18/1/2011 عمر منصور f.dreamer2003@gmail.com

الثلاثاء ١٨ يناير ٢٠١١ - ١٢:٠٠ بتوقيت غرينتش

عمر منصور-مخيم الفارعة-فلسطين ثورة تونس وديمقراطية الغرب إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر كلمات قالها الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي قبل أكثر من ثمانين عاما, رددناها كثيرا منذ طفولتنا, استقلت البلدان العربية ويبدو انه استقلال وهمي وضاعت فلسطين وحكمتنا أنظمة اقل ما يقال عنها أنها قمعية ولم يتغير شئ في عالمنا العربي الممتد من المحيط إلى الخليج, حتى اعتقدنا أن أشعار أبي القاسم قد تنطبق على كل شعوب الأرض إلا شعوبنا العربية, إذ انتفضت شعوب كثيرة وانتصرت إرادات أمم في كل الأصقاع, في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية, لم يمنعها تخلف اقتصادي

عمر منصور-مخيم الفارعة-فلسطين

ثورة تونس وديمقراطية الغرب

إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر

كلمات قالها الشاعر التونسي أبو القاسم الشابي قبل أكثر من ثمانين عاما, رددناها كثيرا منذ طفولتنا, استقلت البلدان العربية ويبدو انه استقلال وهمي وضاعت فلسطين وحكمتنا أنظمة اقل ما يقال عنها أنها قمعية ولم يتغير شئ في عالمنا العربي الممتد من المحيط إلى الخليج, حتى اعتقدنا أن أشعار أبي القاسم قد تنطبق على كل شعوب الأرض إلا شعوبنا العربية, إذ انتفضت شعوب كثيرة وانتصرت إرادات أمم في كل الأصقاع, في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية, لم يمنعها تخلف اقتصادي أو علمي أو حتى ثقافي فكرامة الناس فوق كل الاعتبارات, ثارت هذه الشعوب لكرامتها وحقوقها وإنسانيتها.

وشعوبنا لا زالت تخضع لأنظمة جمعت كل مساوئ الأنظمة الدكتاتورية والقمعية والذيلية وتجاوز عمر بعضها ثلاثة عقود حتى كدنا نصاب بعقدة النقص والدونية.

إلى أن بدأت تردنا الأخبار المتسارعة من تونس الخضراء لتبدد كل الأوهام والعقد والنظريات, لتبدد مدارس شيخ القبيلة وعقلية القطيع التي حاول بعض المنظرين إسقاطها على عقول شبابنا .

جاءت ثورة الشعب التونسي بدون ميعاد- نقية, نضرة, نظيفة, عمادها الشباب والنساء, عمادها العمال والفلاحون, المحرومون والمهمشون, جاءت تونسية وطنية بامتياز.

كنا بحاجة لك يا تونس, كنا بأمس الحاجة لكم يا توانسة لتعيدوا لنا شبابنا, لتعيدوا لنا الآمل الذي كاد أن يندثر.

أعدتم لنا روحنا وثقتنا بأنفسنا وبأمتنا, أعدتم لنا الزمن الجميل والثورة والفكر الإنساني.

أكدتم مرة وللأبد أن امتنا العربية ليست بعاقر وان إرادة الشعوب تصنع المستحيل, هذه الشعوب التي حاول الغرب تدجينها وقتل إنسانيتها وتعبئتها بمفاهيم سطحية حول الشفافية والديمقراطية وحقوق الإنسان, في الوقت الذي كان هذا الغرب نفسه يدعم كل هذه الأنظمة القمعية وأجهزتها الاستخبارية ماديا ومعنويا وسياسيا, في أسوا شكل من أشكال الانفصام والازدواجية.

هذا الغرب الديمقراطي من أمريكا إلى فرنسا الذي أدار ظهره لزين العابدين بشكل مهين ومذل, هو نفسه الذي تحالف معه ودافع عنه حتى اللحظة الأخيرة, الم يكن يعلم هذا الغرب الشفاف بفساد هذا النظام وهو الذي يعرف كل شئ عن امتنا من خلال مخابراته ومراكز أبحاثه وطائراته وبوارجه, أم انه تمت مغالطته ولمدة ثلاثة وعشرين عاما كما حصل مع حليفهم وصديقهم بن علي.

ثورة التوانسة أثبتت أن ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان, ثارت جماهير تونس بعناوين وشعارات اجتماعية لتتطور إلى مضامين سياسية تطالب بكنس الدكتاتور وأركانه ونظامه ومحاسبة كل من تطاول على كرامات الناس وحقوقهم, ومن اجل بناء نظام ومجتمع ديمقراطي وحر.

أثبت التوانسة أن الحرية والكرامة تنتزع انتزاعا ولا تسقط بالبراشوت ولا تأتي عبر صواريخ توماهوك, ولا عبر حاملات الطائرات والرعب والدم.

الديمقراطية والحرية تصنعها الشعوب الثائرة ولا تعلم ولا تلقن عبر تمويل مشبوه لمنظمات مشبوهة هدفها تشويه الثقافة الوطنية وإفساد النخب.

الديمقراطية والحرية والكرامة لا تأتي عبر قلب أنظمة استبدادية بالقوة الخارجية, بالطبع لا لسواد عيون الشعب المقهور, ولكن لحماية مصالح الكبار في النفط والممرات والأسواق ولخلق أنظمة أسوا من سابقتها ولتدمير قدرات البلد والعودة به عقود للوراء.

تونس اليوم أجمل وأبهى, تونس شكلت نموذجا وتجربة ثورية, تونس أصبحت هاجسا لكل الدكتاتوريات.

تونس أصبحت عنوانا ومدرسة لكل المضطهدين والمسحوقين, لكل عشاق الحرية.

من هنا لا بد من الحذر, يجب أن لا يخدع شعب تونس بتصريحات اوباما وساركوزي وغيرهم التي يحاولوا من خلالها الظهور بلباس المدافع عن حق الشعب التونسي باختيار ممثليه وهم بالأمس كانوا حلفاء وأصدقاء للنظام البائد.

يجب الحذر من أعداء الثورة والمتربصين بهذا الانجاز التاريخي, لا بد من الحذر من الانقلاب على الثورة وتفريغها من محتواها.

كثيرون هم أعداء التغيير في تونس خوفا من أن تصلهم رياح الثورة, ولكن كل الأمة العربية وأحرار العالم معكم.

شكرا لكم يا شعب تونس لإحيائكم الأمل فينا

مرحى لكم في مواجهة الطغيان.