من يحكم مصر.. عبدالفتاح كامل أو عباس السيسي؟!

من يحكم مصر.. عبدالفتاح كامل أو عباس السيسي؟!
الجمعة ١٥ يونيو ٢٠١٨ - ٠٥:٤٠ بتوقيت غرينتش

توقع المرشح الرئاسي السابق، وزعيم حزب غد الثورة، أيمن نور، حدوث انتفاضة داخل المؤسسة العسكرية المصرية اعتراضا على سياسات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، والتي وصفها بأنها تعصف ببنيان الجيش وتماسك الدولة المصرية.

العالم- مصر

وكشف في مقابلة خاصة لـ"عربي21" أن لديه معلومات تشير إلى قيام وزيري الدفاع والداخلية المُقالين صدقي صبحي، ومجدي عبدالغفار، برفع تقرير إلى السيسي يطلب تأجيل رفع أسعار الكهرباء والمحروقات حتى إشعار آخر، وهو الأمر الذي رفضه السيسي، وعلى إثره وجه الدعوة للمرة الثانية خلال أسبوع لما يسمى بإفطار الأسرة المصرية، معلنا مسؤوليته الشخصية عن جميع قرارات الاقتصادية.

وأضاف: "حينما قال السيسي: مافيش حاجة هاتتعمل في مصر، أنا مش مسؤول عنها، وهانواجه أي مشكلة، ولو كان فيه حد تاني يقدر يحل المشاكل والتحديات التي تواجهها مصر بطريقة أخرى، خلاف ما نقوم به، يتفضل ييجي يتحمل المسؤولية.. كان هذا موجها بشكل صريح إلى صدقي صبحي ومجدي عبدالغفار، واللذين كان يريان أن توقيت رفع الأسعار غير مناسب بالمرة حاليا".

واعتبر زعيم حزب غد الثورة أن ما قام به السيسي مع "صبحي" و"عبدالغفار" كان بمثابة قبول للاستقالة منهما وليس قرارات إقالة منه، وهذا متغير مهم في تفسير الأمر، منوها إلى أن المعادلة السياسية دائما ما تتغير وفق قواعدها الجديدة، وأن كل ظرف سياسي له قياداته وقواعده المختلفة.

وأوضح "نور" أن رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية السابق، سامي عنان، (مُعتقل حاليا) هو كلمة السر في كثير من التغييرات التي قام بها عبدالفتاح السيسي، اليوم الخميس، في التشكيل الوزاري الجديد للحكومة.

وقال: "لا شك أن جزءًا ملموسا من هذه التغييرات كان لها علاقة مباشرة وواضحة بترشح سامي عنان لانتخابات الرئاسة السابقة ثم اعتقاله وسجنه فيما بعد، خاصة أن الرجل كانت تربطه علاقات واسعة بشخصيات نافذة داخل مؤسسات الدولة- وفي القلب منها الجيش بالطبع- وخارجها".

وأشار إلى أن قرار "عنان" بالترشح لانتخابات الرئاسة "لم يكن قرارا فرديا أو وليد اللحظة حينها، بل كان قرارا مدروسا ومُخططا له إلى حد كبير، ويبدو أنه كانت هناك اتصالات أو تفاهمات مسبقة بين عنان وآخرين داخل النظام أو خارجه"، داعيا لقراءة هذه التغييرات أيضا في سياق إصرار عنان على موقفه وعدم تراجعه أو استسلامه للسيسي حتى الآن.

وأضاف: "هناك قيادات عسكرية ذات ثقل سبق أن كان لها تعامل مباشر تحت رئاسة عنان وتم التخلص منها بالكامل، حتى رئيس الأركان الحالي الفريق محمد فريد حجازي، والذي يُعرف عنه القرب من عنان وطنطاوي لم يتم تصعيده لمنصب وزير الدفاع، خلافا للعرف المعمول به".

وكشف "نور" أن هناك تغييرات أخرى مهمة ستحدث لاحقا داخل المؤسسة العسكرية قد تبدأ بتغيير قادة الأسلحة الرئيسية في الجيش، والذين تم تعيين عدد كبير منهم عقب تولي الفريق محمد فريد حجازي رئاسة الأركان، والذي ستطاله أيضا تلك التغييرات المستمرة، والتي يبدو أنها لن تتوقف إلا بعد اختفاء أو خروج السيسي من المشهد.

