الدولة القومية؛ المسمار الأخير في نعش ديمقراطية الاحتلال المزعومة

الدولة القومية؛ المسمار الأخير في نعش ديمقراطية الاحتلال المزعومة
الأحد ٠٥ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٦:١٣ بتوقيت غرينتش

في تجاهل كامل لقيم المساواة والديمقراطية، دافع رئيس الوزراء الاحتلال الاسرائيلي بنيامين نتانياهو الأحد عن قانون أثار حفيظة الأقلية الدرزية في "اسرائيل"، مشيرا إلى أنه سيساعد في منع الفلسطينيين والمهاجرين غير الشرعيين من السعي للحصول على الجنسية "الاسرائيلية"،حيث يراه البعض "المسمار الأخير في نعش" ما أسموه "الديمقراطية الإسرائيلية".

العالم – تقارير

وقال نتانياهو في مستهل اجتماع حكومته الأسبوعي إن "قانون الدولة القومية يجنب على سبيل المثال استغلال بند لم شمل العائلات الذي تم بموجبه استيعاب عدد كبير جدا من الفلسطينيين في البلاد".

وقال "قد يساعدنا هذا القانون كذلك في منع دخول العمالة المهاجرة مستقبلا".

وتم إقرار القانون الشهر الماضي ليصبح جزءا من القوانين الأساسية التي تعد بمثابة دستور للكيان الاسرائيلي. ولا يتضمن إشارات إلى ما تسمى بـ المساواة أو الديموقراطية ملمحا بذلك إلى أن الأولوية هي للطابع اليهودي في الاراضي المحتلة. 

وندد مواطنو العرب بشدة بالقانون وخصوصا الدروز البالغ تعدادهم 130 ألفا الذين اعتبروا أنه يجعل منهم سكانا من الدرجة الثانية.

وبخلاف غيرهم من العرب الذين بإمكانهم التطوع للخدمة في الجيش الاحتلال الاسرائيلي، فإن الخدمة في الجيش أو الشرطة إلى جانب اليهود الاسرائيليين إجبارية بالنسبة للدروز.

وادعي نتانياهو الأحد إن دولة "اسرائيل" هي الدولة القومية للشعب اليهودي. "اسرائيل" دولة يهودية وديموقراطية. الحقوق الفردية راسخة في كثير من القوانين المنصوص عليها في الدستور.

وزعم "لا أحد مس أو ينوي المساس بهذه الحقوق الفردية لكن دون قانون الدولة القومية سيستحيل ضمان مستقبل "اسرائيل "كدولة قومية يهودية للأجيال (المقبلة)".

واحتشد عشرات آلاف الفلسطينين الدروز وأنصارهم وسط تل أبيب للاحتجاج على القانون السبت.

الكنيست يصدق على تعديل قانون "القدس الموحدة"

ومرر الكنيست الإسرائيلي مشروع قانون "الدولة القومية" في قراءاته الثانية والثالثة بعد نقاش استمر لساعات، حيث يعتبر القانون "إسرائيل" كموطن تاريخي للشعب اليهودي وعاصمتها القدس "الموحدة"، بموافقة 62 نائبا، واعتراض 55 آخرين، وامتناع عضوين.

ورحب رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بتمرير مشروع القانون، الذي كان أحد مؤيديه، واصفًا الموافقة عليه بأنها "لحظة حاسمة" في تاريخ الكيان الاحتلال.

وادعى نتنياهو، في بيان: "لقد حفرنا في صميم القانون لغتنا ونشيدنا وعلمنا، لقد كرّسنا حقيقة أن "إسرائيل" هي الدولة القومية للشعب اليهودي"!

وأشارت شبكة "ٍسي إن إن" الأمريكية، إلى أن مشروع قانون "الدول القومية" تجاهل بشكل كامل التأكيد على حقوق المساواة أو حقوق الأقليات.

ما هو قانون "الدولة القومية"؟

يتكون هذا القانون من 15 بندًا: ينص البند الأول "أ" على أن: "دولة "إسرائيل" هي الوطن القومي للشعب اليهودي، وفيها حقق تطلعه لتقرير المصير، استنادًا إلى تراثه الثقافي والتاريخي". ويحصر البند الأول "ب": "حق تقرير المصير القومي في دولة "إسرائيل" باليهود فقط، ويستثني العرب الفلسطينيين المواطنين من حقوقهم القومية، ومن حقهم في تقرير المصير.

ويحدّد البند الثاني أن هدف هذا القانون هو الدفاع عن مكانة "إسرائيل" "بوصفها الدولة القومية للشعب اليهودي وتثبيت قيم دولة "إسرائيل" كدولة يهودية ديمقراطية".

 ويؤكد البند الثالث الرموز اليهودية، مثل النشيد القومي "هتكفا" وعلم الدولة وشعارها، أما البند الرابع فينص على أن القدس "الموحدة" هي عاصمة الكيان الصهيوني.

 ويؤكد البند الرابع "أ" أن العبرية هي لغة الدولة، ويلغي البند الرابع "ب" الاعتراف القائم باللغة العربية لغة رسمية، ويمنحها "مكانة خاصة" فقط، توفر لمتحدثيها الحق في تلقي الخدمات العامة بلغتهم.

