الامارات ومطامع التمدد في الساحل الغربي لليمن

الامارات ومطامع التمدد في الساحل الغربي لليمن
الإثنين ٠٩ يوليو ٢٠١٨ - ٠٩:٠٦ بتوقيت غرينتش

عادت من جديد الآلة الاعلامية لقوى العدوان على اليمن للحديث عن محافظة الحديدة وعن ما تقول انه تقدم في منطقة التحيتا التي تبعد عن مدينة الحديدة اكثر من خمسين كيلومترا.

العالم - اليمن

الحديث عن التحيتا بعد ان كانوا يتحدثون عن اسقاط المدينة ومطارها في ليلة وضحاها يعد انتكاسة اعلامية وعسكرية للامارات والسعودية التي كانت تهلل لاسقاط المدينة. الامارات التي كانت قد اعلنت وقف العمليات في الحديدة رغم تكذيب القوى الوطنية لها اصبحت في مأزق، لذلك تحاول ان تصنع اي انتصار لها من خلال مهاجمة القرى والمناطق الواقعة شمال الشريط الساحلي ومعركة التحيتا يبدو انها في هذا الاطار. الجيش واللجان الشعبية اكدوا خلال الايام القليلة الماضية نفي اكاذيب وسائل الاعلام السعودية والاماراتية وقالوا انها كبدت العدوان خسائر فادحة في العدة والعتاد خلال اليومين الماضيين في منطقة التحيتا نافية اي تقدم حقيقي للمرتزقة والغزاة في هذه المنطقة.

المتابع لمعركة الساحل في اطار المطامع الاماراتية في اليمن يدرك جيدا ان المنطقة هذه وخاصة مدينة الحديدة سوف تشهد معركة كبرى قد تكون هي الفاصلة في اطار العدوان على اليمن الذي دخل عامه الرابع. حيث تسعى الامارات لتعزيز وجودها وحشد طاقتها في هذه المنطقة وبدات تعد العدة منذ اكثر من عامين غير ان الطرف المقابل المتمثل في الجيش اليمني واللجان الشعبية ورغم امكانياته البسيطة هو الاخر يعرف ظروف المرحلة لذلك حشد هو الاخر طاقته ورجاله متطلعا الى الحاق هزيمة نكراء بالامارات في الساحل الغربي. استيلاء الامارات على بعض الجزر والسواحل اليمنية في خليج عدن خلال العامين الماضيين فتح شهية الامارات على مايبدو للتمدد في سواحل البحر الاحمر والتهام ما تبقى من سواحل وجزر يمنية وعلى رأسها مدينة وميناء الحديدة غير ان الهجمة الاولى على المدينة انكسرت وتراجعت المعارك في محيط مدينة الحديدة، لكنها ظلت مشتعلة في منطقة التحيتا والمناطق المجاورة على بعد 50 الى 60 كيلومترا من الميناء.

