عودة الحياة الطبيعية الى الموصل بعد عام على تحريرها

عودة الحياة الطبيعية الى الموصل بعد عام على تحريرها
الأربعاء ١١ يوليو ٢٠١٨ - ٠٩:١٥ بتوقيت غرينتش

عاشت الموصل منذ عام 2004 موجات من العنف التكفيري بعد أن اتيح للقاعدة ومن بعدها داعش السيطرة على مقدرات الدولة والمواطنين عبر ممارسة القتل والتهديد والمنع من ممارسة أي نشاط سياسي وثقافي واقتصادي ترفضه تحت حجج واهية.

العالمالعراق

ولكن منذ تموز 2017 لم تشهد مدينة الموصل أية حوادث أمنية تهدد استقرارها الامني، وهو يعود بشكله الاكبر الى جهود القوات المسلحة وتعاون مواطني الموصل مع تلك القوات، فضلا عن الاستفادة واستخلاص العبر مما كان ينتهج في ادارة الملف الامني قبل حزيران 2014. لذلك فان حالة الامن التي تعيشها مدينة الموصل بعد التحرير تعد الاعلى من حيث نسبة الامان منذ عام 2003.

معركة الموصل

كان فجر الاثنين 17 أكتوبر (تشرين الأول) 2016 موعد انطلاق معركة تحرير الموصل من سيطرة تنظيم داعش الارهابي، حيث أعلن رئيس الوزراء العراقي بدء المعركة فجرًا تحت مسمى «قادمون يا نينوى»، وكان تنظيم الدولة قد بسط سيطرته على الموصل في هجوم خاطف في يونيو(حزيران) 2014، لينسحب إثرها الجيش من محافظات بأكملها، وليغدو جزء كبير من العراق تحت سيطرة التنظيم في أيام قلائل.

امتدت معركة الموصل تسعة أشهر وانتهت رسميًا في العاشر من يوليو (تموز) 2017، حينما أعلن رئيس الوزراء العراقي بيان النصر من مدينة الموصل، لتطوى بذلك صفحة المعارك ولتتكشف القصص الإنسانية التي رافقت المعركة وأعداد الضحايا والخسائر الاقتصادية الفادحة.

الحصاد المر

الموصل، ثانية كبريات المدن العراقية، يبلغ عدد سكان الموصل المدينة قرابة مليوني نسمة، مدينة يشطرها نهر دجلة إلى شطرين اثنين، تربط شطري المدينة جسور تصل ضفة المدينة الغربية بالشرقية، وتقع الموصل شمال العراق وتبعد عن العاصمة بغداد قرابة 400 كيلومترا، وما إن انتهت المعركة حتى بدأ الناس يعون حجم الخسائر الفادحة التي ألمت بالمدينة والتي تحتاج الى سنوات وسنوات لإعادتها إلى وضعها السابق، فالموصل ما قبل داعش ليست الموصل الآن.

الخسائر البشرية..

تتضارب المعلومات والإحصائيات المتوافرة حول عدد المدنيين الذين قتلوا خلال معركة الموصل، حيث تشير تقارير استخباراتية كردية حصلت عليها صحيفة الإندبندنت البريطانية نقلًا عن مصادر في الاستخبارات الكردية أن عدد من قتل من المدنيين وصل إلى أربعين ألف قتيل فضلًا عن عدد أكبر من ذلك من المصابين والمعاقين، وأشار التقرير إلى أن هذا العدد من الضحايا سقط نتيجة القصف الجوي والاشتباكات الأرضية فضلًا عن أعداد كبيرة سجلت لاستهداف تنظيم داعش للمدنيين الفارين خلال المعركة.

تقارير أخرى تشير إلى سقوط نحو 16 ألف مدني منذ بدء المعركة وحتى مايو (أيار) 2017، في حين ترفض الحكومة العراقية هذه الأرقام وتعتبرها مبالغًا فيه، وذكرت تقارير حكومية أن عدد من قتل في المعركة لم يتجاوز 4000 مدني.

الحياة داخل المدينة في الوقت الحالي

وتمر علنا هذه الايام الذكرى الأولى لتحرير مدينة الموصل العراقية من يد تنظيم داعش الإرهابي، عقب معارك ضارية خاضتها القوات العراقية لدحر الجماعات المتطرفة والقضاء عليها، ورغم مرور عام كامل على تحرير المدينة العريقة من يد الإرهابيين، إلا أن آثار الحرب والدمار التي خلفوها ورائهم قبل الهرب أمام تقدم قوات الجيش والشرطة العراقية، لم تختف بصورة كاملة.

