الازمة السعودية الكندية.. ابتزاز ومؤامرات وخفايا

الازمة السعودية الكندية.. ابتزاز ومؤامرات وخفايا
الإثنين ١٣ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٩:٥٠ بتوقيت غرينتش

يتواصل التصعيد السعودي ضد كندا بعد الازمة السياسية التي بدأت بين البلدين الاسبوع الماضي، في وقت فضلت الولايات المتحدة والدول الاوروبية الوقوف على الحياد في هذه الازمة.

العالم - تقارير

وفي هذا السياق كشفت تقارير صحفية بريطانية عما وصف بـ"أوامر سعودية بتطبيق إجراءات عقابية قاسية ضد كندا".

ونشرت صحيفة "الفايننشيال تايمز" البريطانية، تقريرا تحدثت فيه عن صدور أوامر سعودية، ببيع أصول لها في كندا، وسط تصاعد الخلاف.

وكانت وكالة الأنباء السعودية (واس) نقلت بيانا للخارجية، بأن: "المملكة استدعت سفيرها في ‫كندا للتشاور، وقررت اعتبار السفير الكندي لديها شخصا غير مرغوب فيه. وعليه مغادرة المملكة خلال 24 ساعة القادمة".

كما نقلت (واس)، عن بيان الخارجية، بأن: "المملكة تعلن تجميد كافة التعاملات التجارية والاستثمارية الجديدة بين المملكة وكندا مع احتفاظها بحقها في اتخاذ إجراءات أخرى".

وأضاف البيان، أن "وزارة الخارجية في المملكة العربية السعودية اطلعت على ما صدر عن وزيرة الخارجية الكندية والسفارة الكندية في المملكة بشأن ما أسمته نشطاء المجتمع المدني الذين تم إيقافهم في المملكة وأنها تحث السلطات في المملكة للإفراج عنهم فوراً".

وأشار المصدران إلى أن المسؤولين التنفيذيين مديري الأصول مكلفون باستثمار أكثر من 100 مليار دولار من الأصول السعودية في الأسواق العالمية.

وقال أحد المصادر: "رغم أن نسبة الاستثمارات في الأسهم الكندية صغيرة إلى حد ما من حيث القيمة المطلقة، لكن بيع تلك الأصول سيكون رسالة قوية من السعودية".

وقالت “الفايننشيال تايمز” إن عملية البيع بدأت منذ يوم الثلاثاء الماضي، ووصفتها بأنها محاولة من المملكة "لاستعراض قوتها المالية والسياسية، لتحذير القوى الأجنبية ضد أي تدخل في شؤونها السيادية".

لكن الصحيفة البريطانية حذرت من أن قرار الرياض ببيع أصولها في كندا، من شأنه أن يزيد تقويض ثقة المستثمرين في الأعمال بالمملكة.

ونقلت الصحيفة عن أحد كبار المستثمرين قوله: "مثل تلك الإجراءات لن تضمن استقرار ممارسة الأعمال في المملكة".

وكانت شركة الخطوط الجوية السعودية قد اعلنت وقف رحلاتها الجوية من وإلى مدينة تورنتو الكندية، إضافة لذلك قررت ‏وزارة التعليم السعودية، إيقاف برامج البعثات والتدريب والزمالة إلى كندا، وإعداد خطة عاجلة لنقل جميع الملتحقين بهذه البرامج البالغ عددهم قرابة 17 ألف شخص مع أسرهم إلى دول أخرى.

لكن في خطوة مفاجئة، وجهت منظمة تمثل الطلبة والمبتعثين السعوديين في كندا، رسالة، وصفت بـ"الصادمة" إلى الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده محمد بن سلمان، تطلب "ضرورة عدم الزج بقضية المبتعثين السعوديين في الخلافات بين البلدين".

وطالبت التنسيقية، في بيان لها، "بضرورة المراجعة الفورية لقرار الحكومة السعودية الذي سيكون له مضاعفات سلبية كثيرة من شأنها العصف بالمستقبل العلمي والمهني والأكاديمي  للطلاب".

وأضافت التنسيقية: "نرجو من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود وولي العهد توجيه الحكومة للعدول عن قرارها والعمل من أجل وقف تداعيات سياسة حكومة المملكة التي ستؤثر على مستقبل الآلاف من الخريجين في برامج الدراسات المتوسطة والعليا".

