في حوار مع قناة العالم..

فلاحت بيشه وقضايا ساخنة بشان ايران و أميركا +فيديو

الخميس ٠٢ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٦:٥٤ بتوقيت غرينتش

طهران (العالم) 2018.08.02 – أكد رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الاسلامي الايراني حشمت الله فلاحت بيشه في حوار مع قناة العالم ضمن برنامج "من طهران"، ان الاميركيين متناقضون في مواقفهم حيث انهم من جهة يعمدون الى التهديد ومن جهة اخرى يسعون للتفاوض ولذلك يجمع الإيرانيون على أن الأميركيين ليسوا جديرين بالثقة ولا يمكن الثقة بهم.

وفيما يلي نص الحوار:

س: في البداية ماهي ما هي خططتكم وبرامجكم في لجنة الأمن القومي؟

 بدأت لجنة الأمن القومي دورتها الثالثة  للسنة الثالثة على التوالي، وفي هذه السنة، قدمنا سلسلة من البرامج الاكثرعملانية استنادًا إلى السياسات العامة للبلاد.

فعلى سبيل المثال ، أول شيء قمنا به هو تنظيم عمليات التفتيش والرقابة الخارجية  لدينا على أساس مستوى المعادلات الاقتصادية لايران وعلاقاتنا الاستراتيجية مع العالم.

ولقد حددنا خمسين دولة في العالم من شركائنا الرئيسيين وقمنا بتعيين مسؤول خاص لكل دولة من هذه الدول لمتابعة العلاقات بين البلدين بشكل خاص،  بالاضافة الى متابعة الاتصالات الشهرية التي لدينا مع وزراء الخارجية والدفاع والأمن والداخلية.

بالإضافة إلى ذلك، فأننا في كل أسبوع سنجتمع مع اثنين اوثلاثة من السفراء الأجانب المقيمين في طهران لتوسيع العلاقات الثنائية.

س: الدعوة التي وجهها الرئيس الاميركي للقاء المسؤولين الايرانيين بدون شروط مسبقة كانت ملفتة في الواقع، كيف تقيمون هذه الدعوة وماهي رؤيتكم حولها؟

الأمريكيون متناقضون في مواقفهم وربما في العالم هم الاقل خبرة مقارنة بايران حيث انهم من جهة يعمدون الى التهديد وجهة اخرى يسعون الى التفاوض، الا اننا نرفض الحوار من اجل الحوار.

نحن نؤمن بان الاميركييين هم اكبر ناقضي العهود ولذلك كيف يمكن ان نقوم باجراء حوار معهم؟ اما اننا ومن اجل الا نغلق ابواب القنوات الدبلوماسية فقد اعلنا اننا منفتحين للدبلوماسية لكن شريطة تنفيذ الاتفاق النووي والاحترام به قبل اي شيء وبعد ذلك يمكننا اجراء حوار متبادل حول القضايا العالقة الاخرى.

س: أليس لديكم موقف سلبي من دعوة ترامب للتفاوض؟

في إيران ، لا توجد حتى الآن استراتيجية للتفاوض مع الولايات المتحدة، ومنذ ان خرجت اميركا من الاتفاق وضربت به عرض الحائط بات موقف أولئك الذين كانوا يؤيدون التفاوض ضعيفا في إيران، ولا توجد لدينا نية للتفاوض وخاصة ان الاميركيين لم يعلنوا موقفهم بشكل صريح.

س: حبذا لو تطلعونا على الشروط التي وضعتها ايران لقبول التفاوض مع اميركا؟

هناك ملاحظة مهمة هو ان الايرانيين ليسوا من يضعون شروطا للتفاوض فحسب،  بل ان الاطراف الدولية والاوروبية والروس والصينيين، وبطبيعة الحال المراقبين المحايدين الدوليين هم الذين يضعون شروطا على ترامب واعلنوا بانه يتوجب على ترامب ان يقوم بتنفيذ مجريات الاتفاق النووي اولا وبعدها يطرح موضوع الحوار والتفاوض.

والجمهورية الاسلامية الايرانية هي جزء من المنظومة العالمية التي قامت بتفعيل نظام حظر الانتشار النووي وذلك لمواجهة اي تهديد واضفاء حسن النوايا، ولكن ترامب هو الذي انتهك هذا النظام ولهذا فان الشروط التي طرحتها ايران هي نفس شروط المجتمع الدولي نفسها.

