سقوط بن علي يعري أصدقاء القادة العرب بالغرب

الثلاثاء ١٨ يناير ٢٠١١ - ٠٣:١٤ بتوقيت غرينتش

تعرضت فكرة اقامة روابط بين دول غربية وزعماء عرب يتدنى في بلادهم وضع حقوق الانسان لمكافحة الارهاب للتدقيق مؤخرا بعد الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي صور نفسه على أنه حائط صد في مواجهة القاعدة.وطالما انتقد المدافعون عن الديمقراطية في الشرق الاوسط الغرب لتكثيف التعاون مع أجهزة أمن عربية بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول قائلين ان الثمن الضمني الذي يحصل عليه الحكام العرب هو التخفيف من الانتقادات الغربية فيما يتعلق بالحكم القمعي الفاسد.

تعرضت فكرة اقامة روابط بين دول غربية وزعماء عرب يتدنى في بلادهم وضع حقوق الانسان لمكافحة الارهاب للتدقيق مؤخرا بعد الاطاحة بالرئيس التونسي زين العابدين بن علي الذي صور نفسه على أنه حائط صد في مواجهة القاعدة.

 

وطالما انتقد المدافعون عن الديمقراطية في الشرق الاوسط الغرب لتكثيف التعاون مع أجهزة أمن عربية بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول قائلين ان الثمن الضمني الذي يحصل عليه الحكام العرب هو التخفيف من الانتقادات الغربية فيما يتعلق بالحكم القمعي الفاسد.

 

ويقول محللون ان ما يظهر من استعداد الغرب للتنازل عن القيم الديمقراطية من أجل الحصول على معلومات بشأن المتشددين الاسلاميين أثار استياء في العالم العربي تستغله جماعات معارضة كما تستغله القاعدة.

 

وتقول جماعات المجتمع المدني ان الحكومات التي تربطها علاقات ودية بالولايات المتحدة ودول غرب أوروبا هي من أشد أعداء الديمقراطية وانها تقمع جماعات اسلامية سلمية تسعى للسلطة من خلال انتخابات ديمقراطية.

 

وعرف الزعماء العرب أن ثمن تجاهل المحاضرات الغربية عن حقوق الانسان ليس فادحا.

 

وقال فرانسيس جيلز الباحث في مركز برشلونة للشؤون الدولية انه في حين لا يتوقع أحد تغييرا مبكرا أو جذريا في السياسة الامنية الغربية فان هناك حاجة عاجلة لتفكير جديد.

 

وقال "علينا أن نخرج هذه التحليلات الحمقاء من عقولنا.. انه اما القمع أو القاعدة."

 

وأضاف "كان شعار المعركة ضد الارهاب الاسلامي يعني أننا أغلقنا أعيننا -أكثر مما اعتدنا- خلال السنوات العشر الماضية عما يعتزم الزعماء القيام به."

 

وقال جيلز ان التحول المستقر الى الحكم النيابي في تونس بعد الاطاحة بالرئيس ربما يشبه "المختبر" للتجدد السياسي العربي ليكون مثلا قويا للتغيير الذي ربما يدفع الغرب في نهاية الامر للتركيز أكثر على تشجيع حقوق الانسان.

 

وفي نهاية الامر لم يكن مقاتلون من القاعدة أو حتى جماعات اسلامية سلمية هي التي أنهت حكم بن علي بل المواطنون العاديون الذين كانوا يحتجون على الفقر والمحسوبية.

 

وقال العربي صادقي وهو محاضر في سياسة الشرق الاوسط بجامعة اكستر ان توقع أن تكون هذه الحقائق المتعلقة بالثورة التونسية مصدر الهام لاي تغيير مبكر في السياسة الامنية الغربية تجاه المنطقة "مجرد أماني" لكن من المهم ادراك أن هناك مخاطر في الوضع الراهن.

 

ومضى يقول "الخطاب الامني الغربي يشبه الاسطوانة المشروخة وعلينا أن نتجاوزه. وحشية الزعماء العرب وقسوتهم مسؤولية أخلاقية هائلة على الغرب."

