في حوار خاص مع قناة العالم..

كدخدايي يتطرق لمواضيع هامة من مراجعة الدستور الى قضية الـFATF و..

كدخدايي يتطرق لمواضيع هامة من مراجعة الدستور الى قضية الـFATF و..
الأربعاء ١٨ يوليو ٢٠١٨ - ٠٤:٣٣ بتوقيت غرينتش

ما هي ابرز المهام الملقاة على مجلس صيانة الدستور؟ وماهي العلاقة بين مجلس خبراء الدستور ومجلس الشورى الاسلامي؟ كيف سيكون الامر إذا ما نشب خلاف بين مجلس الشورى الاسلامي ومجلس صيانة الدستور؟ وماهو دور مجمع تشخيص مصلحة النظام؟ تساؤلات يجيب عليها الناطق بإسم مجلس صبانة الدستور الدكتور عباسعلي كدخدايي الذي استضافته قناة العالم في برنامج لقاء خاص.

العالم- ايران

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إليكم نص الحوار لحلقة جديدة من برنامج "من طهران"، حيث نستضيف في هذه الحلقة الدكتور عباسعلي كدخدايي، المتحدث باسم مجلس صيانة الدستور وقد حل ضيفا على القناة، فأهلا ومرحبا بكم دكتور.

  • شكرا لكم

س1: في هذه الحلقة نُريد أن نُسلط الضوء على بعض النقاط، نبدأ اولا بموضوع الدستور للجمهورية الاسلامية، فمنذ فترة يتم الحديث عن إعادة النظر فيه، فهل أن الموضوع قيد المناقشة الآن؟ وهل يُتابَع الآن؟ وهل هو في أجندة أعمال المجلس حاليا؟

ج: إن دستور الجمهورية الاسلامية الايرانية يُحدد مهام مجلس صيانة الدستور في ثلاثة مجالات، الاشراف على التقنين، والاشراف على الانتخابات، وتفسير مواد(بنود) الدستور، وقد تم التطرق اليها في الكثير من المجالات. ومن الطبيعي أن مجلس صيانة الدستورمهمته الرئيسية، تكمن في الاشراف التقنيني، كي تكون القوانين التي يُصادق عليها مجلس الشورى او الحكومة، متطابقة والقيم الشرعية. وبعد استلام القوانين التي يُصادق عليها مجلس الشورى، يقوم مجلس صيانة الدستور بدراستها في لجان استشارية فقهية وقانونية، ثم يُدرجها على جدول أعماله، ليُحدد هل انها تتماشى مع القيم والموازين الشرعية والدستور أم لا؟ وكذلك في فترة الانتخابات، استنادا الى المادة الـ 99 من الدستور، يقوم مجلس صيانة الدستور بالاشراف على الانتخابات ايضا.

س2: هناك سؤال يتبادر الى اذهان البعض أن يتحول النظام الرئاسي الى نظام برلماني، فهل هذا الموضوع مطروحا على طاولة الحوار؟ واذا كان الامر صحيحا، هل يتحول في الدورة الرئاسية القادمة؟

ج: أنا سمعت مثل هذا الكلام من بعض القنوات الإعلامية أيضا، حتى ان بعض وسائل الاعلام راحت تُقدم بعض التحليلات حوله. ولكن في البداية يجب ان اقول لكم ان هذه المقولة بحد ذاتها كـ "خبر إعلامي" لم ولن تكن مطروحة على جدول أعمال المؤسسات والمصادر القانونية للبلاد، واذا نظرنا إليها من الناحية السياسية، نعم هناك بعض الخبراء يطرحون مثل هذه البحوث ويقولون ان نظام الجمهورية الاسلامية يجب أن يتحول من النظام الرئاسي إلى نظام برلماني، حيث ستصبح له ميزات أكثر، لكن هذ الموضوع مازال في مرحلة التنظير والبحث بين الخبراء فقط.

وأنا بدوري كخبير قانوني، لا أعتقد ان نظامنا اذا ما تم استبداله بنظام برلماني، سيقوم بحل المشاكل أو يزيل بعض الميزات أو النواقص التي يتحدث عنها البعض. فالمهم ان نذعن جميعا للقانون، وإذا ما احترم المسؤولون القانون، وكان عملهم مبتنيا على القانون، فلن يختلف الأمر بالنسبة للنظام، رئاسيا كان او برلمانيا، او مناصفة بين الرئاسي والبرلماني.

س 3: إذاً برأيكم لماذا تُطرح مثل هذه القضية حول الجمهورية الاسلامية، من قبل الإعلام الغربي؟

ج:  بعض المسؤولين يتصورون ان نوع هيكلية النظام لو تغيرت، فستكون إنجازات النظام اكثر من قبل، لكن كما أكدت لكم، فإن المشكلة تكمن في تعامل وطريقة عمل بعض المسؤولين، فإذا ما اصلحوا تعاملهم، عند ذلك لن نحتاج لتغيير هيكلية النظام.

