطبيعي ان يسعى لبنان الى ضبط هذه العلاقات في اطار بروتوكولات واتفاقيات بين الدولتين، وبذلك نكون قد قطعنا خطوة نوعية كبيرة جدا في تطوير العلاقات بين لبنان وايران.

 

واعتبر حرب ان هذه العلاقة من شانها ان تؤمن مصالح البلدين وتفتح المجال لازدهار اقتصادي وتمتين العلاقات السياسية والدبلوماسية، لاسيما وان لبنان يحتاج الى مساندة الدول الكبرى في المنطقة مثل ايران.

 

بدوره، اكد رئيس حزب الكتائب امين الجميل ان لعلاقات الايرانية-اللبنانية كانت منذ القدم علاقات ممتازة، انطلاقا من ان ايران دولة كبرى ومؤثرة في المنطقة ولها صداقات قوية جدا على الساحة اللبنانية تشمل معظم مكونات المجتمع اللبناني.

 

وراى الجميل العلاقات اللبنانية -الايرانية شهدت تطورا ملحوظا على مستوى المؤسسات وصفه بانه نقلة نوعية، معلنا انه يشجع هذا التطور ويحبذه، وان وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ (من حزب الكتائب) لعب من خلال مشاركته في زيارة الحريري لطهران دورا في تعزيز العلاقات بين حزب الكتائب والدولة الايرانية.

 

الى جانب ذلك، ساهمت ايران من خلال سفيرها في بيروت ركن ابادي وبصمت في الجهود العربية الهادفة الى حل الازمة اللبنانية الناشئة عن المحكمة الدولية الخاصة بقضية اغتيال رفيق الحريري، وكشف عن هذه المساهمة اللقاء الثلاثي الذي عقد في مقر السفارة السورية في بيروت وضم السفير السوري علي عبد الكريم ، والايراني غضنفر ركن ابادي، والسعودي على عواض العسيري.

 

وقد شكل هذا اللقاء مظلة عربية اسلامية للتسوية التي شارفت على خواتيمها والتي سيتم الاعلان عنها قريبا، لوضع حد نهائي لهذه الازمة وللتوترات القائمة في لبنان منذ اكثر من 5 سنوات.