س: ألا تخشون ان تحدث هذه الدعوة انقساما في المشهد السياسي الايراني؟

قد تكون هناك اختلاف بوجهات النظر في إيران حول التفاوض أو عدم التفاوض مع اميركا وهذه حقيقة ولكن الإيرانيين كلم يجمعون في اعتقادهم على أن الأميركيين ليسوا جديرين بالثقة ولا يمكن الثقة بهم ..الايرانيون عملوا بصدق في الاتفاق النووي وقبلوا بالتعديلات وعمليات التنفتيش الا ان اميركا ضربته على عرض الحائط.

ولكن وحدة الرأي هذه في هذا الصدد لا تعني وحدة الرأي في موضوع الدبلوماسية ونقص الدبلوماسية، وفي هذا الموضوع  يعتقد بعض الإيرانيين في التفاوض والبعض الآخر لا يؤمن بالتفاوض. لكن في نهاية المطاف، فان مجلس الأمن القومي الأعلى هو من سيقرر التفاوض أو عدم التفاوض.

س: في الوقت الذي يدعو فيه ترامب للمفاوضات دون شروط مسبقة، بنفس الوقت هناك تهديدات وعقوبات متوقعة على ايران في الرابع من تشرين الثاني/ نوفمبر ، كيف ترون هذين النهجين المختلفين لترامب حيث يهدد من جهة ويدعو للتفاوض من جهة اخرى؟

نحن لم نر خطوات عملية من الولايات المتحدة، بل قامت بتحديد سلسلة من المواعيد كالرابع من الشهر الحالي والرابع من تشرين الثاني/نوفمبر وغيرها من التواقيت لفرض حظر على ايران وبالتالي هم يعتمدون على التهديد بشكل بأكبر ويتبعون سياسة العصا والجزرة ولكن الإيرانيين بارعون في تحديد هذا النوع من التهديد.

س: ترامب بشكل مكرر يتحدث عن الوضع الداخلي في إيران، فهل هناك خشية من تحريك الداخل؟

ربما إن بعض شرائح المجتمع غير راضية عن الوضع الإقتصادي الذي يمر بها البلاد ولكن الشعب يأمل بإصلاحات إقتصادية في الداخل، كما أنه يعرف تماما أن جانبا من الوضع الموجود يعود الى الحظر الظالم الذي فرضته أميركا على إيران، بعد التوقيع على الإتفاق النووي خرجت إيران من تحت الفصل السابع للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وهذا يعتبر إنفراجا في حد ذاته  ولكن ترامب يتحدث عن حظر جديد ضد الشعب الإيراني.  

في الحقيقة ان واشنطن هي من تسببت في هذه الظروف الراهنة ولايمكنها الآن أن تواسي الشعب الإيراني، نحن يجب الا ننسى أن إيران تقع في مسار التطور والتقدم، وبعد التوقيع على الإتفاق النووي الغيت ما يقارب 915 نوعا من الحظر من أصل 1248، ولكن ترامب يسعى جاهدا الى إعادة فرض الحظر ولهذا السبب لا يمكن للإيرانيين أن يقوموا بفتح قنوات اتصال مع الأمريكيين الذين ظلموا هذا الشعب.

والقضية الاخرى هي ان اللجنة البرلمانية لتخطيط الميزانية وضعت ميزانية وفقا لظروف الحظر المفروضة حيث تتمكن البلاد من المقاومة وإدارة أعمالها بشكل يتناسب مع هذه الظروف، ولا ننسى أن إيران لديها 15 دولة جارة و25 دولة مجاورة ولدينا مع كل هذه الدول علاقات مباشرة. إيران ستقوم بالاستفادة من هذه الطاقات المتاحة لديها وتوظفها في تخفيف حدة الحظروابطال مفعوله ولا شك أن المسؤولين الإيرانيين أيضا سيكونون نشطين في التحكم على الوضع.

وفي قضية العملة الأجنبية هناك بعض سوء الادارة تسبب بنشوء بعض المشاكل حيث تمت مناقشتها في البرلمان وقد صدرت بعض الاحكام الرادعة واللازمة في هذا المجال. كما أن سوء التدبير هذا تسبب في إيجاد يعض المشاكل الاقتصادية. 

لكن الناتج المحلي الإجمالي في إيران يبلغ تريليون دولار وإن إقتصاد البلاد في هذا المجال يصنف ضمن أفضل الاقتصادات الـ 20 عالميا.

كما ان نسبة سكان إيران تبلغ حوالي 82 مليون نسمة وكل عام يضاف إليها بنسبة سكان قطر تقريبا، وهذا مؤشر إيجابي في نمو إقتصاد البلاد، ولا يمكن أن نربط جميع المشاكل بالحظر ونبرر مسؤوليتنا، أن الظروف الصعبة في الحظرعادة ما تجعل المسؤولين أن يقوموا بدورهم بشكل أقوى. فأن الظروف الراهنة تتطلب حلا إقتصاديا داخليا حيث يعقد البرلمان كل أسبوع جلسة غير معلنة أو تشاورية للبحث عن هذه الحلول.

