"رقصة كيكي".. ذريعة السيسي لرفع أسعار البنزين!

الأحد ٠٥ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٦:٣١ بتوقيت غرينتش

الرئيس المصري يبحث عن ذريعة جديدة لرفع أسعار البنزين، مما يثر تساءلات بشأن مستقبل الضغوطات الاقتصادية علي طبقات المتوسطة والفقيرة في مصر.

العالم - مصر

بعد ان رفعت الحكومة المصرية أسعار 12 خدمة وسلعة أساسية آخرها البنزين والسولار والبوتغاز والمازوت بنسب تتراوح من 40 إلى 66 بالمائة، قد سبقها رفع أسعار تذاكر مترو الأنفاق 250 بالمائة، والكهرباء 26 بالمائة ومياه الشرب 46 بالمائة، وغيرها من ارتفاعات بتراخيص السيارات بنسبة 200 بالمائة واستخراج جوازات السفر 150 بالمائة، وتعريفة التاكسي والمواصلات الداخلية بنسبة 30 بالمائة..والان السيسي يبحث عن ذريعة جديدة لرفع سعر البنزين مرة أخرى، والذريعة هي "رقصة كيكي"!


 

"تحدي رقصة كيكي".. زوّد البنزين

السيسي في كلامه الأخير توعد المصريين بأنه سيقوم برفع أسعار البنزين بسبب قيام بعضهم بالمشاركة فيما يسمى "تحدي كيكي" وهو عبارة عن قيام الشخص بترك السيارة تسير بسرعة بطيئة والرقص وهو يسير بموازاتها، ليخاطب الرئيس وزير البترول طارق الملا قائلا "زوّد البنزين متقلقش".

انتقادات المصريين من كلام السيسي

مطالبة الرئيس من الوزير بزيادة أسعار البنزين بسبب "رقصة كيكي" أثار انتقاد مصريين اعتبروا ذلك استخفافا بمعاناتهم من رفع الأسعار المتكرر الذي قامت به الحكومة في البنزين والكهرباء والمترو والمياه فضلا عن زيادة الضرائب والرسوم، بالإضافة إلى أن النسبة الأكبر من المصريين لا يمتلكون سيارات من الأصل ويستخدمون المواصلات.

السيسي مستعد لبيع نفسه.. وثلاجته ظلت لمدة 10 أعوام لا تحتوي إلا على المياه

وبحسب المحللين، يحاول السيسي بصورة مستمرة التخفيف من حدة إجراءاته الاقتصادية باللجوء إلى تصريحات توضح استعداده للتضحية من أجل مصر، مثل تصريحاته السابقة بأنه مستعد لبيع نفسه، وتأكيده أن ثلاجته ظلت لمدة 10 أعوام لا تحتوي إلا على المياه، كما أبدى استعداده لتناول وجبة واحدة فقط يوميا، لكن هذه التصريحات لم يجد المصريون صدى لها على أرض الواقع تثبت جديتها، بل بالعكس دافع السيسي عن بذخ الإنفاق الذي تقوم به الحكومة ونواب البرلمان.

طعام المصريين وإهدار المال العام

ففي رده على سؤال حول "لماذا لا يتقشف الوزراء والنواب"؟ قال السيسي بمؤتمر الشباب الأخير إن المصريين يهدرون ربع طعامهم في رمضان، دون أن يشرح العلاقة بين طعام المصريين وإهدار المال العام من جانب النواب والوزراء، كما يكشف ذلك مرة أخرى أن الرئيس لديه تصورات عامة عن المصريين ويعتقد أن جميعهم يهدر الطعام، رغم أن النسبة الأكبر من المواطنين تنتمي للطبقات الفقيرة وشديدة الفقر، والتي قد لا تجد قوت يومها من الأساس.

كما انتقد المصريون قيام السيسي بمحاسبتهم فيما يقومون به من أموالهم الخاصة، بدلا من أن يتعرض للمساءلة على ما تستهلكه عربات موكبه المصفحة والطائرات العسكرية التي تحرسه، فضلا عن تكاليف الاحتفالات والمؤتمرات التي يعقدها بصورة دورية، والمشروعات الكبرى التي تم تنفيذها ولم تحقق عائدا للاقتصاد مثل مشروع قناة السويس الجديدة والعاصمة الإدارية الجديدة.

