السودان والتدخلات الأميركية والغربية

السبت ٠٨ يناير ٢٠١١ - ١٢:٢٠ بتوقيت غرينتش

أَطلَقت منظمات غربيَّة مشروع سمته القمر الصناعي الحارس لمراقبة ما وصفته بـانتهاكات حقوق الإنسان والمخالفات الأمنيَّة في السودان، قبل الاستفتاء على مصير الجنوب المقرَّر يوم التاسع من يناير الحالي، مشروع القمر الصناعي تَمَّ تمويله من منظمة تسمى-لن يحدث تحت أنظارنا- والتي ساهم في تأسيسها الممثل الأميركي جورج كلوني وممثلون آخرون في هوليوود، وبموجب المشروع ستصوّر أقمار صناعيَّة تجارية شمال وجنوب السودان أي قرى تحرق أو تقصف، وترصد التنقلات الجماعيَّة للأشخاص أو أي أدلَّة أخرى على العنف، وضمّ المشروع الغربي برنامج الأمم المتحدة يونوسات وجامعة هارفارد وشركة جوجل ومنظمة الممثل كلوني.

أَطلَقت منظمات غربيَّة مشروع سمته القمر الصناعي الحارس لمراقبة ما وصفته بـانتهاكات حقوق الإنسان والمخالفات الأمنيَّة في السودان، قبل الاستفتاء على مصير الجنوب المقرَّر يوم التاسع من يناير الحالي، مشروع القمر الصناعي تَمَّ تمويله من منظمة تسمى-لن يحدث تحت أنظارنا- والتي ساهم في تأسيسها الممثل الأميركي جورج كلوني وممثلون آخرون في هوليوود، وبموجب المشروع ستصوّر أقمار صناعيَّة تجارية شمال وجنوب السودان أي قرى تحرق أو تقصف، وترصد التنقلات الجماعيَّة للأشخاص أو أي أدلَّة أخرى على العنف، وضمّ المشروع الغربي برنامج الأمم المتحدة يونوسات وجامعة هارفارد وشركة جوجل ومنظمة الممثل كلوني.

 

وسيقوم "يونوسات" بجمع وتحليل الصور، في حين ستقوم مبادرة هارفارد للشؤون الإنسانيَّة بالبحث ومزيد من التحليل، والتأكُّد من التقارير الميدانيَّة التي سيقدمها مشروع لمناهضة ما يسمى الإبادة الجماعيَّة، في حين صمّمت شركة جوجل وشركة تريلون المتخصِّصة في تطوير الإنترنت منصة إنترنت لإطلاع الجمهور على المعلومات بهدف الضغط على المسؤولين السودانيين.

 

هذا الخبر بالإضافة إلى الأخبار الواردة من السودان وحوله في الأشهر الأخيرة والتي تريد أن تدفع بالبلد العربي الأفريقي العملاق دفعًا حثيثًا نحو الانفصال والتشرذم، لينضمّ لقائمة الدول العربية والإسلاميَّة المهدِّدة بالاندثار والموصوفة بالدول الفاشلة، أمورنا تشعرنا بمشاعر عميقة من الحزن والإحباط، السودان يتعرَّض لضغوط رهيبة وتواجه قيادته إغراءات عديدة للتسليم بواقع الانقسام والتفكُّك والذي يبدو أنه لن يتوقف عند حد الدولتين فحسب، فالإدارة الأميركيَّة وعدت السودان بمعاملة خاصة وبإزالة اسمه من الدول الداعمة للإرهاب إن هو سلَّم بالاستفتاء وبالانفصال واقعًا، فيما تتوعدُه بالعقوبات والحصار وعن طريق أوكامبو بالمحكمة الجنائية الدوليَّة إن لم ينصع لرغباتها.

 

الفن والسياسة والتقنية والأكاديميَّة تتوحَّد في الولايات المتحدة من أجل تفتيت بلد عربي مسلم وتحت لافتة حقوق الإنسان، أيَّة صفاقة تلك التي تتحجَّج بحقوق الإنسان وتتبجَّح بها وتستخدمها أداة سياسيَّة رخيصة في السودان وفي غيره؟! فما لا تغمض العين عن انتهاكات الصهاينة لحقوق الإنسان في محرقة غزة وفي جرائمِه ضدّ الإنسانيَّة هناك فحسب، بل تدافع عنها في المحافل الدوليَّة، أين هذا التحالف العابث من مصرع أكثر من مليون عربي ومسلم في حربي أميركا على العراق وأفغانستان؟ بل أين هو من الانتهاكات الأميركيَّة في جوانتنامو وفي السجون السريَّة والطائرة؟ استخدام حقوق الإنسان كأداة سياسيَّة رخيصة هو برأيي من أشد وأبشع الانتهاكات لتلك الحقوق.

 

كما أن ذلك التحالف يرفع علامات استفهام على الدور الكبير والخطير والذي تلعبه مؤسَّسات تقنيَّة مثل جوجل في خدمة السياسة الأميركيَّة إن لم تكن ابتداءً -مثلها مثل الفيس بوك- أدوات استخباراتيَّة للسيطرة والهيمنة.

 

وإذا كان المرء ليشعر بالمرارة تجاه الصلف الأميركي والغربي وتدخلاتهم التي لا تنقطع في شؤوننا وفي العبث بحاضرنا وصياغة مستقبلنا، فإن اللوم الأساسي يجب أن يوجَّه إلى النظام العربي الرسمي ابتداءً والذي يشجع بضعفه وهوانه وديكتاتوريته الآخرين على تجاوز حدودهم، فلن يكون السودان الحلقة الأخيرة في سلسلة التفكيك وإعادة التشكيل في ظلّ حكوماتٍ فاسدة مترهِّلة منشغلة بالتوريث وبتقاسم مقدرات الأوطان والتصرف فيها كمزارع خاصة وممتلكات شخصيَّة.

 

تتحمَّل قيادة الإنقاذ في السودان جزءًا كبيرًا من حالة الترنُّح والضعف الذي أصاب السودان، ولا يشفع لها توجهاته الإسلامية المعلنة ، فالحكومة التي جاءت لإنقاذ السودان، تشهد البلاد في عهدها تفككًا وتفتيتًا، والرئيس عمر البشير والذي دخل هو الآخر في قائمة الحكّام العرب شهدت مواقفه تأرجحًا وخفَّة غريبتين وغيابًا للتخطيط والاستراتيجيَّة الواضحة، فمن الجهاد لحماية الوحدة إلى الترحيب بدولة جنوبيَّة شقيقة، إلى تهديد الغرب بتحكيم الشريعة وإلى الرقص في دارفور، أمور تكشف أن السودان يمر بظروف عصيبة وصعبة.. أعاننا الله وأعان السودان ودولنا العربيَّة على مستقبل يبدو مدلهمّ السواد، شديد القتامة.

* د. ياسر سعد