الوضع الانساني في الحديدة بين العدوان والتحذيرات الدولية

الوضع الانساني في الحديدة بين العدوان والتحذيرات الدولية
الأحد ٠٥ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٩:٤٢ بتوقيت غرينتش

بدأ هجوم تحالف العدوان السعودي ضد الحديدة قبل شهرين وسط انفعال دولي وبلغ ذروته في الايام الاخيرة بقصف مستشفى الحديدة غربي اليمن، الذي ادى الى استشهاد نحو 60 شخصا و إصابة اكثر من 170 جريحا.

العالم - تقارير

بعدَ العملياتِ العسكرية الموفقة التي شنتْها القواتُ اليمنية ضد البارجاتِ السعوديةِ والاماراتية في البحر الاحمر رداً على الجرائمِ والانتهاكاتِ التي ترتكبُها في اليمن، عادتْ السعوديةُ وحليفتُها الامارات للانتقام من المدنيين حيثُ واصلَ طيرانُها غاراتهِ المكثفةَ على المؤسسات المدنية في محافظةِ الحديدة شمالَ غربي اليمن، ودمرَ العديدَ من المصانعِ والمنشآتِ الحيوية، بينَها مشروعُ المياه، ما أدى الى انقطاعِ المياه عن المدينة، كما دمرَ عدداً من المصانع، أبرزُها مصانعُ مرتبطةٌ بالغزل والنسيج. الغاراتُ الانتقامية هذه لم توثرْ في عزيمةِ اليمنيين، حيثُ أكدَ ابناءُ الحديدة على الصمود والمقاومة بوجهِ الغزاةِ والمرتزقة.

وقبيل الهجوم، حذرت مختلف المنظمات الانسانية المحلية والدولية من تداعيات هذا الهجوم حيث قالت مجموعة الأزمات الدولية من أن الحرب في اليمن ستدخل مرحلة جديدة "أكثر تدميراً إذا حاولت القوات المدعومة من أبو ظبي والرياض السيطرة على الحديدة". كما دعت واشنطن إلى عدم منح الضوء الأخضر لحلفائها.

مجموعة الأزمات قالت إن المعركة في الحديدة ستجعل اليمن يدخل على نحو أوسع في ما يمثل أسوأ أزمة انسانية في العالم.

من ناحيتها، أبدت الأمم المتحدة قلقها من التصعيد العسكري للتحالف السعودي في الحديدة الساحلية، وقالت إنه "سيخلف عواقب خطيرة على الوضع الإنساني الصعب في اليمن، وسيؤثر على جهود استئناف المفاوضات السياسية"، مضيفة أن "معظم اليمنيين يعلّقون آمالهم على انتهاء الحرب الدائرة في بلاده عن طريق المفاوضات السياسية.

المبعوث الأممي إلى" اليمن مارتن غريفيث قال إن التصعيد العسكري في الحديدة "مقلق للغاية"، وكذلك تأثيره على الصعيدين الإنساني والسياسي.

وقال فيليبو غراندي المفوض السامي لشؤون اللاجئين في الأمم المتحدة اننا "نخشى أن يؤدي تصاعد القتال في اليمن لتدفق لاجئين على منطقة القرن الأفريقي".

وأضاف غراندي "لا نرى أي حل عسكري للصراع في اليمن". كما حثّ أطراف الصراع في اليمن على العودة إلى طاولة المفاوضات بأسرع ما يمكن.

ودعت هنرييتا فور المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف) إلى تجنب هجوم على الحديدة

وأكدت المديرة التنفيذية في بيان لها أن ما لا يقل عن 300 ألف طفل يعيشون في الحديدة ومحيطها، منبهة من أن خنق شريان الحياة المتمثل في ميناء الحديدة ستكون له عواقب مدمرة على 11 مليون طفل يمني.

كما جددت التأكيد أن 11 مليون طفل يمني بحاجة إلى مساعدات إنسانية.

لکن بالرغم من کافة هذه التحذيرات فان تحالف العدوان بدا الهجوم على الحديدة مما ادى الى تفاقم الاوضاع الانسانية فيها ونزوح الاهالي.

وأعلنت الأمم المتحدة أن نحو 35 ألف أسرة نزحت من محافظة الحديدة غربي اليمن هربا من القصف المدفعي والجوي للعدوان السعودي، المستمر.

وقالت المنظمة الدولية في تقرير إن عشرين ألفا من الأسر النازحة تلقت مساعدات، مشيرة إلى استمرار القصف المدفعي المكثف والغارات الجوية في مديرتيْ التُحيْتا وزَبيد في المحافظة.

وتتزايد أعداد النازحين مع توسع رقعة المعارك في محافظة الحديدة، حيث هاجم العدوان السعودي الإماراتي مؤخرا بلدة التحتيا.

وتضمن تقرير أوردته وكالة رويترز شهادات لسكان فروا من المدينة حیث وروى الفارون ما عاينوه من قتال وقصف متواصل شاركت فيه طائرات الأباتشي.

وفي الرابع من شهر تموز/ یولیو قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن إن 121 ألفا من سكان الحديدة نزحوا منذ 1 يونيو/حزيران، بينما لا يزال نحو نصف مليون داخل مدينة الحديدة.

وتوجه الفارون من محافظة الحديدة إما إلى صنعاء ومدن خاضعة للجیش واللجان الشعبیة شمالي اليمن، أو إلى مناطق أكثر أمنا بالساحل الغربي، أو إلى مدن جنوبية.