يجب القول إن إيران لها علاقات فعالة مع دولا في القارة الأمريكية ولا ننسى أن هناك دول قلائل تتماشى مع سياسات ترامب و تدور في فلكه في فرض الحظر ضد إيران.

س: لم ندخل مرحلة العقوبات ومع ذلك هناك مشكلة في الاقتصاد الايراني وهذا لايخفى على مراقب.. اذا اتت العقوبات الاميركية على ايران كيف سيصبح الوضع الاقتصادي في البلاد؟

إذا أردنا إجراء مقارنة، قبل التوقيع على الاتفاق النووي، فإن جميع دول العالم كانت مطالبة بتقديم تقرير الى الأمم المتحدة كل ثلاثة أشهر حول الحظر الذي فرضته على إيران، لكن اليوم تلك الدول التي لديها علاقات مكلفة مع الولايات المتحدة تعد هذه التقارير وترسلها الى إلى وزارة الخزانة الأمريكية فقط، لذلك ، وفي هذه الظروف، أعتقد أنه يتعين علينا تشكيل إدارة سليمة وديناميكية، وان نعزز الحدود ونعيد تحديد أولويات العلاقات الثنائية، وان نعمل لكي لايصبح هناك اجماع عالمي جديد علينا".

س: انتم كلجنة الامن القومي كيف تنظرون الى الاوضاع الاقتصادية الحالية او الاوضاع التي من الممكن ان تأتي نتيجة حالات الحظر التي تنوي اميركا فرضها؟ هل تنظرون اليها بنظرة تهديد امن قومي؟

إن جهودنا في لجنة الأمن القومي تنصب على الحؤول دون ان تصبح الاوضاع امنية؛ وان نقوم بمعالجة معظم القضايا والمشاكل حيث استطاعت لجنة الأمن القومي حل بعض القضايا والمشاكل لبعض النقابات، لكننا جميعًا نعتقد أنه يجب عدم تعريض الأمن للخطر ويجب ان نتدخل حتى لا يتعرض امن البلاد الى تهديد حقيقي.

س: كيف تقيمون تصعيد اللهجة بين ايران والولايات المتحدة ؟

أعتقد أنه يجب ان يتم التكلم مع الاميركان بلغتها هي،انهم انها لا يفهمون سوى لغة التهديد حيث عندما اتى الحاج قاسم سليماني وهددهم  غيروا موقفهم دليل ذلك لانهم علموا قدرة ايران في ساحة الحرب ويعرفون قدرتهم في هذه الحرب. هم انفسهم يعلمون ان الايرانيين هم من انقذوهم وساعدوهم فيما يخص قضية داعش، ايران وجهت اكبر الضربات الى داعش، هم يعلمون ان الايرانيين متقدمون في نحو عشرة سنوات عن المنطقة في مجال التكنولوجيا وصناعة الصواريخ. وهذا ما تسبب في   تغيير الاميركيين لهجتهم وتحولها الى التفاوض، لكن ذلك لايعني انه لدينا لهجة واحدة في المستقبل.

س: الاسبوع الماضي وصل مستوى التهديد الى حد ان الرئيس الايراني هدد باغلاق مضيق هرمز في حال منع النفط الايراني من التصدير؟ وهذا ورد على لسان اكثر من مسؤول وليس هذا فحسب، وانما جرى الحديث عن مضائق وليس مضيقاً واحداً؟ انتم كمسؤول عن السياسة الخارجية والامن القومي، كيف تفسرون وتتعاملون مع تهديد الرئيس الايراني والمسؤولين الاخرين؟

ان النهج الذي تتبناه ايران هو رؤية داعية للشراكة وتخفيف حدة التوتر، ومفهوم تصريح الرئيس الايراني بان الظروف الامنية هي التي تحكم باغلاق مضيق هرمز تلقائياً، ويجب ان نضع في الاعتبار ان حوالي 50 بالمائة من مصادر طاقة العالم يتم تصديرها عبر هذا المضيق، 60 بالمائة من مصادر الطاقة موجودة في الدول المجاورة لمضيق هرمز، واذا ما سيطر الجو الامني والسياسي فان جميع المعاملات التجارية ستنهار، هذا ما كان يقصده الرئيس روحاني، ولكن الاميركيين فسروا كلامه بطريقة متطرفة. وعلى اية  حال انه اذا ما وجهت لايران ضربة فانها ستستخدم جميع امكانياتها الاستراتيجية والصاروخية لردع العدوان عنها.