 

وقال جوان كول وهو أستاذ لتاريخ الشرق الاوسط في جامعة ميشيغان ان تونس كانت تذكرة بأن "الاذعان الى.. بل ومساندة الطغيان والتعذيب وما الى ذلك يمكن أن يكون له رد فعل عسكري كما حدث في ايران (مع الثورة الاسلامية) في 1978 و1979 ."

 

وبدا التشوش في السياسة الغربية جليا هذا الاسبوع عندما رفضت فرنسا استقبال بن علي في انقلاب تام من جانب ادارة فرنسية كانت معجبة بهذا الحاكم التونسي القوي المحنك شأنها شأن الكثير من الادارات السابقة.

 

كانت الاجواء مختلفة تماما عندما زار الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي تونس في ابريل/نيسان عام 2008 وألقى كلمة رفض فيها المخاوف المتعلقة بوضع حقوق الانسان في تونس. وصور ساركوزي جهود مكافحة الارهاب لبن علي باعتبارها درعا في مواجهة ظهور نظام على غرار طالبان في شمال افريقيا.

 

وقال الرئيس الفرنسي في ذلك الحين "من يمكن أن يعتقد أنه اذا حدث غدا أو بعد غد وظهر نظام على غرار طالبان في احدى دولكم بشمال افريقيا يمكن ان تشعر أوروبا وفرنسا بالامان.. أناشد الجميع أن يفكروا في هذا الامر."

 

وقال مايكل ويليس المحاضر في الشؤون السياسية لشمال افريقيا بجامعة أوكسفورد ان فرنسا "هي الاسوأ ولا شك" في التساهل الشديد مع حكم بن علي لكن الكثير من الدول الغربية متواطئة أيضا.

 

واعتبر بعض المحللين كلمة ألقتها وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون في قطر يوم 13 يناير/كانون الثاني والتي طالبت فيها بتحسين أحوال الحكم في المنطقة باعتبارها دليلا على أن اعادة ترتيب الاولويات الاميركية في المنطقة أصبح مطروحا.

 

وقالت كلينتون ان الدول في أنحاء منطقة الشرق الاوسط عليها أن تصلح المؤسسات الفاسدة وتحيي الانظمة السياسية الراكدة والا فانها يمكن أن تنهزم في المستقبل في مواجهة المتشددين الاسلاميين.

 

لكن روجر كريسي وهو مستشار سابق في شؤون مكافحة الارهاب للرئيس بيل كلينتون والرئيس جورج بوش الابن قال انه لا يتوقع اعادة تقييم شاملة للروابط الامنية مع الدول العربية "لان خطر الارهاب ما زال قائما وملحا."

 

وتعين على حكومات غربية أن تحقق توازنا بين المقتضيات الميدانية قصيرة الاجل مثل التعاون في مواجهة القاعدة مع الاهداف طويلة الاجل في مجال السياسة مثل الحث على اجراء اصلاحات اجتماعية وسياسية.

 

وقال "تريد الولايات المتحدة كلا الامرين.. لكن المخاوف الامنية القائمة هنا والان عادة ما تطغى على الاولويات الاخرى في السياسة."

 

وقال جيف بورتر وهو خبير أميركي مستقل في شؤون شمال افريقيا انه يتوقع في واقع الامر تشديدا لا تخفيفا للعلاقات الامنية الاميركية والاوروبية الحالية مع الدول العربية.

 

ومضى يقول "من المرجح أن تقول الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي ان الهشاشة المحتملة لتلك الحكومات تظهر الحاجة الى الحذر الزائد في مواجهة خطر التطرف العنيف."

 

وأضاف أنه يتوقع أن تستغل تلك الدول ما أعلنه تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي من تأييد للاحتجاجات التونسية كدليل على الخطر الذي تمثله القاعدة.

 

لكن محللين سياسيين يقولون ان المقاتلين التابعين للقاعدة لا يلقون تأييدا يذكر كما أنهم يسعون لاقامة دولة اسلامية متشددة ليس عن طريق السياسة بل عن طريق العنف. وعلى العكس من ذلك فان جماعات اسلامية سلمية محظورة أو رهن الملاحقة يعتقد أنها تلقى قدرا لا بأس به من التأييد الشعبي.

*وليام ماكلين - ميدل ايست أونلاين