 

حكومة السيسي رفعت أسعار البنزين 4 مرات

الحكومة كانت قد رفعت أسعار البنزين 4 مرات منذ تولي السيسي الحكم، ويبدو أنه يمهد لرفع السعر لمرة خامسة خلال الفترة القادمة، عبر اتهام الشعب بالإسراف والبذخ وتحميله المسؤولية عن تلك الزيادات. لكن الثابت أن زيادة سعر البنزين ستحدث فعلا، لكن ليس بسبب "كيكي" وإنما لأن تلك الزيادة متفق عليها من قبل مع بداية حصول مصر على قرض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي، بعد الاتفاق على خطة تتضمن تعويم الجنيه الذي أدى لخسارة العملة الوطنية أكثر من نصف قيمتها أمام الدولار، ورفع الدعم عن الطاقة نهائيا بحلول منتصف 2019، وهو ما يعني أن النظام سيرفع سعر البنزين أكثر من مرة خلال الأشهر المقبلة، كما يعني أن السيسي هو المسؤول الأول عن رفع الأسعار، وليس أي مسؤول آخر أو "التجار الجشعين" كما تحاول الأذرع الإعلامية للنظام أن تنسب لها المسؤولية.

الغيبوبة الاجتماعية في مصر

رغم ارتباط هذه الزيادات بحياة المواطن البسيط، إلا أن القرارات الاقتصادية السابقة مرت بهدوء، باستثناء اعتراضات شهدتها القاهرة ردا على ارتفاع أسعار مترو الأنفاق، وهو ما علق عليه الخبير الاقتصادي الأممي إبراهيم نوار ب"الغيبوبة الاجتماعية".

وكتب: "الناس في مصر أصبحوا مغمى عليهم اجتماعيا بسبب صدمات الأسعار المتكررة والتقلبات اليومية للأسواق". وأردف قائلا: "مع زيادة حالة الإغماء الاجتماعي واتساع نطاقها، ستزيد محاولات الهروب من الواقع بالمخدرات، أو الانتقام من الواقع بالجريمة، أو الانتقام من النفس بالانتحار".

أسباب الجرأة التي يتحرك بها السيسي

السؤال الذي يطرح، هو، لماذا لم يعد الرئيس السيسي يخشى من ردة فعل الشعب المصري، الذي أصبح على موعد كل صباح مع ارتفاع جديد بالأسعار.

 المتخصص بعلم الاجتماع السياسي سيف المرصفاوي يقول أن "السيسي مهد الطريق جيدا خلال السنوات الماضية لاتخاذ مثل هذه القرارات، وكانت البداية بشيطنة الإخوان المسلمين ومواجهتها بكل السبل الأمنية الإجرامية أو القضائية وكذلك الاقتصادية، والإعلامية، باعتبارها القوة الأكثر تأثيرا بالشارع المصري، ثم جَيّش كل وسائل وإمكانيات الدولة لمواجهة الأصوات المعارضة الأخرى واتهامها بدعم الإرهاب... كل هذا منحه قوة بطش جعلت الشعب كامنا ويكتفي بالاعتراض داخل الغرف المغلقة فقط".

هل يقبل المصريون مبررات الحكومة لرفع أسعار المحروقات؟

حول غياب ردود الفعل الشعبية تجاه استمرار الزيادة بالأسعار، أكد أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر عبد الحليم العشري أن "الشعب المصري يعيش حالة من الخوف لم يشهدها من قبل، وما زال شكل الدم الذي سال خلال السنوات الماضية حاضرا في ذهنه بشكل كبير".

والسوال الرئيسي هو كيف تؤثر هذه الزيادات المتكررة في الأسعار على الواقع المعيشي للمواطن المصري و هل الايرادات الدولة من الزيادات سوف تساعد في تخفيض الفقر و البطالة و ضعف الاداء الاقتصادي في مصر ام لا؟!

 

محمد حسن القوجاني