ويؤكد البند السادس على "حق كل يهودي في الهجرة إلى الاراضي المحتلة والحصول على المواطنة فيها"، أما البندان السابع والثامن، فيُلزمان الدولة بـ"العمل على جمع الشتات" اليهودي في العالم، وتعزيز العلاقة بين "إسرائيل" واليهود في العالم، ويلزمانها أيضًا بالحفاظ على ما تسمى بالتراث الثقافي اليهودي والتاريخي "للشعب اليهودي في العالم". ويؤكد البند التاسع "أ" أنّ من حق كل مواطن العمل على الحفاظ على ثقافته وتراثه ولغته، وهو ما يرفع الحرج عن "إسرائيل" في الحفاظ على الهوية العربية.
أما البند التاسع "ب" فيتيح إمكانية الفصل في أماكن السكن بين مواطني الدولة بشكل قاطع، ومن دون شروط على أساس ديني أو قومي، ويهدف ذلك إلى منع المواطنين العرب من السكن في "تجمعات وقرى" يهودية داخل الخط الأخضر.

أما البنود، العاشر والحادي عشر والثاني عشر، فتشير إلى التقويم الرسمي لـ"إسرائيل"، وما يطلق عليه "يوم الاستقلال" والعطل والمناسبات الأخرى.

 ويعطي البند الثالث عشر "القضاء العبري"، أي الشريعة اليهودية الدينية، أفضلية، ويجعل منها مرجعية قانونية ملزمة في القضايا التي لا يتوفر بشأنها نص قانوني واضح.

أما البند الرابع عشر فيناقش الأماكن المقدسة، ويستهدف هذا البند المسجد الأقصى، وكان الكنيست قد سن قانون الأماكن المقدسة في السابق، وهو ما تستند إليه الجماعات والأحزاب اليهودية اليمينية المتطرفة، لتسهيل اختراقها الدائم لحرمة المسجد الأقص.

أما البند الخامس عشر فيحصن هذا القانون، ويصعّب من إمكانية إجراء تغييرٍ فيه أو إلغائه، وينص هذا القانون على أنه لا يمكن تغييره إلا بواسطة سن "قانون أساس"، يحظى بموافقة أكثر من نصف أعضاء الكنيست.

انتقادات دولية ومحلية للقانون

 في هذا الإطار، هاجم أعضاء الكنيست أحمد الطيبي ويوسف جبارين، وكلاهما من حزب القائمة العربية المشتركة، مشروع القانون في بيان مشترك. وقال البيان "إن قانون الدولة القومية هو المسمار الأخير في نعش ما يسمى بالديمقراطية الإسرائيلية، التي كانت تموت في السنوات الأخيرة بسبب معاناتها من الأمراض العنصرية المزمنة مثل الفاشية والفصل العنصري.

 وأثار البند التاسع الذي يتيح إمكانية الفصل بين المجتمعات اليهودية والعربية العديد من انتقادات، حيث أعرب بعض أبرز السياسيين الحاليين والسابقين في الكيان الإسرائيلي، بمن فيهم الرئيس الإسرائيلي السابق رؤوفين ريفلين، والمدعي العام أفيخاي مندلبليت، عن تحفظهم حول هذا البند، قائلين إن ذلك سيضر بموقف "إسرائيل" الدولي، ومن المحتمل أن تلغيه المحكمة العليا.

من جانبها، نددت جماعتان يهوديتان أمريكيتان بمشروع قانون الدولة القومية المثير للجدل، مؤكدين أن التشريع يقوض ما وصفوه بـ"الأساس الديمقراطي لـ"إسرائيل".

مخاوف من تعميق الانقسام

وحذر العديد من المراقبين من أن هذا القانون يزيد من تعميق الهوة بين "إسرائيل" ويهود الشتات، حيث أعيدت صياغة بند كان من شأنه تأكيد حق جميع اليهود في الانتقال إلى فلسطين المحتلة، لإعادة التأكيد على العلاقة بين "إسرائيل" ويهود الشتات، وخاصة الجالية اليهودية الأكثر تحررًا في الولايات المتحدة التي انتقدت حكومة نتنياهو المحافظة بشكل متزايد.

 واعترضت الأحزاب الدينية المتشددة، التي كان له دور حاسم في تمرير مشروع القانون، لأن الصياغة السابقة كان يمكن اعتبارها اعترافًا بالأشكال غير المتطرفة لليهودية التي تعارضها تلك الأحزاب بقوة. وفي محاولة لتأخير تمرير مشروع القانون النهائي، طرحت أحزاب المعارضة عددًا من التعديلات، تم رفضها كلها، لتوسيع النقاش حول مشروع قانون "الدولة القومية"، بعض تلك التعديلات أعربت عن ازدرائها الواضح لمشروع القانون. على سبيل المثال، طرح حزب "ميرتس" اليساري تعديلًا لتغيير اسم مشروع القانون من "إسرائيل.. الدولة القومية للشعب اليهودي" إلى "إسرائيل.. دولة لليهود المتطرفين فقط".