ومن داخل مدينة الموصل، يروى العراقيون العائدون إلى منازلهم عقب هزيمة تنظيم "داعش" وهروب عناصره، شهادات حية حول طبيعة الحياة داخل المدينة في الوقت الحالي، وتعكس بعض الشهادات الحالة المزرية التي تظل عليها المنازل والشوارع، إضافة إلى التخوفات والحذر الأمني من إمكانية تسلل فلول التنظيم المتطرف إلى داخل المدينة لتنفيذ عمليات انتحارية تستهدف المدنيين والعسكريين على حد سواء.

العراقيون العائدون للموصل يشتكون بطء إعادة الاعمار

"تحررنا، وعدنا إلى بيوت مهدمة"، هكذا قالت أم محمد، ربة المنزل في أحد أحياء البلدة القديمة في غرب مدينة الموصل، التي أعلنت السلطات العراقية تحريرها قبل عام من سيطرة تنظيم "داعش، وذلك حسب مقابلات أجرتها وكالة الأنباء الفرنسية "فرانس برس"، مع العراقيين العائدين للمدينة عقب هروب عناصر التنظيم الإرهابي.

وتقول السيدة الثلاثينية - الأم لـ7 أولاد التي عادت قبل فترة وجيزة إلى ما تبقى من منزلها قرب جامع النورى الكبير، الذى شهد الظهور العلني الوحيد لزعيم تنظيم "داعش" أبو بكر البغدادى -"إلى ماذا عدنا؟ بيوت مهدمة وخدمات معدومة".

380 ألف شخص من سكان الموصل بلا منزل

وفي هذا الصدد، يشير "المجلس النرويجي للاجئين"، في بيان، إلى أنه بعد مضي عامٍ على استعادة الموصل، إلى أنه "لا يزال هناك أكثر من 380 ألف شخص من سكان المدينة بلا منزل، وأحياؤهم عبارة عما يصل إلى 8 ملايين طن من الحطام"، مضيفًا أن "حوالي 90% من الجانب الغربى من مدينة الموصل مدمر"، ويوضح المجلس أن الموصل تحتاج إلى 874 مليون دولار أمريكي لإصلاح البنية التحتية الأساسية.

الاحتفالات تغيب عن الموصل بسبب آثار الحرب

وفي ظل الدمار والخراب، فليس هناك احتفالات ولا زينة في شوارع المدينة الشمالية التي كانت تعد مفترق طرق تجارية قبل أن يحولها الإرهابيون خلال 3 سنوات إلى عاصمة "دولة الخلافة" المزعومة، فيما يقول أبو غصون - البالغ من العمر 44 عامًا، العاطل عن العمل والذي استأجر بيتًا في شرق المدينة بعد خسارة منزله في غربها - إن "التخريب والتدمير الكبير للساحل الأيمن (غرب المدينة) أفرغ التحرير من محتواه"، ومن جهتها، تقول غدير إبراهيم فتاح، البالغة من العمر 35 عامًا، "الفرح بالتحرير، لكن كنا نتوقع الاعمار مباشرة، إلا أن شيئًا لم يتحقق، وهذا ترك إحباطًا وغصة في نفوس الأهالي المنكوبين".

مخاوف أمنية من عودة "داعش" عبر الحدود السورية

ووسط كل هذه الظروف القاسية التي تحيط بالموصل، تحذر أصوات في المدينة من إمكانية التدهور الأمني في محافظة نينوى التي أعلن العراق فرض كامل سيطرته عليها في نهاية أغسطس الماضي، حيث يلفت عضو البرلمان العراقي عن محافظة نينوى أحمد الجربا، إلى أنه "ليلة الجمعة، عبرت عجلات رباعية الدفع لعناصر "داعش"، الحدود السورية باتجاه الأراضي العراقية من قضاء البعاج في غرب نينوى".

ورغم إعلان بغداد في ديسمبر الماضى انتهاء الحرب ضد التنظيم المتطرف عقب استعادة آخر مدينة مأهولة كان يحتلها، يشير خبراء إلى أن مسلحين متطرفين مازالوا كامنين على طول الحدود المعرضة للاختراق بين العراق وسوريا وفى مخابئ داخل مناطق واسعة من الصحراء العراقية.

ويشير تقرير الوكالة الفرنسية، إلى أن المناطق الواقعة فى محيط كركوك وديالى شمالًا، تشهد تدهورًا أمنيًا، حيث لا يزال الإرهابيون قادرين على نصب حواجز وخطف عابرين، ما اضطر الحكومة مؤخرًا إلى إطلاق عملية عسكرية واسعة ضد خلايا الإرهابيين في تلك المناطق، وذلك في الوقت الذي يطالب فيه كثيرون الحكومة بسرعة اتخاذ اللازم ومسك الشريط الحدودي مع سوريا منعًا لتكرار سيناريو العام 2014.