مصر.. إجراءات «سريعة» لإحتواء الاحتجاجات

مصر.. إجراءات «سريعة» لإحتواء الاحتجاجات
الخميس ٢٨ يونيو ٢٠١٨ - ١٠:٣٣ بتوقيت غرينتش

اندلعت موجة احتجاجات شديدة على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر خلال الأيام الماضية في أعقاب الارتفاع الكبير في أسعار عدد من السلع والمواد الأساسية، بما فيها المحروقات والكهرباء والمواد الغذائية، فيما تأتي هذه الاحتجاجات بالتزامن مع اقتراب موعد الذكرى السنوية لاحتجاجات الثلاثين من حزيران/يونيو التي أطاحت بالرئيس السابق محمد مرسي.

العالم - مصر

السيسي يكلّف بإجراءات «سريعة» لتحسين أوضاع المواطنين

أعلن مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، أن عبد الفتاح السيسي أصدر «تكليفات واضحة» للحكومة باتخاذ «إجراءات سريعة وملموسة يشعر من خلالها المواطنون بتحسن في الأوضاع المعيشية.

وأشار مدبولي خلال اجتماعه، مع أعضاء حكومته، إلى أن الرئيس المصري شدد على ضرورة أن «يرى المواطن المصري خلال الفترة المقبلة تأثيرات إيجابية للإصلاحات الاقتصادية، ويلمس سريعاً تحسناً في عدد من الملفات المهمة».

وحدد رئيس الحكومة المصرية، الذي لم يحظ بعد بموافقة (شبه محسومة) من مجلس النواب على تسميته، أولويات العمل التي حددها الرئيس في ملفات «النظافة، والمرور، والوجود الشرطي المستمر، وتحسين الخدمات المقدمة في المستشفيات، وتوافر السلع المختلفة، وبأسعار مناسبة»، مؤكداً أنه «يجب أن تحدث نقلة نوعية سريعة في هذه الملفات».

وكان أعضاء الحكومة التي شكّلها مدبولي، خلفاً لرئيس الوزراء الأسبق شريف إسماعيل، قد أدوا اليمين الدستورية أمام السيسي منتصف الشهر الجاري، فيما لم يعرض رئيس الوزراء برنامجه على مجلس النواب للحصول على موافقة الأعضاء اللازمة لنيل الثقة، ومن المقرر أن تنتهي المهلة المحددة لعرض البرنامج في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، حسب ما تمليه اللائحة الداخلية لمجلس النواب.

وخلال اجتماع الحكومة، قال مدبولي إن برنامج حكومته يعتمد على «استكمال خطط العمل والبرامج التي بدأتها حكومة إسماعيل، فنحن في دولة مؤسسات تحترم ما أنجزه السابقون، ويتم البناء عليه، خصوصاً أن أهدافنا المعلنة وتوجهاتنا واحدة».

واستعرض مدبولي ووزراء حكومته «برنامج الحكومة والإطار الفكري الذي تم على أساسه وضع هذا التصور، حيث يرتكز برنامج الحكومة على الالتزام بالاستحقاقات الدستورية، وتنفيذ التكليفات الرئاسية، وفي مقدمتها حماية الأمن القومي، وبناء المواطن المصري، وتحقيق التنمية الاقتصادية ورفع كفاءة الجهاز الحكومي، ورفع مستوى معيشة المواطن، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وبرنامج الإصلاح الاقتصادي والإصلاحات الهيكلية في ظل التحديات الحالية».

كما يتضمن البرنامج «تحقيق أهداف الخطة الرباعية 2022. والعمل على تحقيق المطالب الجماهيرية العاجلة في المدى القصير، بما في ذلك مواجهة تداعيات برنامج الإصلاح الحكومي، والتركيز على قضايا النمو الاقتصادي والتشغيل والعدالة الاجتماعية».

 احتجاجات مصرية على شبكات التواصل الاجتماعي

واندلعت موجة احتجاجات شديدة على شبكات التواصل الاجتماعي في مصر خلال الأيام الماضية في أعقاب الارتفاع الكبير في أسعار عدد من السلع والمواد الأساسية، بما فيها المحروقات والكهرباء والمواد الغذائية، فيما تأتي هذه الاحتجاجات بالتزامن مع اقتراب موعد الذكرى السنوية لاحتجاجات الثلاثين من حزيران/يونيو التي أطاحت بالرئيس السابق محمد مرسي.

وأطلق النشطاء على الانترنت وشبكات التواصل الاجتماعي جملة حملات احتجاجية كان أبرزها حملة (#إرحل_يا_سيسي) التي تصدرت شبكة «تويتر» لأكثر من يوم، فيما تصاعدت وتيرة المخاوف من رفع جديد لأسعار تذاكر القطارات والمترو في مصر بعد فترة وجيزة من الارتفاع السابق الذي أشعل احتجاجات محدودة سرعان ما تمكنت السلطات من مواجهتها وتهدئتها.