وأوضح البيان أن "قرار قطع العلاقات السياسية ووقف برامج الابتعاث من شأنه أيضا التأثير على خطط المملكة الرائدة والطامحة والتي تبتعث الآلاف من الطلبة السعوديين للخارج للحصول على المعرفة والعلم بما يفيد البلاد".

ابتزاز متبادل

وبعد كل هذا التوتر والتصعيد، يرى الخبراء والمراقبون ان هذه الازمة ليست بسبب الدفاع عن نشطاء او معارضين، الذين طالبت كندا بالافراج عنهم، او بسبب دفاع السعودية عن نفسها ورفضها التدخلات الخارجية...

بل ان المراقبين يرون ان الامور ابعد من ذلك وتصل الى الابتزاز المتبادل بين البلدين، مستندين الى ذلك في حالة مماثلة جرت عام 2014 عندما تحدثت كندا عن اوضاع حقوق الانسان في السعودية ما اضطر المملكة الى عقد صفقة مع الحكومة الكندية لتجهيز السعودية بالمدرعات العسكرية، وذلك لاسكاتها.

ويضيف المراقبون ان كندا تمر الآن بأزمة اقتصادية بسبب خلافها مع الولايات المتحدة بالاضافة الى اسباب اقتصادية اخرى، فإنها ارادت ان تبتز السعودية بإثارة ملف حقوق الانسان من جديد، الامر الذي جاءها بإبتزاز مقابل من قبل السعودية، التي استغلت الخلاف الامريكي الكندي، لتقف واشنطن معها بسكوتها.

مؤامرة جانبية

من جهة اخرى كشف موقع "إمارات ليكس"، أن الإمارات تحاول استغلال أزمة السعودية وكندا وقطع الرياض علاقاتها الدبلوماسية مع أوتاوا بغرض تحويل عقد تسليح مع كندا لصالحها.

ونقل الموقع عن مصادر خاصة به أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد بدأ اتصالات وتحركات لتحويل عقد التسليح مع كندا لصالحه.

وأوضحت المصادر أن "ابن زايد" يرى في عقد التسليح المذكور مع كندا "مهماً جدا" لخدمة أطماع الإمارات التوسعية خصوصا في حربها الإجرامية ضد اليمن المستمرة منذ ثلاثة أعوام.

وكان فرع شركة "جنرال دايناميكس كورب" الأمريكية العملاقة في كندا، وقع على عقد بقيمة 15 مليار دولار لتصدير عربات مدرعة عام 2014 إلى السعودية.

وقالت الحكومة الكندية بزعامة رئيس الوزراء المحافظ ستيفن هاربر حينذاك، إن هذا العقد هو الأكبر في مجال الصادرات في تاريخ كندا.

ورغم أن تصريح وزارة الخارجية السعودية يشير إلى تجميد السعودية أي استثمارات جديدة في كندا أو إبرام عقود جديدة، لكن لا يعرف ما إذا كان هذا التوتر سيلقي بظلاله على عقد تصدير المدرعات إلى السعودية على ضوء الضغوط الداخلية التي يتعرض لها رئيس الوزراء جاستين ترودو لوقف تصديرها.

ودافع ترودو عن الصفقة في شهر مارس/ آذار الماضي والتي تتضمن تصدير 900 عربة مدرعة بينها أكثر من 100 مدرعة ثقيلة هجومية مزودة برشاشات.

وقد بدأت كندا بتصدير المدرعات الى السعودية عام 2017 وجرى إدخال بعض التعديلات على العقد. كما يتضمن العقد خدمة وصيانة المدرعات لمدة 15 عاما عبر إقامة أكثر من عشرة ورش صيانة داخل السعودية.

انتقادات للسعودية

التصعيد السعودي المتواصل قوبل بانتقادات دولية واسعة بوصفها خطوة متهورة تظهر أزمة القيادة السعودية في محاولاتها الفاشلة للتغطية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان.

ورغم التحالف الحاصل بين الإمارات والسعودية فإن أبو ظبي لم تظهر دعما ملموسا للرياض في خلافها مع كندا واكتفت ببيان إعلامي هزيل دون أي خطوة مساندة عملية.