وأشار إلى أنه ستكون هناك تغييرات على مستوى الأمانة العامة لوزارة الدفاع، والتي يتغير معظم قياداتها مع تغير شخص الوزير، وستصل بالتبعية إلى إعفاء بعض مساعدي الوزير السابق واختيار مساعدين جدد للوزير الجديد، لافتا إلى أن الأمانة العامة للجيش تضم شخصيات نافذة ولها تأثير كبير في القرارات العسكرية وخاصة في حركة التنقلات داخل الجيش. 

حرب السيسي


وشدّد المرشح الرئاسي السابق على أن "السيسي يخوض حربا منذ انقلابه وحتى الآن ضد جميع الشخصيات التي يمكن أن تمثل مراكز قوى مناهضة له أو تُشكل خطرا عليه أو تختلف حتى مع بعض سياساته ومواقفه".

وأكد أن "جميع من تمت الإطاحة بهم سواء من داخل الجيش أو المخابرات أو غيرها من مؤسسات الدولة السيادية لا يمكن تجاهل تأثيرهم أو رد فعلهم المتوقع أو المحتمل في لحظة ما، خاصة أن بعضهم كانوا يشغلون مواقع مؤثرة وحساسة بمؤسسات الدولة ولهم اتصالات وعلاقات واسعة لا تزال مستمرة حتى الآن".

ونوه زعيم حزب غد الثورة إلى أن "الدائرة تضيق أكثر فأكثر حول السيسي، ويوما ما سيكون وحيدا ولن يجد أحدا يقف بجواره إلى قلائل مثل عباس كامل ومن هم على شاكلته، وهذه التغييرات تكشف أن الرجل يدرك تماما خطورة موقفه ويُقصي كل من له تأثير مناوئ محتمل ويطيح بكل من يشك في ولائه وإخلاصه له".

واستطرد قائلا: "بعد الإطاحة بصدقي صبحي وتعيين يونس المصري وزيرا للطيران انتهى المجلس العسكري بالكامل الذي أتى بالسيسي رئيسا، والذي سانده في انقلابه وما بعد هذا الانقلاب".

وأشار زعيم حزب غد الثورة إلى أن "هذه التغييرات الواسعة ستنعكس بالتأكيد على الأوضاع داخل الجيش، حيث أن التغيرات التي حدثت بداخله منذ الانقلاب وحتى الآن غير مسبوقة وربما تكون الأولى في تاريخه الحديث".

وشدّد "نور" على أن "هذه التغييرات قد تكون هي الأخطر في العلاقة بين السيسي والمؤسسة العسكرية، والتي هناك من بداخلها بالقطع من هو يشعر بتململ – إن لم يكن رفض- من استمرار السيسي في العبث بأهم مؤسسة مصرية، وهو الأمر الذي يضع علامات استفهام كثيرة على مستقبل هذه العلاقة".

وقال: "الجيش سينظر إلى هذه التغييرات نظرة متأنية، خاصة أنه بحاجة ضرورية إلى إعادة النظر في ظل هذه الأوضاع، لأن هناك خطرا حقيقيا على المؤسسة العسكرية في ظل ممارسات وسياسات السيسي".

وأشار إلى أنه "لا يراهن على الجيش، لأن الرهان عليه ليس صحيحا، لكني أراهن على دفاع الجيش عن مصالحه الخاصة، والتي باتت مهددة في ظل وجود السيسي، فهذا العبث الذي يحدث غاية في الخطورة".

واستطرد قائلا: "هذه التغييرات ربما يكون لها ما بعدها، فالسيسي بما يفعل يتوهم أنه يحكم قبضته على مقاليد الحكم، وإن كان هذا ما يتضح في شكله وصورته الآن إلا أنه يختلف في مضمونه وتداعياته، حيث أن حجم الغاضبين والرافضين سواء داخل مؤسسات الدولة أو خارجها في اتساع مطرد، وحتما ستأتي اللحظة التي ستخرج زمام الأمور عن قبضة السيسي".

كما ربط المرشح الرئاسي السابق التغييرات داخل حكومة السيسي بالتقارير الأمريكية والإسرائيلية التي تحدثت عن أن تنفيذ صفقة القرن سيبدأ عقب عيد الفطر، مضيفا: "لا شك أن هناك حالة من حالات التململ من المسار شديد التفريط والتنازل الذي يسير فيه السيسي، والذي لا يقبل أن يناقشه أي أحد في سياساته الاقتصادية أو في قضايا شديدة الحساسية تخص الأمن القومي مثل تيران وصنافير أو صفقة القرن".     

