16/1/2011 علي الطالقاني A_alialtalkani@yahoo.com

الأحد ١٦ يناير ٢٠١١ - ٠٦:٢٩ بتوقيت غرينتش

السودان... مسمار اخير في نعش الوحدة بعد ان طال السودان حرب أهلية دام امدها عقود من العرقية والتطرف، يشهد السودان اليوم توتراً بعد ان تدفق ابناؤه عبر طوابير طويلة على أبواب مراكز الاقتراع وسط تشدد أمني ينشد ابناء البلد الواحد فرحاً لتمزيق بلادهم وولادة دولة جديدة على الخارطة الافريقية. فمن المحتمل ان يكون الاستفتاء لصالح الجنوبيين، ما سيقسم أكبر دولة افريقية. في حين يرى خبراء من ان هذا التقسيم قد يسرع عجلة التشدد التي يدفعها الانفصاليين.

السودان... مسمار اخير في نعش الوحدة

بعد ان طال السودان حرب أهلية دام امدها عقود من العرقية والتطرف، يشهد السودان اليوم توتراً بعد ان تدفق ابناؤه عبر طوابير طويلة على أبواب مراكز الاقتراع وسط تشدد أمني ينشد ابناء البلد الواحد فرحاً لتمزيق بلادهم وولادة دولة جديدة على الخارطة الافريقية. فمن المحتمل ان يكون الاستفتاء لصالح الجنوبيين، ما سيقسم أكبر دولة افريقية.

في حين يرى خبراء من ان هذا التقسيم قد يسرع عجلة التشدد التي يدفعها الانفصاليين. فيما تعود فكرة الانفصال الى سنين طويلة بسبب القيود المفروضة على الحريات العامة وزيادة معدلات الفقر والبطالة وسوء توزيع الثروات وتهميش شرائح عريضة من الفقراء في ان يحصلوا على حقوقهم الأساسية، وكذلك بسبب التفرد بالسلطة ونشأت المليشيات مما ولد كل ذلك إحباط عميق في أوساط الشعب السوداني. رغم التغني بالاصلاحات التي ينشدها قادة السودان في الوقت الذي كانت فيه القوى السياسية تحكم قبضتها على السلطة.

فالمؤشرات تفيد من غير المرجح ان تتفادى أزمة السودان عن قريب رغم السعي من قبل المجتمع الدولي بتوجيه مسار التغيير منذ سنين، وحتى ان فشل موضوع التقسيم فإن هناك شعورا تولد في النفوس بأن التحديات السياسية والاقتصادية من ابرز المشاكل التي ساهمت هي الاخرى بدفع عجلة التقسيم وقوضت الاصلاحات ليستفحل الفساد فيما بعد.

ومن المؤكد ان التغيير في السودان يكون عبر حركات المعارضة التي ينبغي عليها ان تجد آليات ووسائل تنظم من خلالها التحديات بجدية.

ويأتي الغرب ليساهم هو الآخر في الترويج للإصلاح مع خشيته على الإطاحة بالنظم التي تواليه وهو ما يشكل عائقاً كبيراً اما الشعوب ويولد نفاقاً سياسياً.

فعلى الصعيد الداخلي ثمة امور منها المزيد من الخلافات السودانية الداخلية منها ملف ترسيم الحدود، ومصير المناطق المتنازع عليها، وحصة المياه، وعائدات النفط، والديون الخارجية والجنسية، ومسألة المقيمين في الشمال والجنوب ومسألة شفافية الاستفتاء.

اما مخاطر الانفصال فتكمن في الترتيبات في مكافحة المعاناة في دولة جنوب السودان منها الخلافات الإثنية وانعدام البنية التحتية واشتعال الحرب الجنوبية الداخلية بسبب وجود حركات التمرد، فهناك المتمردين من كبار قادة الحركة الشعبية، اما دولة شمال السودان فهناك احتمال ان تسعى حكومة جنوب السودان إلى تصعيد الخلافات مع الشمال حول الملفات المتنازع عليها. اما على الصعيد الدولي فهناك احتمالات ان تعاني الدول الأخرى من نفس التجربة.

فالسودان مقبل على التقسيم وتحمل الدولة الجنوبية نسبة كبيرة من العجز الاقتصادي والجهل و سيكون جنوب السودان الأضعف عالمياً وبالتالي ستحتاج دولة جنوب السودان الى إنشاء قاعدة كبيرة من المشاريع السياسية والاقتصادية والامنية...

وان الشمال والجنوب وإن افترقا فالمصلحة تقتضي التعاون ولا بد من التأكيد على ضرورة استدامة السلام.

وعلى المجتمع الدولي ان يزيد من مساعيه في تقديم المساعدات على المدى البعيد فان الفشل يعني اهلاك الجنوب. فيما يعد العامل الايجابي الوحيد حول تداعيات التقسيم فيما اذا شكل انعطافة في تفكير الأنظمة المستبدة في تغيير رؤاها ودفع عجلة الديمقراطية الى الامام وتوسيع مساحة الحريات العامة واجراء اصلاحات حقيقية من اجل الاستقرار.

الاستفتاء في السودان اوسع صداه ليصل الى بلدان اخرى كدول غرب أفريقيا التي تشهد تعددية ثقافية وعرقية، مما سيشجع البلدان التي تعاني الحرمان من الدفع نحو الانفصال.