"اجتماع مكة"..انقاذ الأردن ام فرض زعامة بن سلمان

الإثنين ١١ يونيو ٢٠١٨ - ٠٥:٠٣ بتوقيت غرينتش

تعقد قمة مكة الرباعية "السعودية والامارات والكويت والاردن" في مكة المكرمة، في وقت يعتبر الاحتجاج الاردني الشعبي المستورد محل تأمل.. صفقة القرن على الطريق.. وتربع بن سلمان على عرش السعودية وشيك جدا بنظر الكثيرين.

الوضع في الاردن اصبح مضطرباً بسبب قانون ضريبة الدخل وارتفاع اسعار السلع الاساسية والوقود، غير ان استقالة الحكومة وتكليف الرزازي بتشكيل اخرى لم يخفف من حدة الوضع المضطرب.

وفي اعقاب تفاقم الوضع الاردني، دعا الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، ملك الاردن وامير الكويت صاحب الاموال وولي عهد الامارات صاحب النفوذ، لمناقشة ما يسمى تقديم مساعدات الى الاردن لاعادة الاستقرار الى هذا البلد، في وقت عزت فيه بعض وسائل الاعلام اضطراب الوضع في الاردن الى قطع المساعدات السعودية والامريكية عنه، والعامل الرئيسي لذلك هو نتيجة المعارضة الامريكية والسعودية لمشاركة الاردن في الاجتماع الطارئ الاخير لقادة منظمة التعاون الاسلامي في تركيا، والذي كان يهدف حماية الشعب الفلسطيني.

وباعتقاد هذه المجموعة، فان اي دولة تعارض مشروع صفقة القرن الامريكية يجب معاقبتها وخنقها من اول وهلة كي تكون عبرة لغيرها، باعتبار، ان الموقف الاردني اتى خلافاً للصفقة، والذي ركز بطبيعة الحال على اقامة علاقة طويلة الامد مع الكيان الاسرائيلي.

وفي النهاية سيتم تنفيذ مشروع صفقة القرن في بيئة هادئة وبعيدة عن اي توترات، على الرغم من انه يمكن اعتبار كل التحليلات المذكورة اعلاه جزءاً من الحقيقة ما يحدث هذه الايام في الاردن، الا انه لا يبدو انها تمثل كل الحقيقة.

التاريخ يشهد على ان الاردن كانت دائما من السباقين الى التطبيع مع اسرائيل خلال العقدين الاخيرين، ومن السباقين أيضا في إقامة العلاقات مع الكيان الصهيوني.

في الوقت ذاته فإن الموقع الاستراتيجي والجيوسياسي الهام الذي يتمتع به الاردن من خلال مجاورته لسوريا والعراق والسعودية وفي النهاية اسرائيل يجعل اختلال الامن وعدم الاستقرار في هذا البلد، ليس مضرا بصفقة القرن فحسب بل خطيرا عليها، خاصة وان القسم الأعظم من سكان الاردن هم فلسطينيو الاصل، وعدم الاستقرار في الاردن يعني زيادة معارضة وجود هؤلاء على أراضي الاردن. وهو الامر الذي ليس بنفع أمريكا ولا اسرائيل ولا السعودية ولا الامارات ولا الدول التي اعترفت بوجود اسرائيل في الخفاء والعلن، ولا اولئك الذين صمتوا ويصمتون أمام انتقال السفارة الاميركية من تل ابيب الى القدس وامام مجازر الاحتلال التي وقعت بحق المتظاهرين الفلسطينيين في مسيرات العودة.

اذا أضفنا الى هذه المسائل مسألة تفريغ مجلس التعاون خلال السنة الاخيرة من مفهومه الذي اسس عليه، ووضعنا الى جانب هذا اللقاء الثنائي بين بن سلمان وبن زايد والتوافقات بينهما، وعدم دعوة البحرين الى الاجتماع، الدعامة الاساسية لمغامرات هذين الشابين، ودعوة الكويت الغنية ودعوة بن زايد بدلا من الامير الى اجتماع مكة، فسيكون واضحا تمام ان هدف هذا الاجتماع هو أكبر من إنقاذ الاردن من عدم الاستقرار. وهو ليس إلا عبارة عن سعي لتقوية مكان بن سلمان كملك مقبل للسعودية وفرضه كقائد للعالم العربي والاسلامي، قائد يسعى جاهدا لإخراج المجتمع السعودي عن الدين، بهدف التقرب من الغرب أكثر وكسب دعمه، خاصة أميركا التي يضع بن سلمان تقوية العلاقات معها على رأس أولوياته، ويرى بن سلمان أنه للوصول الى هذا الهدف فإن الخطوة الأولى تبدأ من تخطي الخط الاحمر للعالم الاسلامي، وهو الاعتراف رسميا باسرائيل.

وعلى هذا الاساس يتضح الهدف من المساعدة في إعادة الاستقرار للأردن الذي فهم ملكه الرسالة الاميركية الاسرائيلية السعودية حول الثمن الذي قد يدفعه في حال مخالفته لاسرائيل وصفقة القرن.

اذن فأول نتائج اجتماع مكة، وبالطبع الهدف الاصلي له، هو فرض بن سلمان كقائد للعالم الاسلامي والعربي وطبعا فإن هذا جزء قليل مما تأمل إليه السعودية من هذا الاجتماع.

*أبو رضا صالح