الغرب يغض الطرف عن قمع احتجاجات البحرين

الغرب يغض الطرف عن قمع احتجاجات البحرين
الخميس ١٢ مايو ٢٠١١ - ٠٨:٤٦ بتوقيت غرينتش

يعد مصير الاحتجاجات في البحرين تذكرة قاسية بتغليب الاعتبارات السياسية لقوى إقليمية وغربية على التطلعات الإصلاحية، حتى في عالم عربي تجتاحه انتفاضات شعبية ضد حكام شموليين من راسخي الأقدام.

فالبحرين ليست ليبيا ولكن التغاضي الغربي عن حملة الأسرة الحاكمة لكبح الاحتجاجات يلمح إلى أن مصالح مثل القاعدة البحرية الأميركية في المنامة والعلاقات بالمملكة العربية السعودية أكبر دولة مصدرة للبترول في العالم، والحاجة إلى احتواء إيران المجاورة تفوق أي تعاطف مع تظاهرات مطالبة بالديمقراطية .

وقال نبيل رجب، من مركز البحرين لحقوق الإنسان: "كان رد فعل الغرب متخاذلا، ويشي بازدواج في المعايير في السياسة الخارجية مقارنة بليبيا، فالنفوذ السعودي في البحرين هائل جدا الآن، ولم يتصد له الغرب، ما أصاب كثيرين بالإحباط، إنهم يفقدون الحظوة لدى الداعين للديمقراطية في البحرين".?

وأعلن ملك البحرين أن الأحكام العرفية التي فرضت في مارس عقب وصول قوات سعودية للمساعدة في إخماد الاحتجاجات سترفع اعتبارا من الأول من يونيو قبل أسبوعين من الموعد المحدد لإنهاء العمل بها. وسيكون ذلك قبل يومين من انتهاء المهلة التي حددها منظمو بطولة العالم للسيارات "فورمولا 1" للبحرين، لاتخاذ قرار بإعادة تحديد موعد البطولة التي كان مقررا أن تستضيفها في 13 مارس، وتأجلت البطولة بسبب الاضطرابات التي اجتاحت البلاد. وتحرص البحرين على إثبات عودة الاستقرار عقب الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل 29 شخصا على الأقل.

 وباستثناء توبيخ شفهي ضعيف وقفت الولايات المتحدة وحلفاؤها إلى جانب البحرين، فيما بدأت حملة يبدو أنها تهدف إلى معاقبة الشيعة بصفة عامة وليس فقط الداعين لمزيد من الحريات السياسية ونظام ملكي دستوري وإنهاء التمييز الطائفي.

 واعتقلت سلطات البحرين مئات المحتجين، وحاكمت العشرات أمام محاكم خاصة، وفقد البعض الآخر وظائفهم في الحكومة. وشملت الحملة ساسة وصحفيين، بل وعاملين في القطاع الطبي، وتوفي 4 من المعتقلين أثناء احتجازهم، وتنفي الحكومة تقارير جماعات حقوقية عن تعرضهم لتعذيب وسوء معاملة.

 وفي الشهر الماضي أوردت جمعية الوفاق الوطني الحزب المعارض الرئيسي في البحرين أنه جرى هدم ما لا يقل عن 25 مسجدا غالبا أثناء الليل، ووصفت السلطات المساجد بأنها مبان غير قانونية. وصورت وسائل الإعلام الموالية للحكومة المحتجين كخونة يلجؤون إلى العنف مدفوعين بمخططات .

وقال جوشوا لانديس، خبير شؤون الشرق الأوسط بجامعة أوكلاهوما: "قتلت البحرين من مواطنيها ورغم ذلك لقي سفيرها ترحيبا في حفل الزواج الملكي في بريطانيا، ومنحت البحرين تصريحا بقمع الثورة فيها، إما لأن الشيعة لا يحظون بنفس التقدير الرفيع الذي يحظى به السنة نتيجة عداء الغرب لإيران وخوفه من (هلال شيعي)، كما يردد دائما، أو بسبب العلاقات القوية التي تربط الولايات المتحدة والسعودية وحاجتها للبترول والقواعد العسكرية في الخليج الفارسي". وينفي مسؤولون غربيون عن أنفسهم تهمة النفاق في القيام بعمل عسكري ضد الزعيم الليبي معمر القذافي والاكتفاء بتوبيخ البحرين.

 لكن التدخل السعودي قضى على أية فرصة سريعة للحوار السياسي في البحرين، بعد أن أسكت المتشددون في أسرة آل خليفة الحاكمة الإصلاحيين بقيادة ولي العهد. ووجهت واشنطن انتقادا خافت النبرة لحليفتها البحرين علنا وقال جاسم حسين، من جمعية الوفاق، "ثمة ضغط مستمر من الحكومات الغربية وبصفة خاصة من الولايات المتحدة، ولكنه ضعيف نظرا للعلاقات الودية مع البحرين".

 وتحاول الولايات المتحدة الحفاظ على مصالحها، فيما تهدد الانتفاضات أصدقاء وخصوما عربا على حد سواء،.

 وقال مرهف جويجاتي، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة جورج واشنطن: "أفلتت البحرين من نوع الانتقادات التي وجهت إلى سوريا مراعاة للسعودية التي لا مصلحة لها على الإطلاق في إجراء إصلاحات في البحرين ناهيك عن تغيير النظام.

"الأهم أن البحرين حليفة السعودية والولايات المتحدة بها مقر الأسطول الخامس الأميركي، ولواشنطن مصلحة كبرى في استمرار هيمنة الأسرة الحاكمة في البحرين الموالية للولايات المتحدة والمعادية لإيران". وفي الوقت الراهن قد تكون البحرين أخمدت الاحتجاجات، ولكنها دفعت ثمنا باهظا بتسببها في جرح وطني، وإحداث ضغينة طائفية وتوتر إقليمي، ويصعب تخيله أنه نهاية القصة.

*وكالة رويترز