وكانت الحكومة المصرية أعلنت رفع أسعار الكهرباء بمتوسط يبلغ 26 في المئة اعتباراً من بداية السنة المالية 2018/2019 وذلك بعد فترة وجيزة من رفع أسعار المياه الذي صادف مع بداية حلول شهر رمضان المبارك، أي في منتصف شهر أيار/مايو الماضي.

ووصل الارتفاع في أسعار الكهرباء إلى 70 في المئة بالنسبة لبعض المستخدمين، وحسب كمية الاستهلاك، لكن الأسعار ارتفعت بالنسبة لكافة شرائح المستهلكين بمن فيهم الفقراء ومحدودي الدخل.

كما قررت الحكومة المصرية رفع أسعار الوقود بنسب متفاوتة تجاوزت نسبة 50 في المئة لبعض المنتجات، وذلك اعتباراً من يوم السبت السادس عشر من حزيران/يونيو الحالي.

وارتفع سعر البنزين العادي (80 أوكتين) الذي يعد الأكثر استخداما في مصر، وكذلك السولار (الديزل) من 3.65 جنيه إلى 5.5 جنيه للتر الواحد، أي بنسبة 50 في المئة. كما ارتفع سعر إسطوانات غاز الطهي المنزلي من 30 إلى 50 جنيها، بينما ارتفع سعر الإسطوانة للاستخدام التجاري من 60 إلى 100 جنيه، أي بنسبة 66 في المئة.

وكانت الحكومة المصرية رفعت في الوقت نفسه من العام الماضي أسعار الوقود في البلاد بنسب وصلت إلى 100 في المئة كما رفعت أسعار الوقود أيضاً قبلها بثمانية شهور فقط.

وتسببت الارتفاعات الكبيرة في الأسعار بموجة غضب واسعة، سرعان ما انعكست على شبكات التواصل الاجتماعي، على الرغم من غيابها عن وسائل الإعلام التقليدية ومحطات التلفزيون التي تسيطر عليها الحكومة في مصر.

وفي هذا المجال وفي ظل الظروف المتأزمة لابد ان نشير الى موضوع اخر وهو تدخل الجيش المصري ونشاطه في كافة المجالات الاقتصادية المصرية:  

نشاط الجيش المصري في كافة القطاعات الاقتصادية

نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا، تحدثت فيه عن ازدهار نشاط الجيش المصري في القطاع الاقتصادي منذ اعتلاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سدة الحكم في بلاد الفراعنة. وبعد أن نشر الجيش المصري نشاطه في جميع القطاعات، بنسق متسارع، ونحو مجالات غير متوقعة، اعتبر البعض أن الرئيس المصري يسعى إلى "عسكرة الأمة" في بلاده.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الشعب المصري يستهلك يوميا مجموعة واسعة من المنتجات والخدمات المصنعة في مصانع الجيش. ومن بين هذه المنتجات، نذكر المياه المعدنية، وأطباق المعكرونة بالبشاميل التي تم إعدادها بمنتجات "الملكة"، أو الدجاج المشوي الذي تقدمه شركة "الوطنية". ويتاح أيضا أمام الشعب المصري فرصة أخذ قسط من الراحة خلال العطلة في فندق "الماسة"…

ونقلت الصحيفة عن شانا مارشال، خبيرة العلوم السياسية في مركز دراسات الشرق الأوسط بجامعة جورج واشنطن، أن "قائمة الشركات التي يحكم عليها الجيش المصري قبضته طويلة. كما تسجل شركات الجيش المصري حضورها في مجال تربية الماشية، وقطاع النقل، وتصنيع الأجهزة المنزلية، والمواد الإلكترونية، والأدوية والمعدات الطبية، ومجال توزيع الوقود، والبناء، والخدمات الإعلانية، وقطاع المناجم، وإدارة الفنادق".

وأوردت الصحيفة أن جنرالات الجيش المصري يديرون إمبراطورتيهم الصغيرة عن طريق "متاهة" من الكيانات المرتبطة بوزارة الإنتاج الحربي المصرية. كما يشكل كل من الهيئة القومية للإنتاج الحربي، والمنظمة العربية للتصنيع، وفيلق مهندسي القوات المسلحة المصرية، أو جهاز مشروعات الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، جزءا من شبكة تعتمد عليها عشرات الشركات المنتشرة في أراضي الفراعنة. وبعيدا عن التلاشي، ساهم انقلاب سنة 2013، وقدوم السيسي إلى القصر الرئاسي، في إطلاق عنان عملية توسعة هذه الشبكة بشكل لا هوادة فيه.

