تونس "مش للتطبيع" على غرار بعض البلدان العربية

تونس
الخميس ٠٥ يوليو ٢٠١٨ - ٠٥:٥١ بتوقيت غرينتش

تجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في تونس مشواره لا يقتصر على الإحتجاجات والمشادات الكلامية في أروقة البرلمان فحسب بل أنه مترسخ في أذهان التونسيين اللذين يؤمنون في القضية الفلسطينية وإحتلال أراض فلسطين من قبل الكيان الغاصب الصهيوني.

العالم - تونس

ونرى بين الحين والآخر أن تونس تشهد حراكا داخليا ضد التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وهناك منديسن يحاولون جر البلاد الى القبول بإسرائيل والتطبيع معها.

تجريم التطبيع 

وآخر ما حدث على الساحة التونسية هو أن بعض المعلمين رفضوا تصحيح امتحان الثانوية العامة في مادة الجغرافيا لوجود سؤال ورد فيه اسم "دولة إسرائيل" وليس دولة الاحتلال أو الكيان الصهيوني.

اتفقت جل التحليلات في تونس على اعتبار أن إدراج عبارة "دولة إسرائيل" في إختبار مادة التاريخ لمناظرة الباكالوريا المتعلقة بنهاية المرحلة الثانوية هي شكل من أشكال التطبيع التي تتوجب التصدي لها بقوة حتى لا تتكرر. وهي سابقة بكل المقاييس لم يسبق أن حصلت في تاريخ التعليم التونسي الذي عرف في برامجه على الدوام بغرس لقيم الوطنية والنضال ضد كل أشكال الهيمنة و الإستعمار.

فمن أرسى دعائم التعليم العمومي في الخضراء هي دولة الإستقلال التي سقاها الشهداء بدمائهم الزكية التي أدت إلى دحر الإستعمار الفرنسي الغاشم الذي جثم على صدور التونسيين لعقود. و بالتالي فإن هذه الخطوة التطبيعية تستغرب من بلد له تاريخ نضالي مثل تونس، تجرع شعبه مرارة الإستعمار وعانى الأمرين في معارك تحريره التي خاضها ضد الفرنسيين.

 

سلوك مشين

أساتذة التعليم الثانوي احتجوا على هذا السلوك التطبيعي من الوزارة، من خلال رفض إصلاح الإختبارات في هذه المسابقة الوطنية الهامة التي تسمح لمن يجتازها بنجاح بأن يلتحق بالجامعة. كما طالبت نقابة التعليم الثانوي وزارة التربية بتقديم التوضيحات اللازمة لهذه السابقة غير المتوقعة التي أصابت الكثيرين بالصدمة و الذهول.

وفي هذا الإطار يرى الناصر الرباعي أستاذ التعليم الثانوي أن ما حصل هو سلوك مشين وغير مقبول ولا ينفع معه أي تبرير من الوزارة حتى على فرض أن هناك سهوا أو تقصيراً حصل من جهة ما. فالكيان الصهيوني لا يمكن أن يرتقي إلى مرتبة الدولة باعتباره يغتصب أرض غيره ظلماً وزوراً وبهتانا، ويرتكب أبشع المجازر حتى جاز تشبيهه بعصابة إجرامية متعطشة لسفك الدماء.

 

تجريم التطبيع

من جانبها، تعتبر أسماء بن رمضان أستاذة التعليم الثانوي أن ما حصل يجب أن يدفع التونسيين للمسارعة الى سن قانون تجريم التطبيع الذي بات ضروريا حتى يضع الجميع أمام مسؤولياتهم. ويجب أن يبقى هذا القانون، مفتوحا لضم أكبر قدر من الأفعال المجرمة التي يمكن إضافتها والتي قد  تبرز لاحقا على غرار هذا الإستعمال غير المبرر لعبارة "دولة" في وصف الكيان الصهيوني الغاصب.

وتضيف "وجب أيضاً التصدي للقوى الرافضة لتجريم التطبيع في تونس وعلى رأسها حركة النهضة الماسكة بزمام جزء كبير من قواعد اللعبة السياسية في تونس. فالسكوت على ما حصل سيجعل المطبعين يتمادون أكثر فأكثر في عيهم غير عابئين بأحرار البلد وهم الأغلبية و سنصل إلى ما لا يحمد عقباه في هذا الإطار".                

تجريم التطبيع مع الكيان الإسرائيلي في تونس مشواره لا يقتصر على الإحتجاجات والمشادات الكلامية في أروقة البرلمان فحسب بل أنه مترسخ في أذهان التونسيين اللذين يؤمنون في القضية الفلسطينية وإحتلال أراض فلسطين من قبل الكيان الغاصب الصهيوني.