واعلن المركز اليمني لحقوق الإنسان في موتمر صحفي بتاريخ 2 أغسطس 2018 بمحافظة الحديدة عن تدهور الوضع الإنساني في إطار عمليات دول العدوان العسكرية لاحتلال محافظة الحديدة.

واشار المركز في تقريره الى الوضع الإنساني لمحافظة الحديدة وتعمد قتل المدنيين، واستهداف المنشاءات العامة والخاصة، والبنى التحتية، والتهجير القسري، ... إلخ.

كما أورد التقرير إحصائيات عن عدد القتلى والجرحى من المدنيين الذين استهدفتهم طائرات قوات تحالف العدوان والتي تلخصت في:

جدول يوضح ضحايا محافظة الحديدة من المدنيين بحسب النوع

النساء: قتيل 305

جريح: 219

الأطفال: قتيل 693

جريح: 486

الرجال: قتيل 2483

جريح: 3031

كما أورد التقرير جدول بأهم المجازر التي ارتكبت بحق المدنيين في الأماكن السكنية، والمصانع، والمزارع، وأماكن الصيد، والمزارع، ... في محافظة الحديدة منذ بدء العدوان في مارس 2015 .

وقدم التقرير إحصائيات عن حجم المنشآت المدمرة والمتضرر جراء قصف عدوان دول التحالف في محافظة الحديدة وفي المناطق الساحلية.

وأدانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر سلسلة الهجمات التي شهدتها مدينة الحديدة الساحلية والتي أدت إلى استشهاد وجرح العشرات من المدنيين.

وأكد رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن يوهانس بريوير، أن عدم احترام حياة المدنيين والأعيان المدنية أمر غير مقبول على الإطلاق.

وقال "المشاهد التي تصلنا من الحديدة مروعة وأصبح تجاهل القانون الدولي الإنساني لا يحتمل."

وأضاف "بموجب القانون الدولي الإنساني، يجب احترام وحماية السكان المدنيين والعاملين في المجال الطبي وسيارات الإسعاف والمرافق الطبية في جميع الظروف، ويجب تسهيل عمل الموظفين الطبيين."

شجب الاتحاد الأوروبي بشدة الاعتداءات المتكررة على المدنيين في الحديدة، مؤكدا أن الحرب في اليمن خلفت "أسوأ كارثة إنسانية في العالم".

وقال الاتحاد في بيان إن الحرب في اليمن "خلّفت أسوأ كارثة إنسانية في العالم جعلت 22 مليونا بحاجة للمساعدة"، مؤكدا أن الحل الوحيد الذي من شأنه وضع حد لمعاناة الشعب اليمني هو تسوية سياسية .

لم توثرْ في عزيمةِ اليمنيين، حيثُ أكدَ ابناءُ الحديدة على الصمود والمقاومة بوجهِ الغزاةِ والمرتزقة.

واكد القيادي في الائتلاف المدني لرصد جرائم العدوان وضاح المودع لبرنامج المشهد اليمني ان الحديدة هي من بين 15 محافظة يمنية واقعة تحت سلطة الحكومة في صنعاء وثلاث اكبر المحافظات اليمنية التي ترتكب ضدها المجازر وان الحديدة هي من اكثر محافظات اليمن فقرا وهي اكثر مدينة تواجه قصف العدوان لفقرائها.

وقال المودع: "لايستطيع أهالي الحديدة التنقل بحرية وان العدوان يحاول طمس اثار الجريمة بمحي اثارها ولايمكن العثور على الصواريخ الا ماندر وربما ان القدرة التي كنا نحققها وبعض المنظمات الدولية كنات الى حد كبير جيدة لكنها لم تحقق مئة بالمئة من إجمالي الجرائم التي أرتكبت في الحديدة، طالما العدوان مستمر على اليمن فإنه لايمكننا حاليا إحصاء وتوثيق هذه الجرائم ونقوم بتوثيقها كحالة اولى لحين إنتهاء العدوان على اليمن ثم بعد ذلك نذهب الى مرحلة مابعد التوثيق وهي مرحلة الملاحقات القضائية من ما لاشك فيه أنه ثمة عوائق قانونية شديدة لتحريك الدعاوي الجنائية أمام المحاكم الدولية".

من جانبه قال الناشط السياسي اليمني سيف علي الوشلي ان قصف الحديدة يعبر عن الحالة النفسية المتوترة للنظام السعودي والاماراتي جراء العمليات اليمنية التي كانت نوعية والتي حولت اليمن من البلد المدافع الى البلد الماهجم والتي حولت النظام الاماراتي ايضا من النظام المهاجم الى النظام المدافع.

واوضح سيف ان النظام السعودي والامارات تفاجئ بان يقوم اليمن بالهجوم بدل الدفاع ولم يستطيع النظام السعودي والاماراتي ان يتصور هذا الامر وكان معاكسا لكل التصورات التي كان يعتقدها ويظنها النظام الاماراتي والنظام السعودي.

واكد ان النظامين السعودي والاماراتي كانا يظنان بان اليمن بات على شفى الانهيار والخضوع والرجوع لكنه فاجئ الرياض وابو ظبي وهذا ما اكده الخبراء العسكريون في الشرق الاوسط والذين باتوا يتحدوث عن تغيير معادلة لم تكن متوقعة لدى الجميع.