أمريكا تستهدف الإتحاد الأوروبي كما تستهدف إيران

أمريكا تستهدف الإتحاد الأوروبي كما تستهدف إيران
الثلاثاء ٢٩ مايو ٢٠١٨ - ٠٥:٣٦ بتوقيت غرينتش

 الموقف الشاذ الذي اتخذه الرئيس الامريكي دونالد ترامب من الاتفاق النووي ، وتهديده الشركات الاوروبية بعقوبات قاسية اذا ما تحدت حظره على ايران ، زاد من اعتقاد قادة الاتحاد الاوروبي بوجود ارادة امريكية مصممة علي اضعاف وحتى تفتيت الاتحاد ، بأي وسيلة كانت.

العالم - مقالات

استهان ترامب بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ورئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي ، عندما تجاهل مناشداتهم بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي الذي التزمت به ايران ، وكذلك رفضه لدعواتهم بالسماح للشركات الاوروبية العاملة في ايران بمواصلة نشاطها وعدم فرض العقوبات عليها.

العديد من الخبراء في العلاقة بين ضفتي الاطلسي ، اكدوا ان ترامب يستهدف اوروبا ويعمل على زرع الفتنة بين دولها بذريعة النووي الايراني ، اكثر من استهدافه ايران ، الامر الذي ساهم في زيادة حدة التوتر بين امريكا ترامب والاتحاد الاوروبي ، وهو توتر ادخل العلاقة بين الجانبين في نفق مظلم.

كما يرى هؤلاء المراقبون ، ان الموقف الاوروبي القوي من الالتزام بالاتفاق النووي وعدم التفريط به ، لا يعود مرده حصرا الىي الحفاظ على الاتفاق النووي فقط ، بل ان اوروبا تسعى من خلال موقفها هذا الظهور بمظهر المتحد والمستقل والسيد امام امريكا التي تحاول النيل من الاتحاد الاوروبي.

محاولات اضعاف الاتحاد الاوروبي من قبل الامريكيين لاسيما من قبل المعسكر اليمبني المتطرف ، اصبحت اكثر وضوحا منذ تولي ترامب وفريقه المتطرف السلطة في البيت الابيض ، فجميع ادارة ترامب من المناهضين للاتحاد الاوروبي وعلى راس هؤلاء ترامب ومستشاره للامن القومي جون بولتون.

ترامب واليمين الامريكي المتطرف لا يرى في الاتحاد الاوروبي شريكا ، بل منافسا اقتصاديا وتجاريا في حال تعززت وحدة الاتحاد ، الامر الذي يفسر دعم ترامب لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي وتشجيعه الدول الاوروبية الاخرى ان تحذو حذو بريطانيا ، من اجل مفاوضة هذه الدول كلا على حدة وليس في اطار تكتل اقتصادي قوي.

انسحاب ترامب من اتفاقية باريس الدولية للمناخ، التي فاوض عليها الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما الدول الصناعية وفي مقدمتها اوروبا ، وانسحابه من الاتفاق النووي الذي فاوض عليه اوباما اليى جانب القوى الخمس الكبرى في العالم مع ايران ، وكذلك تهديده الاتحاد الاوروبي بفرض ضرائب على الفولاد والالمنيوم والسيارات الاوروبية المصدرة الى امريكا ، وقبل كل هذا وذاك استهزائه بحلف الناتو واعتباره منظمة عفى عليها الزمن ، كلها اجراءات ومواقف تؤكد ان ادارة ترامب تستهدف قوة ووحدة الاتحاد الاوروبي قبل كل شيء اخر ، تجسيدا لشعاره 'امريكا اولا'.

تنقل وسائل الاعلام الاوروبية عن غاي فيرهوفشتات، السياسي البلجيكي، قوله إن الأوروبيين كانوا دائماً يعتقدون أن أمريكا تقف إلى جانبهم في كل الملفات ، لكن الوضع تغير مع دونالد ترامب ، فهذه اول مرة في التاريخ يرغب رئيس أمريكي بانهيار الاتحاد الأوروبي.

رغم ان الاتحاد الاوروبي استشعر الخطر الامريكي عندما وقفت امريكا الى جانب موجة صعود حركات اليمين المتطرف في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وبولندا وهولندا والمجر ، الا انه لم يحرك ساكنا ، حتى وصل الامر بالرئيس الامريكي دونالد ترامب ان يعيد نشر تغريدات للعنصريين الاوروبيين ومن بينهم البريطانيين ، الامر الذي اثار حفيظة البريطانيين الذين توعدوا بتنظيم تظاهرات احتجاجية حاشدة على زيارة الاخير لبلادهم.

يبدو ان انسحاب امريكا من الاتفاق النووي وتهديدها الشركات الاوروبية بالعقوبات لمنعها من العمل في السوق الايرانية ، كان القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة للاتحاد الاوروبي الذي اخذ يستشعر الخطر الامريكي وبقوة ، لذلك بدأ في الاعلان وبصراحة انه لن ينسحب من الاتفاق وانه سيحمي شركاته من التهديد الامريكي ، وانه لم يعد يسمح لامريكا ان تكون الشرطي الاقتصادي للعالم.

الزيارة الاخيرة للرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لروسيا حملت اكثر من دلالة ، فقد اعلن ماكرون اهمية تعزيز العلاقات بين الاتحاد الاوروبي وروسيا باعتبارها دولة اوروبية ، دون ان يتطرق خلال الزيارة للموضوع الاوكراني ، مشددا على اهمية تعزيز امن واستقرار اوروبا ، كوحدة جغرافية وسياسية واقتصادية مميزة.
المصدر : شفقنا

109-4