عن ماذا يبحث السيسي في زيارته الخامسة إلى السودان؟

عن ماذا يبحث السيسي في زيارته الخامسة إلى السودان؟
الخميس ١٩ يوليو ٢٠١٨ - ١٠:٥٠ بتوقيت غرينتش

يزور الرئيس المصري، عبدالفتاح السيسي، السودان، اليوم الخميس، ويلتقي نظيره عمر البشير، في زيارة هي الخامسة التي يقوم بها للخرطوم، والأولى بولايته الثانية، وبعد آخر زيارة للجارة الشقيقة قبل نحو عامين، في تشرين الأول/ أكتوبر 2016.

العالمتقارير

الزيارة تستغرق يومين، وتأتي وسط أجواء التقارب مؤخرا بين أطراف ملف مياه النيل الثلاثة؛ مصر والسودان وإثيوبيا، بعد فترة من عدم التوافق بين الأطراف الثلاثة حول أزمة سد النهضة الإثيوبي.

ملف نهر النيل وسد النهضة ومثلث حلايب على رأس المباحثات

وتسعى مصر لحل أزمة سد النهضة، المثارة منذ 7 سنوات مع إثيوبيا والسودان، المتوافقتين على فائدة السد لكليهما، فيما تتخوف القاهرة على حصتها التاريخية (55 مليار متر مكعب) و90 بالمئة من دخلها المائي، وخاضت مع أديس أبابا والخرطوم 18 جولة من المفاوضات الفنية على مدار نحو 4 سنوات؛ بهدف إيجاد حل فني يقلل مخاوفها.

وتخشى مصر تأثير تشييد سد النهضة، الذي بدأت أعماله في 2012، بكلفة أربعة مليارات دولار، على منسوب النهر الذي تعتمد عليه بنسبة 90 % لتأمين حاجاتها من المياه.

تبادل المعارضين

ويسبق الزيارة حالة من التهدئة بين القاهرة والخرطوم بالقضايا الخلافية، كأزمة مثلث (حلايب وشلاتين)، التي تطالب بهما السودان، ووقف الاتهامات المتبادلة بدعم مصر للمتمردين بالسودان، وإيواء الخرطوم لأعضاء بجماعة الإخوان المسلمين، وما صحب تلك الأزمات من تلاسن سياسي وإعلامي أثر على توافق البلدين بأزمة المياه.

وبالفعل منعت مصر، بداية الشهر الجاري، رئيس حزب الأمة السوداني المعارض، الصادق المهدي، من دخول أراضيها بعد عودته من مؤتمر للمعارضة السودانية في ألمانيا، وذلك قبل أن تسلم السودان عددا من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين المقيمين بالخرطوم، في موقف أغضب مصريين وسودانيين، واعتبره محللون مقدمة للتوافق بين النظامين.

وبعد أيام من منعه من دخول مصر قال الصادق المهدي، إن منعه، جاء "عقاباً" على مشاركته بمؤتمر المعارضة ببرلين بعد ما رفض طلب مسؤول مصري عدم التوجه لاجتماع المعارضة السودانية. وهي الخطوة التي لاقت ترحيب حزب المؤتمر الوطني الحاكم بالخرطوم.

انتقاد المعارضة السودانية للخطوة المصرية

هذا وأبدت المعارضة السودانية وعلى رأسها حزب المؤتمر الشعبي السوداني على منع السلطات المصرية رئيس حزب الأمة القومي من دخول أراضيها، فيما وصفت حركة الإصلاح الآن ترحيب حزب المؤتمر الوطني بإبعاد السلطات المصرية زعيم ورئيس حزب الأمة القومي من أراضيها بـ"الغباء السياسي"، خاصة وإن كانت الخطوة قد تمت بالتنسيق المشترك بين القاهرة والخرطوم.

لقاءات متتالية بين قادة البلدين

كما تأتي زيارة السيسي للخرطوم أيضا بعد زيارة البشير للقاهرة بأربعة أشهر، في 19 آذار/ مارس الماضي، فيما من المقرر أن يزور السيسي الخرطوم في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، وهو ما يثير التساؤلات حول دلالات توقيت الزيارة الحالية، التي تأتي قبل الزيارة المعلنة مسبقا بثلاثة أشهر، وحول ما قد يجري خلف الكواليس ويتم إعداده بملف المياه.

هذا وقال سفير السودان بمصر، عبد المحمود عبد الحليم، قال إن الزيارة "تتميز بأهميتها توقيتا ومضمونا"، وتعنى بالوقوف على سير ونتائج اجتماعات آليات التعاون الثنائي واجتماعات اللجنة الرباعية، المشكلة من وزيري الخارجية ومديري مخابرات البلدين، وصولا لاجتماعات لجنة التعاون برئاسة السيسي والبشير، التي ستستضيفها الخرطوم بتشرين الأول/ أكتوبر المقبل.

مشاريع مشتركة لحل أزمة سد النهضة

وبعيدا عن الصراع الإقليمي بسبب مياه نهر النيل والخلافات الحدودية تحاول مصر والسودان وأثيوبيا إنشاء مشاريع جديدة بينهم. حيث ناقشت وفود رفيعة المستوى من الدول الثلاثة في القاهرة خلال يومي 3 و4 يوليو الجاري، مشروعا ثلاثيا جديدا بينهم لتدشين صندوق ثلاثي لتمويل المشروعات التنموية والاستثمارية، وحجم التمويل المطلوب لهذا المشروع.

وتناولت المناقشات جميع المسائل المتعلقة بإنشاء الصندوق وبصفة خاصة أهدافه، وهيكله، وإدارته، وحجم التمويل، وتم التوافق على تحديد نقاط اتصال من كل دولة لتكثيف التشاور بين الدول الثلاث في الأسابيع المقبلة تمهيدا لعقد الجولة الثانية من الاجتماعات.

وفي مايو الماضي عقد في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا، اجتماع لوزراء الخارجية والري ومسؤولي الإستخبارات في الدول الثلاث بشأن السد الذي تبنيه أثيوبيا، وتم الاتفاق على تشكيل لجنة علمية لدارسة تأثير السد الكبير على النيل الأزرق، وأيضا إنشاء صندوق ثلاثي لتمويل مشاريع بنى تحتية في الدول الثلاث.

اقتراب مصري سوداني بعد فترة طويلة من الخلافات

لا تقتصر الخلافات المصرية السودانية في الخلاف على مياه نهر النيل ودعم متبادل لمعارضتي البلدين. بل يأتي الاقتراب الأخير بعد حقبة من الخلافات الحدودية حول السيطرة على مثلث حلايب الحدودي. حيث أعلنت وزارة الخارجية السودانية وفي يناير الماضي تجديد شكواها للأمم المتحدة، التي طلبت فيها أن تسلمها مصر السيطرة على المثلث.

وفي رسالة بعثها مندوب السودان الدائم لدى الأمم المتحدة عمر دهب لرئيس مجلس الأمن الدولي، والتي دعا فيها إلى توزيع خطاب السودان على أعضاء المجلس باعتباره وثيقة من وثائقه.

يذكر أن الخرطوم ظلت تجدد هذه الشكوى بشأن "مثلث حلايب" منذ العام 1958 في ظل تأكيد القاهرة على أنها أراض مصرية، ما تسبب بتوتر العلاقات بينهما.

وكان السودان استدعى سفيره في القاهرة في يناير للتشاور الماضي، فيما نقلت وسائل الإعلام المصرية الرسمية عن وزير الخارجية فيما بعد قوله إن الإخطار باستدعاء السفير تضمن إشارة إلى النزاع الحدودي.