في رحلة الاستسلام.. هل يعلن مسلحو الجنوب لون باصاتهم المفضل؟

في رحلة الاستسلام.. هل يعلن مسلحو الجنوب لون باصاتهم المفضل؟
الجمعة ٠٦ يوليو ٢٠١٨ - ٠٩:١٧ بتوقيت غرينتش

بعد تطهير الجيش العربي السوري وحلفائه 1800 كم مربع من اراضيه في درعا وتأهبه لتطهير الحدود الجنوبية ثم اعلانه تحرير بلدة صيدا بالكامل في محافظة درعا جنوب غرب سوريا ومواصلته عمليات تقدمه في المنطقة، ثم بدئه عمليات عسكرية على الحدود مع الأردن وتحريره تسع نقاط من المخافر الحدودية سعيا للوصول الى معبر نصيب الحدودي، لم يعد امام المسلحين المحاصرين في بقعة ارض لا يحسدون عليها كثيرا سوى الاستسلام والتهيؤ لركوب الباصات الخضر بعد تسليم كافة اسلحتهم الثقيلة.

العالم - مقالات وتحليلات

هذا الاحراج العسكري للجماعات الارهابية المسلحة ومحاصرة عناصرها في زاوية حرجة واغلاق الحدود الاردنية والاسرائيلية من خلفهم، دفعهم بعد فشل مفاوضاتهم الاخيرة مع الروس الى الاعلان عن نيتهم العودة مرة اُخرى الى التفاوض مع الجانب الروسي حول شروط استسلامهم.

ما الجديد في خيارات المسلحين هذه المرة؟

بالامس طالب المسلحون المستسلمون بتغيير لون الباصات اثر موجات السخرية منهم على مواقع التواصل الاجتماعي اطلقها نشطاء موالون للجيش السوري وآخرون موالون للمعارضة.

اذ تناقل النشطاء الموالون للجيش صور الباصات الخضر وتفاعلوا باستهزاء معها، فيما هاجم نشطاء اخرون موالون للمعارضة، المسلحين الذين قرروا الاستسلام وترك مناطق سيطرتهم مستخدمين ايضا صور الباصات الخضر كتعبير عن ادانتهم.

هذا الاستهزاء وتلك السخرية دفعتا الفصائل المسلحة المستسلمة خلال المفاوضات مع وسطاء سوريين لإخراجهم من مدن سورية، إلى المطالبة باستبدال الباصات الخضر بألوان أخرى.

هل يطالب المسلحون بتغيير لون الباصات هذه المرة؟

لا يخفى على المتابعين لانهيار المفاوضات الاخيرة لوقف إطلاق النار التي اجرتها الفصائل المسلحة مع الروس في بصرى الشام في ريف درعا الشرقي، ان سبب الفشل هو الحجم الكبير للمطالب المستعصية على الهضم من قبل طرفي التفاوض، الامر الذي ليس ببعيد ان يتجدد اليوم ايضا ويفشل المفاوضات.

الى ذلك، أكد المدعو "أبو الشيماء"، الناطق باسم غرفة العمليات المركزية التابعة لما يسمى "الجيش الحر"، ان الفصائل المسلحة تطالب بدخول الشرطة العسكرية الروسية إلى مناطقها وليس الجيش السوري، بينما يصر الوسطاء الروس على ضرورة تسليم عناصر هذه الفصائل لسلاحها، وتسوية أوضاعها مع الحكومة السورية.

هل تنتهي شروط المسلحين عند هذا الحد؟

لم تكن تلك هي الشروط النهائية للمعارضة المسلحة بل تعدتها الى "تسليم السلاح الثقيل فقط بعد عملية سياسية وبالتزامن مع إطلاق سراح النصف الثاني من المعتقلين وتسوية أوضاع المنشقين والمطلوبين ومنحهم تأجيلا عن الخدمة لمدة ستة أشهر، وتخيير العسكريين المنشقين بين العودة إلى الخدمة أو إعادة تأهيل الراغبين منهم للخدمة في الشرطة، ومعاملة غير الراغبين في الاستمرار بالخدمة معاملة المتقاعدين".

وماذا أيضا؟

كما شددت في ورقتها على "عدم خضوع أبناء المنطقة للخدمة العسكرية الإلزامية إلا بعد عملية الانتقال السياسي وفقا للمرجعيات الدولية في خطوة منها لتدويل القضية، فضلا عن طلب السماح لمن لا يرغب بتسوية أوضاعه من أفراد "الجيش الحر" والمسلحين بالخروج مع عائلاتهم إلى أي منطقة في سوريا وتوفير ممرات آمنة لهم".

بالمقابل.. يصر الجانب الروسي المتمسك باستراتيجية تفاوضية اتبعها في كل مفاوضاته السابقة بالغوطة الشرقية، وقبلها في حلب وحمص، تقوم على الاستسلام الكامل للعناصر المسلحة وتسليم أسلحتها الثقيلة، والمغادرة على متن الحافلات الخضراء بأسلحتهم الخفيفة باتجاه مدينة إدلب، ولذلك كان من المستبعد كسرهم لهذه القاعدة، وبقاء الفصائل المسلحة في جيوب منعزلة وشبه مستقلة في الجنوب السوري لا تخضع لسيطرة الجيش العربي السوري.

هذه الاستراتيجية ستتعارض مع حجم المطالبات "الترفيهية" الجديدة التي يحملها المسلحون على متونهم وكأنهم ذاهبون الى نزهة، فيما واقعهم المذل لا يحسدون عليه مطلقا خصوصا بعد أن تخلى عنهم جميع داعميهم بما فيهم الأميركان الذين أبلغوهم رسميا بأنهم لن يتدخلوا لحمايتهم، وأن عليهم التعاطي مع التطورات وفق مصالحهم، وبعد ان أغلق الأُردن حدوده بالكامل، وكذلك فعل كيان الاحتلال الإسرائيلي الذي كان يدعم بعضها، ولم يبق أي خيار آخر غير الاستسلام أو القتال حتى الانتحار مع التقدم المتواصل للجيش السوري وحلفائه بشكل متسارع وانقسام المسلحين انفسهم بين من قرر الانضواء الى خيمة التسوية مع حكومة دمشق وبين من يصر على الانتحار.

البدائل في جيب المسلحين شبه معدومة ولا وقت لهم للمماطلة وطلب "اللون الترفيهي" المفضل لهم، ولا بد من انصياعهم لشروط الطرف المقابل الذي لن يقبل سوى بركوب الباصات الخضر والتوجه للمناطق الامنة او الخيار الذي يبيدهم جميعا.

السيد ابو ايمان