مخطط استعماري لتقسيم أقطار الأمة العربية

الثلاثاء ١١ يناير ٢٠١١ - ٠٧:١٩ بتوقيت غرينتش

منذ توقيع معاهدة نيفاشا بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان عام 2005، بات من شبه المؤكد شطر السودان إلى دولتين، حيث إن الاتفاقية تقضي بإجراء استفتاء لتقرير مصير الجنوب بعد المدة المحددة للاتفاقية.

منذ توقيع معاهدة نيفاشا بين الحكومة السودانية والجيش الشعبي لتحرير السودان عام 2005، بات من شبه المؤكد شطر السودان إلى دولتين، حيث إن الاتفاقية تقضي بإجراء استفتاء لتقرير مصير الجنوب بعد المدة المحددة للاتفاقية.

 

فكرة الانفصال قد تكون راودت الكثير من قادة الجيش الشعبي لتحرير السودان وبعض الجنوبيين، إلا أن الدعم الدولي الاستعماري هو الذي بلور هذا التوجه بشكل جدي ضمن مخطط استعماري لتقسيم أقطار الأمة العربية، وإعادة هيكلة اتفاقية سايكس بيكو لمنطقتنا، خدمة للأمن الصهيوني الذي لا يتحقق إلا بتشطير الأقطار العربية، بحيث يكون الكيان الصهيوني أكبر دول المنطقة جغرافيا وديمغرافيا، خاصة إذا علمنا أن السودان إحدى الدول العربية الخمس التي وضعت على طاولة التقسيم في مؤتمر ايباك والمؤتمر الصهيوني العالمي في نيويورك عام 1982.

 

معاهدة نيفاشا رافقتها عوامل ضغط على الحكومة السودانية، فوضعت السودان على قائمة الإرهاب، واتهم البشير بتهمة الإبادة البشرية، وطالبت المحكمة الجنائية الدولية بإلقاء القبض عليه ومحاكمته، وكأنها عوامل ضغط لكي لا يتراجع الرئيس السوداني عن الاتفاق مع الجبهة الشعبية، مما قد يفشل مخطط التقسيم الذي سيتم بسلاسة وسلام، من خلال استمرار تطبيق الاتفاقية.

 

الحديث عن رفع السودان من قائمة الإرهاب بدأ مع اقتراب موعد الاستفتاء، وصمت المحكمة الجنائية الدولية عن المطالبة بإلقاء القبض عن البشير يأتي ضمن إرهاصات الاستفتاء، وقد تنتهي هذه المشاكل المفروضة على السودان مع نهاية الاستفتاء وتحقيق التقسيم.

 

كل ذلك ترافق مع زيارات متواترة لمسؤولين أميركيين إلى الخرطوم وجوبا، العاصمة المفترضة لدولة الجنوب، مع تأكيدات مستمرة على ضرورة إجراء الاستفتاء في موعده، وهو ما حدث بالفعل، والالتزام بنتائجه، وكأن السودان ولاية أميركية، يحرص المسؤولون الأميركيون على تلبية احتياجات سكانها والحرص على إبداء رغباتهم بكل شفافية، وهو أمر لم يكن يهم الإدارة الأميركية لو أن السودان لا ينتمي إلى الأسرة العربية، ولو أن الحرص على أمن الكيان الصهيوني يقتضي مزيدا من تقسيم وتشطير الأقطار العربية.

 

السودان مرحلة ثالثة من مراحل إعادة هيكلة المنطقة، سبقتها الصومال وتهيئة العراق لمصير مماثل بانتظارالفرصة المناسبة لتقسيمه، حيث ما زالت الدعوات لإقامة الفيدراليات متواصلة، ودعوات تقرير المصير للمكون العراقي الكردي، وهي أمور فصلها دستور العراق بعد "التحرير"، والذي كتب بإملاءات صهيونية.

 

هذه المراحل الثلاث تعتبر خطوة متقدمة على طريق مخطط التقسيم، تم إنجازها قبل عشر سنوات من المدة التي حددها مؤتمر نيويورك الصهيوني عام 1982، وستبقى العشر سنوات القادمة حافلةً بمحاولات تقسيم باقي الأقطار العربية المدرجة ضمن المخطط.

فهل نستوعب الدرس، أم اننا لن نشعر بالنار إلا عندما تلامس جسدنا؟؟.

*زياد المنجد