س4: فيما يخص موضوع مندوب محافظة يزد السيد "سبنتا نك نام" وهو من الطائفة الزرادشتية، إلى أي مرحلة وصلت قضيته؟

ج: هنا يجب ان اشير الى نقطتين كمقدمة للحديث، النقطة الاولى هي ان مجلس صيانة الدستور لم يتدخل في قضية السيد نكنام، والنقطة الثانية هي ان الجمهورية الاسلامية وبناء على التزامها الاسلامي ازاء الاقليات المعترف بها دستوريا، تحترم حقوقهم الشرعية، وما تم التطرق اليه في مجلس صيانة الدستور، هو البحث حول الملاحظة الموجودة ضمن المادة الـ 26 لقانون مجالس البلديات في المدن والقرى والارياف، حيث زعم البعض ان هذه المادة تتعارض والشرع الإسلامي، فيما طرح مجلس صيانة الدستور وجهة نظره فقط ازاء تلك الملاحظة، وقال ان الإقليات غير الاسلامية لايصح انتخابهم في المدن ذات الغالبية المسلمة، في حين اذا كانوا في القرى التي تسود فيها الاقليات المعترف بها قانونيا، فبإمكانهم الحضور في مجالس البلديات في القرى والأرياف التي يقطنوها. وقد اشرنا الى هذا الموضوع قبل الانتخابات البرلمانية، واوفدنا الهيئات المشرفة من قِبَل المجلس وكانوا على علم بذلك، لكن مع بالغ الأسف لم يبالوا بالامر وشاركوا في الانتخابات النيابية التي تزامنت مع الانتخابات الرئاسية. فبالتالي كل ما هو مطروح الآن، أن منافسيهم تقدموا بشكاوى للمحكمة الإدارية العليا، وقد صدر أمرا مؤقتا بحجبهم عن الدخول للمجلس البلدي.

وفي نفس الوقت قام مجلس الشورى الاسلامي بإصلاح قانون المجالس البلدية للمدن والقرى والارياف، وأضاف اليه بندين يسمحان لكافة الأقليات المشاركة في انتخابات البلدية، الأمر الذي لم يوافق عليه مجلس صيانة الدستور، وقد اصبح من الموارد الخلافية بين مجلس صيانة الدستور ومجلس الشورى الاسلامي، وقد عملنا لإعادته الى مجمع تشخيص مصلحة النظام.

فمجمع تشخيص مصلحة النظام أدخل بعض التعديلات عليها ثم طرحها في لجانه، وقد نالت موافقة اللجان، إلا أنها لم تُدرج حتى الآن على جدول أعمال مجمع تشخيص مصلحة النظام، ولم يناقشها المجلس في إجتماعاته العامة.

ونحن مازلنا ننتظر بت المجمع فيها، لأن كل ما سيقرره مجمع تشخيص مصلحة النظام سيرضخ له مجلس صيانة الدستور.

س: فيما يخص قضية القبول بمعاهدة الـ FATF هناك عراقيل تواجهها، فما هو رأي مجلس صيانة الدستور بذلك؟ وهل لدية مشروع إزاء هذه المعاهدة؟

ج س: إن منظمة الـ FATF لم تكن منظمة، كباقي المنظمات الدولية الاخرى، فهي مجموعة مالية تقوم بضمان وتبويب سلامة التعامل ونقل السيولة المالية فيما بين الدول، وبناء على احدى الاتفاقيات التي وقعها احد وزراء الحكومة السابقة، كان من المقرر أن تنضوي ايران الى مجموعتين، ليتم على اساسها اصلاح وتعديل مادتين من الدستور بناء على الخطوات الاصلاحية الاخرى. وعندما طُرحت إحدى هذه الإتفاقات والتي تُعرف بـ "إتفاقية بالرمو"، وهي حول مكافحة الجريمة المنظمة، ويتطلب تطبيقها الاستجابة لقوانين خارجية، تم طرحها في مجلس الشورى الاسلامي، حيث واجهت في  البداية بعض المشاكل عند الترجمة، وبالتالي تم اصلاحها وارسالها لمجلس صيانة الدستور. وبدوره اخذ عليها مجلس صيانة الدستور ثلاثة مآخذ اساسية، قد يمكن حل اثنين منها لكن من ناحية المفاهيم احدى هذه المآخذ، تدور حول استعمال حتى الكلمات والمصطلحات الاجنبية داخل البلاد، مادفع بفقهاء مجلس صيانة الدستور لمعارضتها خاصة وهي تتحدث عن مصادرة الاموال. وفي نفس الوقت، قام مجمع تشخيص مصلحة النظام ومن منظار الاشراف على الاطار العام للسياسات الشاملة للنظام وبحث القضية، فوجدها لاتتماشى وسياسات الاقتصاد المقاوم، ولا السياسات الامنية الشاملة للبلاد، وقد أعلن ذلك لمجلس الشورى الاسلامي أيضا.

