9/1/2011 سمير زقوت - غزة sameer@picd.ps

الأحد ٠٩ يناير ٢٠١١ - ٠٦:٢٠ بتوقيت غرينتش

أيعقل أن يدافع المستبد عن حرية من يستبد بهم...؟ تتفاعل بقوة قضية الاعتقال السياسي في الضفة والقطاع ويتقاذف طرفا الانقسام الاتهامات والاتهامات المضادة وكل يحاول تبرئة نفسه من تهمة الاعتقال السياسي أو المساس بالحريات العامة وحقوق الإنسان والاثنان كمن يخاطب نفسه أو يضع رأسه في التراب. صحيح أن الحديث عن ظاهرة الاعتقال التعسفي على خلفية الانتماء السياسي أو الرأي السياسي في الضفة تختلف عنها في قطاع غزة في كثير من الجوانب التي سنأتي على ذكرها، إلا أنها تتطابق معها في جوانب أخرى وهي الأهم لجهة الحكم على الحكام ومدى اقترابهم من تحقيق العدالة والإنصاف لمحكوميهم. ففي الضفة الغر

أيعقل أن يدافع المستبد عن حرية من يستبد بهم...؟

تتفاعل بقوة قضية الاعتقال السياسي في الضفة والقطاع ويتقاذف طرفا الانقسام الاتهامات والاتهامات المضادة وكل يحاول تبرئة نفسه من تهمة الاعتقال السياسي أو المساس بالحريات العامة وحقوق الإنسان والاثنان كمن يخاطب نفسه أو يضع رأسه في التراب.

صحيح أن الحديث عن ظاهرة الاعتقال التعسفي على خلفية الانتماء السياسي أو الرأي السياسي في الضفة تختلف عنها في قطاع غزة في كثير من الجوانب التي سنأتي على ذكرها، إلا أنها تتطابق معها في جوانب أخرى وهي الأهم لجهة الحكم على الحكام ومدى اقترابهم من تحقيق العدالة والإنصاف لمحكوميهم.

ففي الضفة الغربية أعداد المعتقلين داخل السجون بالمئات وغالبيتهم تعرضوا لتعذيب أو سوء معامله، بل إن ما زاد وغطى اعتقال البعض منذ عامين تعسفاً ودون تهمة محددة وعندما تصدر محكمة العدل العليا أحكاماً بالإفراج عنهم يبقون في سجنهم أي أن هناك من هو فوق القانون، والغريب أن من يعتقل في الضفة وفقاً لمزاعم المسئولين كلهم هم أشخاص ارتكبوا مخالفات ذات طبيعة أمنية حتى الصحافيين والمحامين.

ويضرب المظلومون ممن برأهم القضاء وتتعرض حياتهم للخطر، ولا يلتمس لهم وضعهم عذراً مخففاً لدى جلادهم، بل حتى يرفض أن يزورهم ذووهم للاطمئنان عليهم، ولا ندري من أين يستمد رئيس الجهاز الأمني قوته في انتهاك القانون، وفيما بعد تسمع خطاباً عن سيادة القانون في دولة رام الله أليس أمراً يثير العجب؟!.

وفي غزة هناك بضع عشرات من المعتقلين من أبناء حركة فتح مضى على اعتقال البعض منهم سنوات، ومنهم من صدرت في حقهم أحكام إعدام على اتهامهم بارتكاب جرائم قتل لم تأتِ على خلفية شرف، أو نزاع على أرض أو مشاكل، وبالتالي يدفع المسئولين أن لا معتقلين سياسيين في غزة وأن الحديث هو اعتقال لمرتكبي مخالفات بعضهم أدانته المحاكم.

ولا يمكن للمراقب أن ينكر ذكاء حكومة غزة وتفننها في تمييع واقع استمرار الاعتقال التعسفي على خلفية سياسية فابتدعوا الاستدعاءات، وهي استدعاءات في الغالب تتم على الهاتف ومن جهات ليست مخوله بموجب القانون، ويذهب المستدعون وهناك يخضعون للإهانة والإذلال وفي أحيان لتعذيب خاصة في الأيام الأخيرة.

أليس استدعاء المئات من نشطاء حركة فتح بما فيهم نساء واحتجازهم لساعات هو اعتقال تعسفي وإذا لم يكن كذلك فماذا يكون؟!

صحيح أن الظاهرة في الضفة أوضح وأشد اتساعاً وخطورة، لاسيما بعد الامتناع عن تنفيذ أحكام الإفراج، لكن هل يمكن لدولة غزة أن تدعي الطهر من هذه الموبقة؟ لا يمكن لها إلا إذا اعتقدت أنها إذا أقنعت نفسها بشيء فالشعب سيقتنع، والغريب أن الدولتين تنكران.

وما يزيد الأمر غرابة أنهما على رغم من اختلافهما الشديد كما يبدو للملاحظ، فإنهما تتفقان في معظم أوجه السلوك، فهما يتفقان في تعسفهما في قمع معارضيهما، وتقييد الحريات، لاسيما التجمع السلمي، تتفاوتان في أساليب تقييد حرية الرأي والتعبير وحرية الصحافة لكنهما تتفقان على فعل التقييد، تتفقان في حرمان المواطنين من حقهم في التنقل والسفر وإن اختلف الشكل، وتتفقان على استهداف المؤسسات الأهلية وتتنكران للدور الذي لعبته هذه المؤسسات، سواء في الإسهام في تخفيف مشكلات المجتمع كافة أو في مواجهة الاحتلال.

وتتفق الدولتان في أن السلطات فيهما مطلقة، كما أنها سلطات أمنية تبتعد يوماً بعد يوم عن الديمقراطية في دليل دامغ على صدقية مقولة السلطة المطلقة مفسدة مطلقة.

والغريب أنه على رغم من أن كل السلوكيات الواردة آنفاً من شأنها أن تضعف المجتمع وتمزق وحدته ونسيجه الاجتماعي وتقضي على عوامل صموده المدني في وجه محاولات استلابه، فإن كلا الدولتين تدعيان أنهما تعملان من أجل الحرية والاستقلال فكيف لمن يستبد بشعبه أن يدافع عن حريته؟!