الامارات التي ظهرت في الايام الاخيرة كالقائد الفعلي والاول والآمر الناهي للعمليات العسكرية والسياسية في اليمن بعد تراجع الظهور السعودي والتصريحات السعودية المتمثلة في تصريحات وزير خارجيتها عادل الجبير والذي حل مكانه انور قرقاش وزير الشؤون الخارجية للامارات ذهبت بعيدا في تصريحاتها وتهديدها بل ان العديد من المراقبون يقولون انها لا ترغب في ايجاد حلول سياسية لتسوية الازمة اليمنية رغم رفعها شعارات انسانية في الامم المتحدة، حيث قال مقربون من المبعوث الاممي مارتين غريفيث ان ابوظبي رفضت المقترحات الاممية حول عودة المفاوضات اليمنية اليمنية، وايقاف العدوان، خاصة المقترحات التي قدمها غريفيث حول موضوع ادارة واشراف الامم المتحدة على ميناء الحديدة. فبعد التفاؤل الذي اعلنه غريفيث الاسبوع الماضي ظهرت اصوات اماراتية ترفض مبادرته وخطته للسلام، كما صرح مسوولون في حكومة هادي برفضهم للخطة. السيد عبدالملك الحوثي قائد حركة انصارالله اكد ايضا خلال تصريحات له فشل المفاوضات بشان الحديدة وقال ان الجانب الاماراتي الذي يسعى الى السيطرة على منافذ اليمن البحرية وجزره رفض المبادرة الاممية وتنصل عنها في اشارة الى موت المفاوضات واستعداد القوى اليمنية للتصعيد الاماراتي في الساحل. الحوثي خلال تصريحاته دعا من اسماهم أبطال وشرفاء اليمن إلى الاستمرار في التحشيد وتعزيز ودعم الجيش واللجان الشعبية في الساحل الغربي مشيدا في الوقت نفسه بالدور المتميز للقبائل في التنكيل بالقوات الغازية. وقال السيد إنه مهما اختلق العدو من الأكاذيب لتبرير غزوه للساحل الغربي فهي ادعاءات فارغة وأن الغزاة باتوا مفضوحين هم ومن خلفهم من الأمريكان والصهاينة لفظيع جرائمهم بمدن تهامة، مضيفا أن معركة الساحل ستكون أصعب وأقسى على القوات الغازية ومرتزقتهم. وتوعد الحوثي النظام الاماراتي بمعركة كبرى في الحديدة. ولفت إلى أن فشل الغزاة المعتدين الذين توهموا أن بإمكانهم حسم هذه المعركة بين ليلة وضحاها وإحكام السيطرة بكل بساطة على مناطق الساحل أمر تجلى بوضوح منذ بداية المعركة، وفيما أشار إلى أن القوات المهاجمة استغرقت في المعركة من جهة باب المندب إلى الخوخة 32 شهراً أكد أن المعركة بعد ذلك هي أصعب عليهم بكثير وأقسى من كل ما قد مضى، واليوم أصبحوا في ورطة رهيبة ومستنقع كبير يتكبدون فيه الخسائـر المستمرة، والميدان ملائم جدّاً لضربهم والتنكيل بهم واستنزافهم وإلحاق الخسائـر الهائلة بهم.

وعلى كل حال فان الامارات ومن بعدها السعودية لن تجدا الطريق سهلا في الساحل الغربي ثم ان الدولتين تواجهان ازمات متعددة في المناطق التي تسيطر عليها. فالمقاومة الشعبية اليوم في اليمن لم تعد تواجه الامارات في الساحل الغربي والحديدة بل انتقلت الى المربعات التي تسيطر عليها في الجنوب، وارتفعت اصوات التذمر الشعبي في العديد من المناطق، فبعد الاحتجاجات التي رفعت ضد الامارات بجزيرة سقطرى قبل اشهر وطردها بشكل مذل من الجزيرة رغم احتلالها من قبل الرياض فان ابو ظبي ايضا تواجه اليوم احتجاجات شديدة في محافظة المهرة جنوب شرق اليمن، حيث يواصل ابناء المحافظة الذين كانوا بعيدين كل البعد عن الحرب والصراع اعتصامهم واحتجاجاتهم للمطالبة بخروج القوات السعودية والاماراتية التي تحتل المحافظة منذ اكثر من عام، ويطالب المحتجون الذين ينفذون اعتصاما مفتوحا منذ ايام باخراج القوات الغازية والحفاظ على السيادة الوطنية وتسليم منفذي شحن وصرفيت وميناء نشطون ومطار الغيضة الدولي الذي تسيطر عليه القوات السعودية والاماراتية إلى قوات الأمن المحلية. وعبر المعتصمون عن رفضهم السماح لأي قوات غير رسمية بالقيام بالمهام الأمنية بالمحافظة بشكل عام والمنافذ الحدودية بشكل خاص، مضيفين ان التواجد الاماراتي والسعودي انعكس سلبا حتى على وضعهم الاقتصادي وادى الى تعطيل جميع الموانئ والمعابر الحدودية مع سلطنة عمان.

وفي عدن ايضا بلغت الاحتجاجات الشعبية والتذمر مستوى كبيرا جدا بين الاهالي حيث بات يشعر اغلب العدنيين بعبث الامارات وعدم قدرتها على اعطاهم اي شيء من الوعود التي اطلقتها ابان احتلال المدينة قبل ثلاثة اعوام تقريبا. وترزح المدينة في وضع انساني صعب وتعطيل شبة كامل للخدمات الاساسية والخدمية ما أدى الى ظهور العديد من الشعارات والتحركات المطالبة باخراج المحتلين من عدن والجنوب. وفي ظل هذه الظروف عادت من جديد الحرب الباردة بين سلطة هادي والامارات الى الواجهة بعد مصالحة سعودية قبل شهرين قضت باعادة هادي الى عدن مقابل تجريده من اي سلطة عسكرية ونقل قواته الى مدينة المخا في تعز.

الدكتور عبدالرحمن راجح - اكاديمي واعلامي يمني