العهد السلماني وعزلته في المحيط العربي والاسلامي

العهد السلماني وعزلته في المحيط العربي والاسلامي
الخميس ٢٨ يونيو ٢٠١٨ - ٠٤:٣٢ بتوقيت غرينتش

مع تعالي دعوات تونسية الى وقف الحج لمنع ال سعود من استغلال عائداته في حروبهم على المسلمين ونشر الفكر التكفيري او دعم اعداء المسلمين، يكون العهد السلماني السعودي يزداد بعدا وعزلة عن محيطه العربي والاسلامي كلما ارتمى اكثر بحض الادارة الاميركية وتقرّب من كيان الاحتلال.

العالم - قضية اليوم

مع وصول عائلة الملك سلمان الابن الذي يحمل التسلسل ٢٥ من بين اولاد الملك عبد العزيز ال سعود الى مركز القرار الاول في المملكة العربية السعودية، انتقلت هذه المملكة وبسرعة فائقة الى مرحلة هجومية عدوانية تختلف عما سبقها من مراحل تمثلت بسياسة باطنها؛ الاكتفاء بالضخ المالي ونشر المذهب الوهابي ودعم مجموعات تكفيرية في عدة بلدان بينما ظاهرها تنبي سياسات محافظة لابقاء الوضع العربي على ما هو عليه وعدم السماح بحركات تغييرية او ثورية تصل هزاتها الارتدادية او نيرانها الى الداخل السعودي الهش والمرتبك.

فالعائلة الحاكمة تعلم انها مملكة من زجاج وانها تحكم بقوة السيف مجتمعات لا تواليها ولا تشترك معها سياسيا او مذهبيا، فأهل المنطقة الشرقية الغنية بالنفط هم من اتباع المذهب الجعفري لا يعترف بهم المذهب الوهابي الحاكم ويمنعهم من ادارات الدولة ووظائفها، واهل الحجاز من اتباع المذهب الشافعي ولا يكفرون ايا من اتباع المذاهب الاسلامية وقد حاصر مملكتهم ال سعود وجوعوهم حتى اقتحموها. واما اهل نجران وجيزان وعسير فهم يمنيون تاريخا ونسبا ومذاهب لكن ال سعود اقتطعوا محافظاتهم بالقوة والحقوها بهم.

وكان اول مصاديق الاتجاه الهجومي العدواني للعهد السلماني هو شن حرب عسكرية شاملة على اليمن بدعوى اعادة الشرعية الى الرئيس المخلوع عبدربه منصور هادي وها هي الحرب تدخل عامها الرابع، ثم فرضت حصارا على احد اعضاء مجلس التعاون الستة وهي دولة قطر فأغلقت عليها البر والجو ومنعتها حتى من الحج وقطعت عنها المواد الغذائية، وكسرت المحظور لدى العقل العربي والاسلامي واظهرت تقاربا غريبا مع كيان الاحتلال الاسرائيلي بدعوى مواجهة النفوذ الايراني المزعوم في المنطقة ثم دخلت عنصرا مساندا في صفقة الرئيس الاميركي المتهم بالعنصرية دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية.

العهد السلماني المتمثل بالملك المريض ونجله الشاب ولي العهد محمد الذي يمسك بمقاليد الامور في مملكة النفط، لم يحصد مكسبا من سياساته الهجومية والعدوانية على الآخرين سوى انه اضاف الى سجله الحافل بانتهاكات حقوق الانسان وارتكاب جرائم حرب بقتله اليمنيين؛ اطفالا ونساء وشيوخ واستخدامه اسلحة محرمة دوليا وتسببه في كارثة بشرية في القرن الواحد والعشرين. وحتى اصلاحاته التجميلية بمنح المراة حق قيادة السيارة بعد طول حرمان او السماح لدور السينما او الحفلات وعروض الازياء لم تخدع احد بانها قشرية وليست جدية وبعيدة عن مس النظام السياسي القبلي وعن تغول العائلة المالكة على ثروات مملكة النفط وعن سلطات مفتوحة بلا رقيب للملك ونجله.

ومع الفشل المتراكم للسياسات السعودية وعدم تحقيقها اي منجز تحتفل به، فان السعودية يوما بعد آخر تزداد عزلتها في محيطها العربي والاسلامي، فبعد قرار ماليزيا بسحب اي قوات لها على اراضي مملكة النفط، ها هي تونس على لسان نقابة الائمة تدعو الى وقف الحج وعدم السماح باستغلال عائدات الحج في تمويل حروب السعودية على المسلمين وعدم دعم المذهب الوهابي بينما لازال كثير من المصريين على غير وفاق مع مملكة النفط ومحاولاتها لتملك النظام السياسي في بلادهم ترغيبا وترهيبا.

واما في العراق فان اهل بلاد بين النهرين قد ذاقوا من القاعدة واخواتها وبناتها التي اسستها ومولتها  المخابرات السعودية والاميركية تفجيرات وقتلا وغدرا ومآسي وكوارث لا تعد ولا تحصى ولن ينساها العراقيون لاجيال واجيال وكذلك الامر مع ابناء الشعب السوري الذي عانى الامرين من الجماعات التكفيرية الممولة اغلبها من السعودية ولا يمكن نسيان حرق صور محمد بن سلمان في مسيرات العودة الفلسطينية. ولم يتوقف التحامل على السعودية بسبب سياساتها الخاطئة عند حدود البلدان العربية بل امتد حتى الى تركيا وايران. واليوم ورغم كل حملات الدعاية وبذل الاموال فان صورة السعودية في البلدان الاوربية هي دولة قاتلة للاطفال مروجة للفكر المتطرف في اوربا وقامعة للحريات.

وبذلك فان السعودية في عهدها السلماني تزداد بعدا وعزلة عن محيطها العربي والاسلامي وحتى الدولي كلما ارتمت بحضن الرئيس الاميركي دونالد ترامب وكيان الاحتلال وكلما واصلت سياساتها العدوانية في شن الحرب على شعب ومحاصرة آخر وزرع الفتن والعنف في ثالث، وعندما يصل الامر الى دعوات لوقف الحج بسبب سياسات ال سعود فان امر سحب ولاية مراسم الحج عنهم لسوء ادارتهم تعود وتطرح نفسها من جديد مع ازدياد المطالبين بهذا الامر ولكن هل ينتبه ال سعود الى ما جره العهد السلماني عليهم وهل يتحمل ابناء نجد والحجاز والمنطقة الشرقية ونجران وجيزان وعسير ان يبقوا تحت أمرة هؤلاء؟

احمد المقدادي