الذكاء الاصطناعي.. تطوير للحياة البشرية ام تهديد لها؟

الذكاء الاصطناعي.. تطوير للحياة البشرية ام تهديد لها؟
الأحد ٠٥ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٧:٤٥ بتوقيت غرينتش

الذكاء الاصطناعي هو اسم أكاديمي يُستخدم في مجال الدراسة لتدريس كيفيّة إنشاء أجهزة الحاسوب القادرة على العمل بأسلوب ذكيّ.

العالم - تقارير

ويُعرف الذكاء الاصطناعي بأنّه العلوم والهندسة في صنع الآلات الذكيّة، وتُعتبر أبحاث الذكاء الاصطناعيّ ذات درجة عالية من التقنية، والتخصصيّة، وتعتمد على المنطق، والمعرفة، والتخطيط، والتعليم، والاتصالات (معالجة اللغات الطبيعيّة)، والتصوّر، والقدرة على التحرك والتعامل مع الأشياء، ويُستخدم في العديد من التخصصات العلميّة والمهن العلمية (علوم الحاسوب، والرياضيات، وعلم النفس، وعلم اللغة، والفلسفة وعلم الأعصاب).

تعريف الذكاء الصطناعي

الذكاء الاصطناعي هو قدرة الآلة على محاكاة العقل البشري وطريقة عمله، مثل قدرته على التفكير، والاكتشاف والاستفادة من التجارب السابقة.

ظهر فكرة الذكاء الاصطناعيّ فعليا مع تأسيس الأبحاث في عام 1956م، وتحديداً في كرم كليّة دارت موث، وذلك من قبل كل من (جون مكارثي، ومارفان مين سكي، وألن نيو يل، وآرثر صموئيل، وهربرت سيمون)؛ إذ تمكّنوا خلال المؤتمر من الفوز في لعبة الداما، وحل مشاكل في الجبر، وإثبات النظريّات المنطقية والناطقة باللغة الإنجليزيّة، وخلال منتصف عام 1960م أصبحت الولايات المتحدة الأمريكيّة الممثلة بوزارة الدفاع تموّل البحوث من خلال إنشاء مختبرات في جميع أنحاء العالم.

خلال عام 1980م تم إحياء الأبحاث حول الذكاء الاصطناعيّ من قبل منظمة العفو الدوليّة، وساهم ذلك في نجاح تجاريّ بعد مقدرتهم على محاكاة المعارف، والمهارات التحليليّة، وفي أوائل القرن الحادي والعشرين تم تحقيق أعظم نجاحات الذكاء من خلال استخدامه في الخدمات اللوجستيّة، واستخراج البيانات، والتشخيص الطبيّ، ويُعزى النجاح إلى عدة عوامل وهي؛ زيادة القوة الحسابيّة للحواسيب، وزيادة التركيز على حل المشاكل الثانويّة، وخلق علاقات جديدة بين منظمة العفو الدوليّة، وغيرها من المنظمات التي تعمل على حل مشاكل مماثلة، وخلال عام 1997 أصبح ديب بلو أوّل من صنع نظام الشطرنج على الكومبيوتر الذي استطاع الفوز على بطل العالم آنذاك غاري كاسباروف.

خلال السنوات الأخيرة، قفز التطور في تقنية الذكاء الاصطناعي قفزات كبيرة، وتعد تقنية "التعلم العميق" أبرز مظاهره، وهي ترتكز على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، أي أنها قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتيا دون تدخل الإنسان.

فقد تم استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة السجلات الطبية للمرضى ومعرفة التاريخ المرضي لهم كونها الخطوة الأولى في الرعاية الطبية، بالإضافة لإستعماله بتحليل نتيجة الفحوصات المختلفة بسرعة وأكثر دقة، كما بإمكانه تحليل الملاحظات الموجودة في التقارير الطبية والتي على أساسها يتم اختيار المجرى الأصح للعلاج، أيضاً لايستغنى عن استخدام هذه التقنيات في مراقبة وضع المريض ومدى تجاوبه للعلاج بين الزيارات المتكررة للطبيب كممرضة رقمية.

يد صناعية تتفوق على أيدي البشر ولا تحتاج تدخل الإنسان

تمكن باحثون وخبراء تكنولوجيا من تطوير يد صناعية يمكنها أن تتعلم من الإنسان مباشرة وتكتسب المهارات اللازمة، ومن ثم تتصرف دون الحاجة إلى تدخل بشري، وذلك باستخدام تقنيات الذكاء الصناعي التي تواصل تطورها المذهل في العالم.

وحسب المعلومات التي نشرتها جريدة «دايلي ميل» البريطانية، واطلعت عليها «القدس العربي» فإن المجموعة البحثية «OpenAI» المتخصصة في ابتكارات وتطوير تقنيات الذكاء الصناعي نجحت في التوصل إلى طريقة جديدة تحسن قدرات الروبوتات في تعلم المهام الإنسانية، من خلال التحكم في الأشياء وتحريكها بالسهولة ذاتها التي تتمتع بها اليد البشرية.

وأطلق الباحثون على التقنية الجديدة اسم «Dactyl» وقد نجحت في أن تدفع يد الروبوت إلى تعلم حركات جديدة عن طريق التجربة والخطأ، وعملت بمثابة اليد الحقيقة اعتمادا على مجموعة من البيانات دون أي تدخل بشري.

وكتب الباحثون: «في حين أن معالجة الأشياء ببراعة تعتبر مهمة يومية أساسية للبشر، إلا أنها ما تزال تحديا بالنسبة للإنسان الآلي في المستقبل». وأضافوا: «في هذا العمل نوضح أساليب تدريب سياسات التحكم التي تؤثر على اليد البشرية وتطبيقها على اليد الآلية».