ونرى بين الحين والآخر أن تونس تشهد حراكا داخليا ضد التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وهناك منديسن يحاولون جر البلاد الى القبول بإسرائيل والتطبيع معها.

ونشر نشطاء تونسيون شريط فيديو وثق لحظة اجتماع العديد من المعلمين الذين رفضوا وجود اسم "دولة إسرائيل" في ورقة الامتحان.

http://media.alalam.ir/uploads/org/153059436401542100.mp4

 

وقال أحد الأساتذة المحتجين في مقطع فيديو إن الاحتجاج هو من أجل أن نبلغ موقفنا لمن يهمه ولمن لا يهمه الأمر برفض الاعتراف ب"إسرائيل" دون إلحاقها بصفة الاحتلال على الأقل.

وصرح في كلمته "يجب أن يقترن اسم إسرائيل في أذهان الأطفال بأنها احتلال وكيان صهيوني"، مضيفا: "نحن مع قضايا أمتنا والبوصلة التونسية تشير منذ 1947 أنه لا يوجد شيء فوق الكوكب اسمه إسرائيل".

 

التطبيع الرياضي

وقبل هذا الحدث فجرت مشاركة مجموعة من اللاعبين الإسرائيليين ضمن "بطولة العالم لأواسط التايكواندو"، التي احتضنتها تونس في شهر نيسان/ أبريل الماضي، موجة غضب عارمة بين نشطاء الشبكات الاجتماعية في تونس، الرافضة لكل أشكال التطبيع، وسط دعوات لإلغاء التظاهرة برمتها، وإقالة وزيرة الرياضة في تونس.

ونشر الاتحاد الدولي للتايكواندو، عبر موقعه الرسمي، قائمة للرياضيين المشاركين في هذه البطولة بمدينة الحمامات السياحية التونسية من 9 إلى 13 نيسان/ أبريل، حيث ضمت أسماء أربعة لاعبين من إسرائيل.

وكانت حملة "توانسة ضد التطبيع" دشنت هاشتاج "التطبيع خيانة وليس وجهة نظر"، عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، واتهمت مباشرة وزيرة الرياضة بالمشاركة في هذا التطبيع.

 

التطبيع السياسي

وعلى الصعيد السياسي فشل البرلمان التونسي في تمرير قانون "تجريم التطبيع مع الكيان الصهيوني" الذي تقدمت به مجموعة من الكتل النيابية، حيث اتهم بعض النواب عن الجبهة الشعبية، كلا من رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ورئيس مجلس النواب محمد الناصر، بالمماطلة في سن هذا القانون الذي ظل عالقا في أروقة البرلمان منذ عام 2012.

وكان الجدل حول قانون تجريم التطبيع احتدم سابقا داخل لجنة الحقوق والحريات بالبرلمان خلال الجلسة التي انعقدت في 9 شباط/ فبراير 2018، للنظر في هذا المشروع، لتتحول إلى عراك بالأيدي وتبادل لاتهامات بالعمالة "للصهيونية" بين نواب من الجبهة الشعبية ونواب من حزب نداء تونس الحاكم.

 

فلسطين القضية الأولى

وفي خضم الحراك ضد التطبيع اكدت قيادة المنظمة النقابية في تونس التزامها بدعم نضال الشعبين الفلسطيني والسوري في معركتهما ضد الارهاب والإحتلال.

ووجهت قيادة المنظمة النقابية في تونس انتقادات حادة للحكومة وذلك خلال فعالية شعبية حاشدة نظمتها احياءا لذكرى عيد العمال في ظل الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي شهدهما البلاد، حيث فيما اكدت المركزية التزامها بدعم نضال الشعبين الفلسطيني والسوري في معركتهما ضد الارهاب والإحتلال.

اثبت تونس أنها لازالت تحتفظ بأصالتها وإسلاميتها عكس بعض البلدان التي إتخذت التطبيع مع الكيان الإسرائيلي وسيلة للوصول الى أطماعها السياسية في المنطقة على غرار السعودية والإمارات والبحرين التي ارسلت واستقبلت وفودا عسكرية وإستشارية وبرلمانية، الأمر الذي يعرض القضية الفلسطينية للبيع ، ليقوم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بصفقته المزعومة بـ "صفقة ترامب" مع هذه الدويلات والتي تضيع حق الفلسطينيين ومصادرة أراضيهم وإحتلال القدس نهائيا.