احد القوانين المطروحة في هذه الاتفاقية هو قانون مكافحة غسيل الأموال، وقد تم تعديله سلفا، الا ان مجلس صيانة الدستور أشكل عليه لأنه كان قانونا قضائيا، وكان على السلطة القضائية أن تقوم بإعلانه للحكومة، وتقوم الحكومة بدورها بتقديمه للمجلس، فإن تم حل تلك القضية، فإن الأجواء ستكون مهيأة لتعديله من قبل مجلس صيانة الدستور.

وهناك لائحتان اخريان صادق عليهما مجلس الشورى ولم يُرسلها لمجلس صيانة الدستور حتى الآن ونحن لم يكن بمقدورنا ان نتحدث عنهما قبل إستلامهما.

أما الانتخابات فهي محل كلام في كل بلاد وكل نظام سياسي، لأن المصالح السياسية للأحزاب والتيارات تكمن في تلك العملية، و قد شاهدتم في لقاء بوتين – ترامب الاخير، إلى أي مدى طُرحت قضية الإنتخابات الامريكية، بحيث كان البعض مازال يتحدث فيها عن التدخل الروسي فيها.

إذاً المهم في الأنظمة التي تُجرى فيها علمية الانتخابات، علينا أن نُراقبها كي لا يحدث أي تخلف أو تزوير، وبعد ذلك علينا ان نؤيد او نرفض صحة الانتخابات في الوقت المقرر، ونطمئن بأن الأشخاص الذين يصلون الى مراكز القرار ومؤسسات النظام، هم أكفاء، وعليهم مهام ومسؤوليات كبرى، وهذه هي بحد ذاتها إحدى أهم مهام مجلس صيانة الدستور.

ومما تجدر الإشارة إليه ان قوانين البلاد لم تتناغمَ مع المقتضيات السياسية للبلاد. فقوانيننا قديمة وغير مكتملة، وفيها الكثير من النواقص والعيوب الطبيعية، لأنها تفتقر للقانون المناسب، وهذا ما يجعل مجلس صيانة الدستور عرضة لهجمات الاشخاص الذين لم يجنوا الاصوات الكافية في الانتخابات او الاشخاص الذين لم يحصلوا على ثقة المجلس، وبناء على ذلك نجد بعض المجموعات السياسية قد تدعي التزوير في الانتخابات كما حصل في الانتخابات الرئاسية عام 2009، حيث أعقبتها الفتن، بسبب عدم وقوف بعض المرشحين على حقائق الامور، وتسلُل أصابع العدو للداخل، الامر الذي كاد أن يضع نظام الجمهورية الاسلامية أمام تحديات مُحرِجة.

نحن في كل العمليات الانتخابية نعرف الأجواء والمقتضيات السياسية والاجتماعية، وتكون بأيدينا كيفية السيطرة على المجتمع والبلاد بشكل جيد، ثم نعمل للمصادقة على قوانين واُطر تتماشى وأوضاع البلاد. والمؤسسات المعنية تقوم بأداء مهامها بافضل صورة، مثل مجلس صيانة الدستور، وزارة الداخلية، الهيئة العامة المشرفة على الانتخابات، وبكل مجموعة يرتبط عملها بالإنتخابات تقوم بأداء مهامها بشكل جيد.

نحن على مدى الأعوام الماضية كرسنا جهودنا لنحظى بإنتخابات نزيهة، ونصون اصوات الشعب بإعتبارها حقه الشرعي، ويجب المحافظة عليها، لكن بعض المجموعات وبسبب عدم حصولها على الاصوات الكافية، أو عدم نيل الثقة لخوض الانتخابات، لم تستحمل الوضع، وفي غالبية الاوقات اصبحت تلعب داخل ساحة العدو، وبتحريض هؤلاء الاصدقاء الأغبياء، تم توجيه الكثير من التهم لمجلس صيانة الدستور، وانا بدوري آمل ان يكونوا قد انتبهوا من غفلتهم.

