مدينة "درنة".. معارك ضارية وأعمال انتقامية

مدينة
الأحد ١٠ يونيو ٢٠١٨ - ٠٨:١٧ بتوقيت غرينتش

مع توغلها في مدينة درنة المحاصرة منذ أكثر من سنة في شرقي ليبيا، تستمر قوات خليفة حفتر فی عملیاتها العسكرية للسيطرة علي هذه المدينة الإستراتيجية، في حين يدفع القصف العنيف مئات المدنيين إلى النزوح.

العالم- ليبيا

وقد اجتاحت قوات حفتر تحت غطاء من القصف الجوي والمدفعي عدة أحياء، وهي تخوض مواجهات مع "قوة حماية درنة" التي تشكلت مؤخرا بعد حل مجلس شورى مجاهدي درنة.

وقتل العشرات من قوات ما يعرف بعملية الكرامة التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر في اشتباكات عنيفة مع قوة حماية درنة في محيط درنة التي تتعرض منذ بداية الشهر الجاري لمحاولات اقتحام لا تزال تُجابه بمقاومة ضارية.

وفي المقابل، اعلنت مواقع تابعة لتنظيم القاعدة عن مقتل ثلاث قيادات للتنظيم بينهم عمر رفاعي سرور (المفتي الشرعي لما يسمى "مجلس شورى لمجاهدي درنة") خلال المواجهات التي دارت في منطقة شيحا الشرقية 9 يونيو 2018.

درنة.. هي مدينة استراتيجية

تقع درنة على ساحل البحر المتوسط في شمال شرق ليبيا يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط ومن الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر. ويشطر المدينة مجري الوادي إلى شطرين وهذا الوادي يسمى وادي درنة وهو أحد الأودية الكبيرة المعروفة في ليبيا وهي المركز الإداري لبلدية درنة وقد اشتهرت المدينة بموقعها وبأحراشها الجبلية حيث تسقى بمياه عذبة تتدفق إليها عبر قنوات الساقية من نبعين غزيرين أحدهما يعرف باسم عين البلاد، والثاني باسم عين بومنصور وهذا تنحدر مياهه من ربوة عالية إلى مسيل الوادي يسمى الشلال أو شلال بومنصور.وتكتسب مدينة درنة أهمية استراتيجية في معركة قوات حفتر مع المسلحين شرقي البلاد، نظرا لموقعها على الساحل الشرقي للبلاد، بالإضافة إلى قربها من الحدود مع مصر.

وقد اندلعت اشتباكات يوم أمس بين قوات حفتر ومقاتلي قوة حماية درنة في شارع مسجد الصحابة بوسط المدينة، وذكرت مصادر أن الاشتباكات كانت عنيفة وسمعت أصداؤها في أرجاء واسعة من المدينة، واستعملت فيها قوات حفتر المدفعية الثقيلة.

وادعى المتحدث باسم ما يعرف بالجيش الوطني أحمد المسماري لوكالة أسوشيتد برس إن قواتهم سيطرت على أكثر من 75% من المدينة المحاصرة منذ سنوات في هجوم يتم من عدة محاور.

قوات حفتر تكبد حتى الآن نحو مئة قتيل

ووفق ناشطين من درنة، فإن ما يعرف بالجيش الوطني الليبي تكبد حتى الآن نحو مئة قتيل، كما قتل العديد من أفراد قوة حماية درنة، خاصة بسبب الغارات الجوية.

نزوح السكان وأعمال انتقامية

وتقول المصادر، إن بعض الأحياء التي سيطرت عليها قوات حفتر شهدت أعمالا انتقامية شملت اعتقال خطباء الجمعة، وجرى نقل هؤلاء إلى سجن قرنادة الواقع جنوب مدينة شحات، مشيرا إلى أن هذا السجن سيئ الصيت حيث تشرف عليه أجهزة أمنية تابعة للنظام السابق لها سجل حافل بالانتهاكات.

كما بث مقطع فيديو يظهر فيه عناصر من قوات حفتر وهم يمثلون بجثة مقاتل من قوة حماية درنة.

أكبر موجة نزوح للمدنيين منذ بدء الهجوم

ويوم أمس تم إجلاء 320 عائلة من أنحاء عدة من المدينة واقعة تحت القصف أو شهدت حرب شوارع، مشيرا إلى أنها أكبر موجة نزوح للمدنيين منذ بدء الهجوم على درنة مطلع الشهر الماضي.

الأمم المتحدة تدق ناقوس الخطر في درنة

قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة قبل ايام، إن القتال في مدينة درنة شرقي ليبيا وصل إلى حد غيرِ مسبوق، من خلال الغارات والقصف الذي يستهدف مناطق سكنية.

وأضاف المكتب أن هناك نقصا حادا في الطعام والدواء بالمدينة، وإن خدمات الماء والكهرباء قطعت كليا عن أكثر من 125 ألفا من سكان درنة، التي تحاصرها قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر منذ يوليو/تموز 2017.

حفتر .. مدعوم من مصر والإمارات والسعودية

كما شنت مصر التي تدعم قوات حفتر عدة هجمات جوية على درنة ضد ما وصفتها بأنها معسكرات تدريب ترسل "متشددين" إلى أراضيها، لكن معظم الضحايا كانوا من المدنيين.

من جانب أخر، تدعمان الإمارات والسعودية قوات حفتر في هجومها علي درنة.

يذكر أن درنة يسيطر عليها تحالف من إسلاميين ومعارضين قدامى يعرف باسم "مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها".

سيطرة "جماعة أنصار الشريعة" على المدينة

وسيطرت "جماعة أنصار الشريعة" القريبة من تنظيم القاعدة على المدينة، بين عامي 2011 و 2014. وفي نهاية عام 2014 استولى عليها مسلحون انشقوا عن الجماعة وبايعوا تنظيم داعش الإرهابي.

وتزامن ذلك مع تشكيل مسلحين مقربين من القاعدة، تحالفا تحت اسم "مجلس شورى المجاهدين"، بذريعة محاربة تنظيم داعش، واستهداف قوات الجيش الوطني الليبي.

و مع استمرار الهجمات علي المدينة وتقدم قوات حفتر المدعومة عربياً و اقليمياً ، يبدو ان هزيمة  "قوة حماية درنة" هي مسألة وقت.

محمد حسن القوجاني - قناة العالم