انتخابات لبنان 2018 .. اختلافات وتناقضات

انتخابات لبنان 2018 .. اختلافات وتناقضات
الأحد ١٠ يونيو ٢٠١٨ - ٠٧:١٣ بتوقيت غرينتش

مما لا شك فيه ان هذا الإستحقاق يشكل إنجازا كبيرا للبنان لكن من المجحف حقا مقارنة هذا الإستحقاق بما سبقه في السنوات المنصرمة ، فهذه الإنتخابات تميزت بعدة نقاط أخرجت الإستحقاق الحالي من نسق الإستحقاقات السابقة .

العالم - لبنان

بقلم: الدكتورة حنان ضیاء  

النقطة الأولى والأبرز تمثلت بالقانون الإنتخابي الحالي، ليس لأنه يعتمد للمرة الأولى في تاريخ لبنان بل لأن طبيعة هذا القانون شكلت معضلة مخفية لمجمل التيارات السياسية بمن فيهم التيارات التي صاغت حرفية هذا القانون ، واكتشفت عند التطبيق الثغرات الكثيرة التي يتضمنها في تفاصيله وحيثياته.

النقطة الثانية تمثلت بالسلطة التنفيذية التي من شأنها ممارسة الرقابة الفعلية على العملية الديمقراطية فإن معظم أركانها كانوا من قوافل المرشحين على هذه الإنتخابات و، بالتالي فإن موارد السلطة الموضوعة بتصرف ستة عشر وزيراً مرشحاً  واحزابهم وتياراتهم  مست بشكل كبير في سلامة العملية الديمقراطية .

النقطة الثالثة عكستها أكوام الأموال النقدية التي صرفت على الحملات الإنتخابية ، أضف الى التكلفة الإجمالية للإنتخابات والتي تجاوزت المليار دولار في بلد مفلس يستجدي الأموال في المؤتمرات الدولية .

زد على ذلك أن ما ميز أيضا هذه العملية الإنتخابية أنها عدت انتخابات رجال الأعمال والمتمولين الطامحين الى الحصانية النيابية ، مع ما يستتبعه هذا الأمر من انسحاب هذه السمة فيما بعد على حساب التشريع والرقابة، ما سيفرض تغييراً تدريجياً في مجلس النواب، من مجلس مشرّعين الى مجلس رجال أعمال ومتمولين ، أو قد يسمى لاحقا بمجس شيوخ .

وفي هذه الإنتخابات القوى السياسية بمجملهم يواجهون تحدياً جديداً يتمثل بتوزيع الأصوات التفضيلية في اللوائح التي يشاركون فيها بأكثر من مرشح  تلك معركة ستؤدي بالنتيجة إلى كشف القدرة التجييرية لكل حزب بشكل دقيق، ما سيؤشر إلى الأحجام الفعلية للأحزاب. 

هذه الإنتخابات وإن كانت نيابية بالشكل فإنها فعليا خاضت في باطنها انتخابات رئاسية بكل مقوماتها وحساباتها السياسية ، فرؤساء الجمهورية المُفترضين،  جبران باسيل ، سليمان فرنجية وسمير جعجع ، سيشهدون منازلة صعبة في صناديق الإقتراع ، فكل منهم يحاول أن يثبّت دعائم الزعامة المارونية في الدائرة التي تضم النسبة الأكبر من الناخبين الموارنة .

أما السمة الأبرز في انتخابات 2018 فهي بروز قوى إضافية تمثلت بما بات يسمى المجتمع المدني ، هذه القوى وإن كانت غير موحدة لكنها استطاعت أن تفرض نفسها سياسيا كقوى تهدف الى التغيير وفرضت حضورها في معظم الدوائر  وبلوائح تضم أكثر من 200 مرشح في كل لبنان.

في المحصلة إنتخابات لا تشبه سابقاتها ، وتختلف عنها بالشكل وبالمضمون فأي برلمان سيتمخض عنها ، وكيف ستكون خارطة التحالفات السياسية فيما بعد صدور النتائج ..