السعوديون يرفضون تطبيع آل سعود مع الاحتلال الإسرائيلي.. عبد الله الملحم نموذجا

السعوديون يرفضون تطبيع آل سعود مع الاحتلال الإسرائيلي.. عبد الله الملحم نموذجا
الإثنين ٣٠ يوليو ٢٠١٨ - ٠٥:٤٦ بتوقيت غرينتش

انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر طالبا سعوديا يحمل علم بلاده يبتعد عن "مشارك إسرائيلي" على منصة التكريم في أولمبياد الكيمياء الدولي ليقف إلى جانب مشارك إيراني يرفع علم بلاده التي تعتبرها الرياض عدوا لها وأخذت تقترب في السنوات الأخيرة من عدو العرب والمسلمين الكيان الإسرائيلي المحتل.

العالم - تقارير

فمثل ملايين الشباب العرب لم يتقبل الطالب السعودي عبد الله الملحم القرب من الكيان الاسرائيلي في ظل استمرار احتلاله للأراضي العربية وفتكه بالفلسطينيين في الضفة الغربية وغزة وتهويد القدس وتدنيس المسجد الأقصى المبارك.

وخلال تكريمه مع الفائزين في الأولمبياد الدولي للكيمياء في سلوفاكيا والتشيك أمس اصطف الملحم إلى جانب طلبة من دول مختلفة وكان يحمل العلم السعودي المرصع بالشهادتين.

وعندما وقف طالب يحمل العلم الإسرائيلي إلى جانبه ابتعد الملحم بشكل عفوي وسريع وبحث عن مكان آخر في الجانب الآخر من الصف، وحينها قادته الصدفة إلى طالب يحمل علم إيران، لكنه لم يجد حرجا من الوقوف إلى جانبه والاستمرار في متابعة لقطات الحفل.

وذكرت صحيفة "سبق" السعودية أن الملحم أحرز الميدالية الفضية في الأولمبياد الدولي للكيمياء الذي أقيم في التشيك وسلوفاكيا واختتم اليوم الأحد 29 يوليو، كما حصدت السعودية بالإضافة إلى ذلك نتيجة هذه المسابقة 3 برونزيات.

لم يكن هذا الحادث وليد صدفة حيث يقبع المجتمع السعودي تحت ضغط شديد ويدار بقبضة من حديد من قبل حاكمه الفعلي ولي العهد محمد بن سلمان الذي اتخذ التطبيع مع الاحتلال والتصعيد في التعامل مع إيران عنوانا لسياسته الخارجية.

وتنشر وسائل إعلام عربية وغربية بين حين وآخر معلومات عن مدى التطبيع بين الاحتلال الإسرائيلي والنظام السعودي بقيادة محمد بن سلمان ووالده الذي أطلق يده في إدارة البلد، وبيت القصيد في هذا المجال هو الوقوف بوجه إيران. إلا أن للاحتلال أهداف أبعد من ذلك قد يصل إلى الحصول على موطئ قدم في الدول المطلة على الخليج الفارسي والاستفادة من مخزونها المالي.

ويبدو أن السعودية واجهت رفضا قاطعا من الشارع العربي في خطواطها التطبيعية حيث تنصلت أخيرا من مواقفها السابقة في سبيل اقامة العلاقات العلنية مع الاحتلال وبدأت تتراجع عنها. وأكدت مصادر دبلوماسية في الرياض أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، "هو من يتخذ القرارات في البلاد حول القضية الفلسطينية" وقدم ضمانات خاصة لدعم الرئيس الفلسطيني، محمود عباس في إشارة إلى خطوات محمد بن سلمان التطبيعية التي واجهت الرفض داخليا وعربيا.

وقال دبلوماسي عربي بارز في الرياض لوكالة "رويترز"، يوم الأحد إن "الملك في السعودية هو من يتخذ القرارات وليس ولي العهد"، الأمير محمد بن سلمان، وأضاف: "خطأ الولايات المتحدة أنها اعتقدت أن بإمكان دولة واحدة الضغط على بقية الدول للتسليم، لكن الأمر لا يتعلق بالضغط. لا يملك أي زعيم عربي التخلي عن القدس أو الفلسطينيين".

وأشار الدبلوماسي، تعليقا على "صفقة ترامب" (صفقة القرن)، التي تتقدم بها إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بقيادة صهره ومستشاره، جاريد كوشنير، إلى أن "المشكلة هي عدم وجود خطة متماسكة مقدمة لجميع الدول"، وأوضح: "لا أحد يعرف ما يتم عرضه على الآخرين".

ولفت الدبلوماسي العربي إلى أنه "ليست هناك دفعة جيدة ولم يقدم كوشنير شيئا مقبولا لأي دولة عربية"، مبينا أن مستشار الرئيس الأمريكي "يتصور أنه جني يحمل عصا سحرية سيأتي بحل جديد للمشكلة".

وفي غضون ذلك، أكد السفير الفلسطيني لدى الرياض، باسم الآغا، أن الملك سلمان أبدى تأييده للفلسطينيين في اجتماع عقد في الآونة الأخيرة مع عباس قائلا إنه لن يتخلى عن القضية الفلسطينية وسيقبل ما يقبلون به ويرفض ما يرفضونه.

وسبق أن قال مسؤولون فلسطينيون لـ"رويترز" في ديسمبر 2017، مع اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي المحتل، إن الأمير محمد بن سلمان ضغط على عباس لتأييد الخطة الأمريكية رغم مخاوف من أنها لا تعطي الفلسطينيين سوى حكم ذاتي محدود داخل مناطق غير مترابطة من الضفة الغربية المحتلة دون الحق في العودة للاجئين الذين نزحوا من ديارهم في حربي 1948 و1967.

وتتناقض مثل هذه الخطة مع مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية في عام 2002 والتي عرضت خلالها الدول العربية تطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي مقابل الاتفاق على إقامة دولة للفلسطينيين وانسحاب الكيان المحتل بالكامل من الأراضي التي احتلتها في حرب عام 1967.

ونفى مسؤولون سعوديون بعد ذلك وجود أي خلاف بين الملك سلمان الذي أعلن تأييده للمبادرة وولي عهده الذي قال لاحقا إن من حق "الإسرائيليين"، "العيش في سلام"، "على أراضيهم" في تصريح نادر لزعيم عربي.

ولا يقتصر الأمر على التطبيع فقط، فالسعودية حاولت دوما التمسك بقرار الفلسطينيين عبر دعمها لبعض الفصائل والمجموعات الفلسطينية على حساب فصائل أخرى تتمتع بعلاقات ممتازة مع محور المقاومة كحركتي حماس والجهاد الإسلامي. ويأتي الدعم المالي الأخير للسلطة الفلسطينية بقيادة رئيسها محمود عباس في إطار هذه المنافسة الإقليمية. إلا أن التجربة أثبتت فشل هذه السياسة بسبب فقدان السلطة للدعم الشعبي نتيجة تنسيقها الأمني مع الاحتلال وتراجعها عن المبادئ الموطنية.

وختاما نذكر أنه قد يبدو موقف الطالب السعودي عبد الله الملحم بسيطا إلا أنه يظهر رفض الشارع السعودي للتطبيع مع الاحتلال والقطيعة مع البلد المسلم الجار إيران التي أكدت على استعدادها للتفاوض مع السعودية ولم تغلق الباب أمامها في يوم من الأيام.