وذكرت الصحيفة أن مغامرة المؤسسة العسكرية المربحة تتناقض مع حقيقة الاقتصاد المصري الذي يمر بأسوأ لحظاته، والذي يعيش على المساعدات الخليجية وقروض صندوق النقد الدولي المثيرة للجدل. وخلال الأسابيع الأخيرة، خفضت الحكومة المصرية الدعم على الوقود، في الوقت الذي سجلت فيه أسعار البنزين والنقل العمومي ارتفاعا بنسبة ما يقارب 50 بالمئة.

وبينت الصحيفة أن النشاط التجاري لعناصر الجيش المصري، الذي تم التأسيس له خلال سنة 1954 على يد الرئيس جمال عبد الناصر من أجل تغطية النقص في الترسانة العسكرية، أصبح "وحشا" يصعب تحديد حجمه. في ظل هذا الوضع، يقدر بعض الخبراء أن المؤسسة العسكرية المصرية تسيطر على حوالي 40 بالمئة من الناتج الإجمالي المحلي، الذي وصل إلى حدود 336 مليار دولار سنة 2016. لكن، يمنع التعتيم المطلق حول ميزانية الجيش توضيح أي بيانات في هذا الصدد.

ونقلت الصحيفة لكندة حتر، المستشار الإقليمي للمنطقة العربية بمنظمة الشفافية الدولية غير الحكومية، قولها إن "الجيش المصري يعاني من غياب الشفافية على غرار بقية الدول العربية... كما أن الأنظمة القديمة ما زالت متواصلة في البلدان العربية، ولم يسجل أي تحسّن ملموس فيما يتعلق بمكافحة الفساد".

وقالت الصحيفة إن خبير القوات المسلحة المصرية، روبرت سبرنجبورج، بيّن أن "الجيش المصري قد سيطر على جزء كبير من الاقتصاد، وهي الاستراتيجية ذاتها التي اتبعها ناصر خلال سنوات الخمسينات. وبهذه الطريقة، سيهيمن الجيش على الاقتصاد المصري مرة أخرى في تاريخ البلاد، وهي الخطة التي حققت فشلا ذريعا في السابق… وسيتكرر الأمر ذاته في المستقبل القريب".

وأشارت الصحيفة إلى أن مخططات جنرالات الجيش المصري تثير انزعاج رجال الأعمال وحالة من الريبة بين صفوف المستثمرين الأجانب، الذين أصبحوا غير قادرين على منافسة المؤسسة العسكرية في ظل غياب التشريعات اللازمة، وتعدد امتيازات الشركات العسكرية

وفي الختام، نقلت الصحيفة عن الخبير سبرنجبورج، أنه "في ظل حكم السيسي، تدخل الجيش في القطاع المدني بشكل أكثر عمقا، ما أدى إلى إغراق اقتصاده، وعرض مهنية قواته المسلحة إلى الخطر". ومن جهته، يرى يزيد صايغ، المحلل في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أن "إشراك الجيش في الاقتصاد لا يعد أفضل بديل لحل المشاكل الهيكلية الحادة في مصر".

ارتفاع التضخم

ويقدر مشروع الموازنة العامة المصرية خفض دعم الوقود بنحو 26 في المئة في العام المالي المقبل 2018/2019، إلى نحو 89 بليون جنيه، مقابل 120 بليون جنيه في العام المالي الجاري 2017/2018.

تأتي توقعات "بلتون" التي جاءت في مذكرة بحثية، وسط مطالبات من صندوق النقد الدولي للحكومة المصرية بضرورة تسريع خطة خفض دعم الوقود، ضمن برنامج إصلاح اقتصادي.

واعتبارا من تموز (يوليو) 2014، رفعت الحكومة المصرية أسعار الوقود ثلاث مرات، ويترقب المواطن الزيادة الرابعة في الأيام القريبة المقبلة، وسط مخاوف من تواصل موجة الغلاء.

وقالت "بلتون" في مذكرة بحثية، إن الانخفاض الملحوظ لقراءة التضخم، يفسح مجالا لتأثير الارتفاع المقبل في أسعار الوقود على النظرة المستقبلية للتضخم.

وتراجع معدل التضخم السنوي في مصر إلى 11.5 في المئة، في أيار (مايو) الماضي، مقابل 12.9 في المئة في الشهر السابق له، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.

وتوقعت "بلتون" أن يؤدي رفع أسعار الوقود إلى جانب الارتفاع الأخير في رسوم المياه، إلى ارتفاع التضخم بما يتراوح بين 3 إلى 5 في المئة خلال الربع الثالث من العام الجاري.

وفي 3 حزيران (يونيو) الجاري، رفعت الحكومة المصرية أسعار مياه الشرب للاستخدام المنزلي، للمرة الثانية في غضون أقل من عام، بنسب تصل إلى 44.4 في المئة.

كما تقرر رفع تكلفة الصرف الصحي التي تحسب كنسبة من فاتورة المياه لتصبح 75 في المئة من 63 في المئة بالنسبة للاستهلاك المنزلي، وإلى 98 في المئة من 92 في المئة لغير المنزلي.