ضربة مزدوجة

وأضاف: "ضربة اليوم ضربة مزدوجة، حيث التخلص من صدقي صبحي رغم القيد الدستوري الذي يحتم بقاءه دورتين رئاسيتين كاملتين، والتخلص أيضا من أهم وأقدم شخصية عسكرية وأكثرهم اتصالا بالعمل السياسي، وهو اللواء محمد العصار الذي خرج لمنزله بلا عودة بعد أن ترك وزارة الإنتاج الحربي، وقد كان آخر شخص له ملمح سياسي داخل صفوف النظام".

ولفت زعيم حزب غد الثورة إلى أنه "لم يكن بالقطع من انصار صدق صبحي" الذي "لا أبرئه من كثير من الدماء التي سالت سواء في رابعة والنهضة وغيرهما من المجازر البشعة التي وقعت في مصر".

واستطرد "نور" قائلا: "نحن أمام انتفاضة محتملة ومتوقعة ومستحقة ستحدث داخل الجيش بسبب مسار العبث غير المسبوق به وبمقدرات الوطن، وخاصة الإقالات التي طالت جميع قادة الصف الأول والكثير من القيادات الوسطى وغيرها، وهو الأمر الذي يحدث حالة من الارتباك الشديد داخل المنظومة العسكرية".

وأشار إلى أن التغييرات في حكومة السيسي كشفت عن مفاجأة في هذا التشكيل الوزاري لم تظهر بعد في الأسماء التي أدت اليمين، وهي أن رئيس الوزراء الحقيقي هو عباس كامل وليس مصطفى مدبولي، والذي لم يكن له أي دور على الإطلاق ولم يمارس أي قدر من الصلاحية في تحديد الأسماء التي خرجت أو تلك التي دخلت في التشكيل الوزاري".

وأضاف: "أعتقد أن هذا الأمر يظهر في عدة أمور أهمها طبيعة اختيار مصطفى مدبولي كشخص ضعيف جدا يتسم بالخفة وعدم التأثير وتبعيته الكاملة خلال فترة عمله في وزارة الإسكان لتعليمات السيسي وتوجيهات عباس كامل الذي يمنع ويمنح داخل وزارة الإسكان عبر تعليمات مباشرة تحرك جميع من هم داخل الوزارة وعلى رأسهم مدبولي نفسه".

وأردف: "كما أن احتفاظ من يُوصف برئيس الوزراء بموقعه كوزير للإسكان أمر يستحق التوقف أمامه، فطبيعة وزارة الإسكان لا يمكن أن تدار من خارج الوزارة، لأنها وزارة متشعبة ولها الكثير من الهيئات والإدارات المختلفة، ولها ما لها من تفاصيل تقتضي أن يكون الوزير متفرغا تماما لعمله؛ فهي ليست وزارة سياسات بل خدمات".

مرحلة الرجل الواحد

ونوه المرشح الرئاسي الأسبق إلى أن "مصر دخلت بالفعل في مرحلة الرجل الواحد الذي يحكم البلاد الآن، وهو عبدالفتاح كامل أو عباس السيسي، وبالتالي ترسخت ديكتاتورية فردية ستأخذ البلاد إلى الهاوية حال استمرار وجودها في سدة الحكم".

وأكد أن "تعيين وزير دفاع جديد لم يكن له موقع مؤثر داخل المؤسسة العسكرية، وهو محمد زكي، والذي أتى من أسلحة ليست رئيسية، بل جاء من سلاح المظلات ثم الحرس الجمهوري، قد يزيد من حالة التململ لدى البعض داخل الجيش"، مشيرا إلى أن "زكي" كان متورطا منذ البداية في انقلاب 3 تموز/ يوليو بعد ما وصفه بخيانته للدكتور محمد مرسي.

وبشأن رؤيته للإطاحة بوزير الداخلية مجدي عبدالغفار، رأى نور أنه كان شخصا صاحب نهج دموي وعنيف للغاية، إلا أن تعيين محمد توفيق، الذي شغل منصب رئيس جهاز الأمن الوطني، لا يعطي أي انطباع بتغيير هذا المسار، فقد كان مسؤولا عن الكثير من العمليات الإجرامية؛ فهو شخص ليس ببعيد عن هذا المنهج الدموي، وقد سلم مقاليد الأمن الوطني لإدارة المخابرات الحربية التي تسيطر على عمل الأمن الوطني".

تصنيف :