ايران واميركا ليس لديهما استراتيجية للحرب مع بعضهما، ولكن ما دامت كانت القناة الدبلوماسية مغلقة، فانهما تتحدثان مع بعضهما بلغة "الخطابة" وفي مثل هذه الحالة ان المخاطب لكلام بعضهما البعض ليس البلدين نفسهما بل المخاطب هو الفئة التي تسمع كلامهما.

 يجب ان تكون هناك قناة اتصال بين ايران و أمريكا من اجل رفع سوء الفهم الحالي، اذ ان القوة الاقليمية مثل ايران، ودولة مثل اميركا معادية لبعضهما البعض لعدة اسباب، ولكن بالرغم من ذلك فانه من الضروري ايجاد قناة اتصال بين هذين البلدين، مثل تلك القناة التي كانت قائمة بين القوى خلال الحرب الباردة، وحالت دون نشوء الازمة، حتى الحرب المفروضة بين ايران والعراق، على مدى ثمان سنوات كانت هناك مثل هذه القنوات فيما بينهما، واحياناً كان يتم التواصل عبرها على سبيل المثال، لاخلاء الجرحى. لان عدم وجود مثل هذه القنوات يعني نقل المعلومات بصورة غير دقيقة بين الجانبين، والمثال على ذلك، نقل معلومات مغلوطة من قبل الكيان الاسرائيلي وبعض الدول الرجعية في المنطقة الى الرئيس الاميركي دونالد ترامب.

التفاوض في عالم اليوم لا يعني القبول بالضعف، فانه خلال الحرب الباردة، فقد اطلق الشرق والغرب عدة شعارات تتوعد الاخر بالتدمير، وحتى التهديد بالتصفية عبر القنابل النووية جاء من كلا الطرفين، ولكن عندما جلسوا على طاولة المفاوضات، فان النتيجة كانت نزع السلاح.

س: ألا تشكل عمان قناة دبلوماسية فعالة بين اميركا وايران خاصة في ظل التحركات الخارجية لوزير الخارجية العماني بن علوي ليتوجه الى اميركا؟

عمان هي قناة تقليدية بين ايران وامريكا ، وخلال هذه الفترة ايضا سعى المسؤولون العمانيون للوساطة، ولكن هناك حقيقتين، الاولى هي ان الخلافات بين ايران وامريكا واضحة الى درجة انها لا تحتاج الى الوساطة، وان توصل الجانبان الى نتيجة مفادها انه بامكانهما الاتفاق فيما بينهما والحوار تاسيسا على مصالحهما الوطنية فان هذا الامر سيحدث. الموضوع الثاني هو انه ولاول مرة على مر التاريخ يسعى العالم باجمعه لازالة التوتر السائد بين ايران وامريكا باستثناء بعض الاطراف مثل الكيان الاسرائيلي الذي يحاول تازيم الاوضاع واستغلالها خدمة لماربه وتهويد الاراضي المحتلة. الاتحاد الاوروبي والصين وروسيا وحتى المنظمات الدولية تعتقد بان على البلدين اطلاق حوار ثنائي في اطار مناخ دبلوماسي.  

س: كيف تقيم دور ايران الاقليمي؟

نفوذ ايران في المنطقة حقيقة لا تقبل الشك، هذا النفوذ ليس نابعا من القوة القاهرة كما هي امريكا او كما تتصور بانها كذلك، اي القوة المشفوعة بالنفوذ بعيدا عن الاتفاقيات الدولية، انهم يفكرون باحتلال الدول فقط، يحاولون استعراض قوتهم، ولكن حين لا تتحول القوة الى اقتدار فانها ستتبدد، او ان الدول المحتلة سترغمهم على الخروج منها، ولكن نفوذ الايرانيين هو نفوذ الاقتدار اي انه كان مشروعا وفي الحقيقة فان الدولة المضيفة لازالت تتطلع الى استمرار التواجد الايراني، هذا فضلا عن ان الايرانيين صانوا دول المنطقة في الظروف الصعبة. ان الايرانيين لبوا دعوة الدول المختلفة مثل العراق وسوريا وحالت دون تقسيم هذه البلدان. بل ان ايران نجحت في تسوية ازمات لا يمكن لاي دولة تسويتها سوى القوى العظى. ان الامريكيين يشعرون بالاستياء بشكل كبير حيال هذه القضية، والموضوع الذي يطرحونه فيما يخص زعزعة الداخل الايراني لاشغالها بنفسها يهدف الى انسحاب ايران من دشمها الاستراتيجية تلك، انا اعتقد بان الايرانيين لديهم باع طويل في مجال المزج بين عناصر القوة في الخارج مع عناصر القوة في الداخلي والصمود بشكل صلب.