بعد اغتيال العالم السوري.. من هي وحدة التصفيات (كيدون)؟

بعد اغتيال العالم السوري.. من هي وحدة التصفيات (كيدون)؟
الأربعاء ٠٨ أغسطس ٢٠١٨ - ٠١:٠٣ بتوقيت غرينتش

يوم السبت الماضي ليلا، تمت عملية اغتيال اللواء عزيز إسبر، مدير مركز البحوث العلمية السوري أثناء تفجير سيارته بعبوة ناسفة في مدينة مصياف في ريف حماة، ومع أن "إسرائيل" لم تعلن رسميا مسؤوليتها عن الجريمة، إلا أن المؤشرات أكدت على أن الموساد (الاستخبارات الخارجية)، هو الذي نفذ تصفية العالم السوري.

العالم - سوريا

وهذا الأمر يعيد إلى الأذهان وحدة (كيدون)، التابعة للجهاز والتي تنعت بوحدة القتلة والاغتيالات، و(كيدون)، هي كلمة عبرية معناها "الخنجر الذي يغمد في البندقية"، وتتبع لقسم العمليات في الموساد، الذي يطلق عليه اسم (كيساريا)، كما ذكرت صحيفة (صاندي تلغراف) البريطانية، التي أضافت أن مقر الوحدة في صحراء النقب.

المعلومات المتوفرة عن وحدة (كيدون) شحيحة جدا، فالإعلام العبري يمتنع عن نشر المعلومات حول الوحدة النخبوية بأمر من الرقابة العسكرية، التي ترى بالإفصاح عن هيكلة وعمل الوحدة مسا سافرا بالأمن القومي "للدولة العبرية"، وبالتالي فإن المعلومات التي تنشر في الإعلام العبري، تعتمد في سوادها الأعظم على "مصادر أجنبية"(!).

بعد اغتيال القائد العسكري في (حماس) بدبي، الشهيد محمود المبحوح، نشرت الصحف العالمية أنباء مفادها أن أفراد الوحدة المذكورة هم الذين قاموا بتنفيذ الجريمة. الصحافة العبرية نشرت المعلومات المقتبسة، وبطبيعة الحال فإن التزمت الصمت وما زالت، إذ أنه حتى اليوم لم تعلن مسؤوليتها عن اغتيال المبحوح، وبالمقابل لم تنف أن يكون الموساد، التابع مباشرة لرئيس الوزراء، نفذ العملية في كانون الثاني (يناير) من العام 2010، وهذه السياسة، عدم التأكيد وعدم النفي، مشابهة لسياسة الضبابية التي تنتهجها "إسرائيل" في كل ما يتعلق بالأسلحة النووية التي تمتلكها، بحسب المصادر الأجنبية.

يشار في هذا السياق إلى أنه في العام 1990 أصدر عميل الموساد السابق، فيكتور أوستروفسكي، وهو يهودي كندي، كتابا باللغة الإنجليزية بعنوان "بالحيل تصنع الحرب" والذي تم الكشف فيه عن هيكلة الموساد والوحدات التي تعمل فيه، وأكد المؤلف أن هدفه من نشر الكتاب هو تحذير الشعب في "إسرائيل" من جنون العظمة ومن الأعمال غير الأخلاقية التي ينفذها الموساد في مناطق عديدة في العالم.

وبحسب المصادر الأجنبية فإنه من المهام الرئيسة التي يكلف بها عملاء (كيدون) هي تنفيذ مهمات خاصة تتمثل في الخطف والإعدام والاغتيال، حيث خصص قادة الموساد وحدة خاصة تابعة له لغرض الاغتيال والقتل، وتقوم الوحدة بالتدريب مرارا على الهدف للوصول لعملية اغتيال ناجحة، إذ أن من أهم أهداف تأسيسها الردع والتخويف وإحباط "النشاطات المعادية لإسرائيل" كهدف عام للموساد.

وبحسب كتاب أوستروفسكي فإن كيدون، هي الوحدة الوحيدة في العالم المسموح لها رسميا بتنفيذ الاغتيالات.

ونشر المحلل للشؤون الأمنية يوسي ميلمان، من صحيفة (معاريف) أن الوحدة تتكون من بضع عشرات من الرجال والنساء (40 عنصرا)، الذين خضعوا لتدريب دقيق وواسع في العديد من المجالات، مثل التدريبات على الأسلحة والمتفجرات والكفاءة حتى في قيادة أنواع مختلفة من المركبات، وأيضا الدراجات النارية، وبحسبه فإن الأنباء عن بطولات الوحدة وتدريباتها بعيدة عن الواقع، لافتا إلى أن التدريبات التي يمر بها عملاء وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) هي أكثر صرامة وقسوة.

وتقول بعض التقارير إن عناصر الوحدة يعملون في فرق صغيرة، ويخضع أفرادها من الرجال والنساء، كباقي أفراد الموساد للإشراف النفسي من قبل اختصاصيين، ولكن الإشراف النفسي على أفراد الوحدة أكثر شدة بسبب طبيعة العمل الخطير فيها، كما أورد الصحافي الإسرائيلي، استنادا إلى مصادر أجنبية.

وتابع أن أفراد الوحدة يتدربون سنوات طويلة، ومن بعد ذلك يقومون بتنفيذ المهام الملقاة على عاتقهم، ومن بين العمليات المشهورة التي نسبت للوحدة: محاولة اغتيال رئيس الدائرة السياسية في حركة حماس، خالد مشعل في العام 1997 في العاصمة الأردنية، وفي العام 1995، بحسب المصادر الأجنبية، وقامت الوحدة باغتيال الدكتور فتحي الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في مالطا، والذي تمت تصفيته برصاصتين اخترقتا رأسه عن قرب.

ووفقا لكتاب يومسي ميلمان ودان رافيف (حرب الظلال)، فإن الوحدة معزولة بالمرة في المبنى السري للموساد، وأن أكثرية عناصرها يصلون من وحدة الكوماندوز البحري، المعروفة بـ"شاييطت13" وأيضا من الوحدة النخبوية "سرية الأركان العامة"، وتابع الكتاب أنه من أجل الحفاظ على هوية العملاء في هذه الوحدة، فإنهم حتى داخل الموساد يعملون تحت أسماء مستعارة، وعندما يسافرون لتنفيذ عملية فإنهم يستخدمون أربعة أسماء مستعارة أو حتى أكثر، كما جاء في الكتاب.

وبرأي المؤلفين، فإنه على الرغم من العدد الكبير الذي نسب للوحدة تنفيذ الاغتيالات، فإنهما يجزمان بأن عدد عمليات التصفية التي قامت بها الوحدة لا يتعدى الـ50 عملية، ولفتا في الوقت عينه إلى أن الوحدة هي موساد داخل موساد، للتدليل على سريتها وأهميتها. ومن الأهمية بمكان الإشارة في هذا السياق إلى أن تامير باردو، القائد السابق لجهاز (الموساد) قال مؤخرا في مقابلة مع التلفزيون العبري إن "جهاز الموساد الإسرائيلي هو منظمة جريمة مرخصة".

* رأي اليوم