وخلال الاختبار، كان النظام الجديد قادرا على اكتشاف الحيل البشرية في التعامل مع الأشياء بمفرده، بالاعتماد على آلية التعلم ومجموعة من المعلومات التي تساعد الذكاء الاصطناعي في تكوين فكرة أفضل عن معالجة الأشياء والقدرة على تحريكها، مثل القدرة التي أظهرتها اليد الآلية أثناء التعامل مع مكعب، حيث كان بإمكانها تدويره دون إسقاطه.

ووجد الباحثون أيضا أن اليد الآلية كانت قادرة على أداء أنواع مختلفة من القبضات التي كانت حصرية للبشر في السابق، مثل النقل الثلاثي والذي يتضمن استخدام الإبهام والسبابة والإصبع الأوسط، جنبا إلى جنب مع استخدام طريقة لنقل الأشياء باستخدام الإبهام والسبابة فقط.

وتعني هذه المعلومات أن النظام الجديد الذي ابتكره الباحثون أصبح قادراً على استكشاف القدرات البشرية في تحريك اليد وتكييفها لتتناسب بشكل أفضل مع قدرات الآلة.

ويعتقد الباحثون أن هذا المشروع يمكن أن يكون بمثابة مثال مهم حول قدرات خوارزميات التعلم الآلي وما يمكنها القيام به.

وبالإضافة إلى ذلك، ومن خلال المهارات التي أظهرها الروبوت، فإن هذا الدهاء يمكن أن تكون له آثار إيجابية على الشركات التي تسعى لأتمتة القوى العاملة لديها.

وخلص الباحثون إلى أن نتائجهم «تثبت أنه على عكس المعتقدات الشائعة، يمكن تطبيق الخوارزميات لحل مشاكل الروبوتات المعقدة التي لا يمكن الوصول إليها من المقاربات القائمة على التعلم».

تحذيرات من التطورات الهائلة في مجال الذكاء الاصطناعي

يشار إلى أن العديد من العلماء كانوا قد حذروا من التطورات الهائلة في مجال الذكاء الاصطناعي، وقالوا إنه يمكن أن يتفوق على الإنسان ويخرج عن سيطرته بما يؤدي في نهاية المطاف إلى نهاية البشرية.

وأطلق خبراء في مجال تكنولوجيا المعلومات صرخة تحذير جديدة مؤخراً، حيث قالوا إن «التطور المتزايد لأنظمة الذكاء الإصطناعي قد تؤدي إلى نشوب حرب نووية مدمرة بحلول العام 2040» حسب ما نشرت جريدة «صن» البريطانية.

وفي حال نشوب مثل هذه الحرب فهذا سيعني بالضرورة أن البشرية بأكملها ستكون مهددة بالفناء، كما أن مثل هذه الحرب قد تؤدي إلى تدمير شامل للكرة الأرضية بما يؤدي إلى انعدام الحياة على كوكب الأرض لسنوات طويلة.

وسبق أن أعلن العالم الفيزيائي البريطاني الشهير ستيفن هوكنغ، الذي توفي مؤخراً عن مخاوف من تدمير البشرية بسبب طفرة «الذكاء الاصطناعي».

وقال في مقابلة أجرتها معه شبكة «بي بي سي» البريطانية مطلع كانون الأول/ديسمبر عام 2014 «إن تطوير ذكاء اصطناعي كامل قد يمهد لنهاية الجنس البشري».

وأوضح أن في مقدور تقنيات الذكاء الاصطناعي أن تعيد تصميم نفسها ذاتيا، وتتطور بشكل متسارع، وهو أمر لا يستطيعه الجنس البشري، مما قد يؤدي إلى استبدال التقنيات الاصطناعية بالإنسان كونها أكثر تطوراً، على حد تعبيره.

وفي الاتجاه ذاته أعرب إيلون موسك، مؤسس شركة صناعة السيارات الكهربائية «تيسلا موتورز» والمستثمر السابق في شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية ديب مايند، عن مخاوفه من أن يتمكن الروبوت يوماً ما من التخلص من البشر وتدميرهم.

تطور بطيء

في المقابل، يرى بعض الخبراء أن تقنيات الذكاء الاصطناعي لن تتسبب في أي مخاطر على الجنس البشري، ومن هؤلاء أستاذ علم الحاسوب بجامعة مونتريال الكندي يوشوا بينغيو، الذي يرى أنه لا ينبغي القلق من التقنيات الذكية، فهي تحتاج لسنوات كثيرة من التطور البطيء والتدريجي قبل أن تصل إلى المدى الذي يخشاه المحللون، لأنها تستند في تطورها إلى علوم وأفكار ما تزال في بداياتها الأولى حاليا.

ويؤكد بينغيو أن الوصول إلى الذكاء الاصطناعي بشكله المنتظر لن يكون مفاجئا، أي ليس كما يشبهه البعض باكتشاف وصفة سحرية خارقة على حد تعبيره، فما زال إنتاج أنظمة الذكاء الاصطناعي المتكاملة بحاجة إلى تطور علوم حالية وابتكار علوم جديدة، أي -بتعبير آخر- لن يخرج أحد العلماء بتقنية ذكية من شأنها تغيير العالم بين ليلة وضحاها، كما في أفلام الخيال العلمي.

حاسوب ألفاغو الذي يستند إلى تقنية التعلم العميق تمكن من هزيمة العالم في لعبة "غو" المعقدة.