  • إذا ما اردنا التطرق الى الخلافات التي أثيرت، والهجمات التي تم تسديدها لمجلس صيانة الدستور ونظام الجمهورية الاسلامية، نجد ان العدو لم يكن مرتاحا للتقدم والتطور الذي توصل إليه نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، بحيث ها هو يعلن على الملأ العام انه يريد الإطاحة بنظام الجمهورية الاسلامية، وانه يُجرب كل السبل ويُكرس هجماته واعتداءاته فيما يخص الانتخابات لحساسيتها، من اجل الإطاحة بالنظام الاسلامي. فعلى سبيل المثال في عام 2009 عمدت قناة الـ "بي بي سي" الفارسية بإعتبارها احدى القنوات الذي تبث برامجها المناهضة للجمهورية الاسلامية على مدار الساعة، وتتظاهر بالتباكي على مصالح ايران وشعبها، ضاعفت من برامجها وأصبح بثها على مدى اربعة وعشرين ساعة، وراحت تتدخل بشكل رسمي في مجال الانتخابات. وهذه امور لن تخفى على شعبنا.

وبدورنا لدينا مقتضيات سياسية، فمنافسات اليوم التي تدور في العقد التاسع من القرن الهجري الشمسي الحالي، بالتأكيد لم تكن كم كانت عليه الحال قبل ثلاثة عقود.

فالحضور الشامل لأبناء الشعب في الساحة، يسر النظام خاصة وان الشعب يُبدي نضجه السياسي في الاوقات اللازمة، لكن هذا الحضور المبارك قد يثير القلق احيانا إن لم يتأطر بإطر وضوابط محددة، وتعلمون أن في غالبية الدول هناك نشاطات سياسية في إطار الأحزاب السياسية، فالأحزاب السياسية تعتبر ميزانا لتوقعات ابناء الشعب، فالمواطنون يتمترسون أحيانا خلف تلك الموازين، ويتعلمون حينها الدروس ويختزنون التجارب.

بحيث نرى اليوم ان كل شخص يرى في نفسه الأوليات اللازمة للظروف، يشعر بأنه يتمكن من المشاركة في الانتخابات الرئاسية او البرلمانية، ويقوم بترشيح نفسه، لكن هل هذا الشخص، هو ملمٌ بالشؤون السياسية؟ وهل بإمكانه أن يكون طرفا في القرارات الوطنية المصيرية؟ وهل بإمكانه ان يتحمل العبئ الاكبر في سدة رئاسة الجمهورية؟ فمن الطبيعي أن مثل هؤلاء عندما يقومون بترشيح أنفسهم، يصبح مجلس صيانة الدستور مضطرا وحسب مهامه القانونية، أن لايمنحهم الثقة، وهذا ما يدفعهم للإحتجاج، وأحيانا نرى العدو يتدخل، وهؤلاء الأصدقاء، لعدم تحلِّيهم بالوعي اللازم، يصبحون أعوان العدو، ليستغلهم في هجماته ضد مجلس صيانة الدستور.

اما مجمع تشخيص مصلحة النظام منذ تاسيسه حتى اليوم، وحتى في فترة إعادة النظر في الدستور وفق المادة 112، كانت مهمته ترتكز على حل الخلافات التي قد تنشب بين مجلس الشورى الاسلامي ومجلس صيانة الدستور، وإذا ما أعاد مجلس صيانة الدستور اي لائحة تمت المصادقة عليها، ورفضها مجلس صيانة الدستور عند ذلك يقوم مجمع تشخيص مصلحة النظام بالنظر فيها من منطلق المصلحة، التي لا تتعدى الحدود الشرعية، والدستور، ويأخذ بنظر الإعتبار المصالح العليا للنظام، فيُبدي وجهة نظره فيها. وحتى في تلك الاوضاع تكون وجهة نظر المجمع مبتنية على صحة رأي مجلس صيانة الدستور، بحيث لايحق للمجمع أن يتدخل في تقييم صحة أو عدم صحة رأي مجلس صيانة الدستور، والقرار الوحيد الذي يتمكن من التطرق اليه المجمع في مثل تلك الظروف هو أن يبدي وجهة نظره بناء على المصلحة العامة، وخلال فترة معينة، بإعتبارها امرا ضروريا للمجتمع، وهنا قد يتم ترجيح رأي مجمع تشخيص مصلحة النظام على رأي مجلس صيانة الدستور، شرط ان يحظى رأي المجمع بآراء ثلثي أعضائه، وفي غير ذلك تكون كفة رأي مجلس صيانة الدستور هي الراجحة، واللائحة المصادق عليها يجب إعادتها الى مجلس الشورى وتعديلها حسب رأي مجلس صيانة الدستور.

  • والآن لايمكن أن أجزم بأن كل آراء مجمع تشخيص مصلحة النظام كانت على هذا النمط، لكن بشكل عام يمكن القول أن حقيقة وجود مجمع تشخيص مصلحة النظام، تكمن في صلاحياته التي يمارسها في حل الخلاف بين مجلس صيانة الدستور ومجلس الشورى الاسلامي، أي إن المجمع بإمكانه وحسب المصلحة العامة أن يُقدم رأي مجلس الشورى  الاسلامي على رأي مجلس صيانة الدستور، وبشكل مؤقت فقط.