مصر.. هكذا بكى قطاع السياحة على السائحين البريطانيين

مصر.. هكذا بكى قطاع السياحة على السائحين البريطانيين
السبت ٢٥ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٩:٠١ بتوقيت غرينتش

مسمار جديد يدق في نعش السياحة في مصر، فما ان بدأت السياحة تتعافى بعد ازماتها الدولية الكبرى جاءت ازمة وفاة السائحين البريطانيين لتهدم آمال ابناء قطاع السياحة الذين يتجرعون مرارة ازماته.

العالم - تقارير 

وفاة السائحين البريطانين في أحد الفنادق الكبرى في مدينة الغردقة بمحافظة البحر الأحمر، أعادت للأذهان ازمات مصر السابقة لتطرح الاسئلة هل لازالت مصر غير أمنة؟ هل لازال من المبكر عودة السياحة الخارجية لمصر؟ فغموض وفاة السائح البريطاني البالغ من العمر 69 عاما، وزوجته، التي تبلغ من العمر 64 عاما له تبعاته الكبرى.

حيث قررت شركة توماس كوك للسياحة إجلاء جميع زبائنها من الفندق بعد وفاة الزوجين، وعرضت إعادتهم إلى لندن أيضا. وقالت الشركة إن ظروف وفاة الزوجين ما زالت غامضة، لكنها تلقت تقارير أخرى عن وجود أعراض مرضية مطردة لدى الضيفين.

وأوضحت الشركة أنها ستتصل بعملائها المقرر سفرهم إلى فندق "ستايغنبيرغر أكوا ماجيك" في الغردقة خلال الأسابيع المقبلة لتقديم خيارات بديلة".

وقال المصدر القضائي، الذي آثر عدم ذكر اسمه، أن ابنة المتوفين طلبت أيضا "أخذ عينة من دم والديها وتحليلها، وقالت إنها تخشى من أن تكون وفاتهما "نتيجة لإستنشاقهما غاز الفيريون".

من جانبها اعلنت وزارة السياحة المصرية انها تتابع عن كثب واقعة وفاة السائحين البريطانيين، وذلك بالتنسيق والتعاون مع المحافظة وشرطة السياحة والآثار وشركة توماس كوك التي قامت بتنظيم الرحلة للسائحين، كما تم تشكيل مجموعة عمل من الوزارة لمتابعة الموقف أولا بأول من الغردقة.

وتقدمت وزارة السياحة بخالص العزاء والمواساة لأسرة المتوفين. وأوضحت، أنه طبقا للتقرير الطبي المبدئي للصحة بالمحافظة، فإن أسباب وفاة السائحين طبيعية ولا توجد أية شبهة جنائية حولها، وقد أمرت النيابة العامة بالاستماع لأقوال ابنتهما، وتشريح الجثامين واتخاذ الإجراءات القانونية وإبلاغ السفارة لاتخاذ إجراءاتها لنقل الجثامين وإنهاء الأوراق الخاصة بذلك.

أزمة السياحة لم تكن في حالة تسمح لها بتلقي مثل هذه الضربة، لذلك اشار عادل المصرى الخبير السياحي والحاصل على الدكتوراه بمجال إدارة الأزمات السياحية من جامعة السوربون بباريس، ان هذا الحادث أكد ان هناك ضرورة ملحة لإنشاء مركز متخصص لإدارة الأزمات السياحية على ان يكون القائمون عليها من الكوادر البشرية المؤهلة والمدربة على إدارة الأزمات، حيث أن تاخر توقيت البيان الصادر عدة أيام نتج عنه إصدار الجانب الغربي بعض المقالات السلبية بحق مصر.

تاريخ ازمات قطاع السياحة في مصر

ازمة السياحة جاءت تزامنا مع ثورة 25 يناير 2011 حيث ظهرت دعوات من الدول الاجنبية لتجنب السفر الى مصر بدعوى عدم توفر الامان والاستقرار لكن مع نجاح الثورة وعودة الاوضاع الى الاستقرار بدأ الوضع يتحسن على مضض.

لكن الوضع المزري للسياحة جاء مع أزمة السياح المكسيكيين عام 2015 حيث شنت القوات المصرية هجوما على فوج سياحي أسفر عن مقتل 12 شخصا.

ليدين الرئيس المكسيكي أنذاك إنريكى بينا نييتو حادث مقتل السائحين المكسيكيين عبر حسابه الرسمى على موقع التواصل الاجتماعى "تويتر" مطالبا الحكومة المصرية بالتحقيق في الحادث.

وقالت وزيرة الخارجية المكسيكية كلوديا رويز إن المكسيكيين الذين اصيبوا في الحادث قالوا للسفير المكسيكي في القاهرة إنهم تعرضوا لهجوم جوي "شاركت فيه طائرة وعدة مروحيات".

الرد المصري جاء في بيان أنه "أثناء ملاحقة السلطات مسلحين بمنطقة الواحات بالصحراء الغربية، قصفت القوات المسلحة بطريق الخطأ مجموعة من السيارات ذات الدفع الرباعي تبين أنها تخص فوجا سياحيا مكسيكيا.

وقالت السلطات المصرية إن فوج السائحين استهدف لأنه لم يبلغ الجيش بأنه ينوي التوغل في منطقة محظورة تشهد نشاطا للمسلحين، فيما قال اتحاد المرشدين السياحيين المصريين إن الجيش أحيط علما بخط سير الفوج السياحي.

لكن "القشة التي قصمت ظهر البعير" هي حادثة سقوط طائرة الركاب الروسية في 31 اكتوبر 2015 جنوب مدينة العريش المصرية وهي في طريقها من منتجع شرم الشيخ إلى سان بطرسبورغ في روسيا، وعلى متنها 224 راكبا (217 مسافرا و7 من الطاقم) قتلوا جميعاً في الحادثة، حيث تبعتها اجراءات من الجانب الروسي وعلى المستوى الدولي ايضا والتي كان لها الاثر البالغ على السياحة وبالتالي على الاقتصاد في مصر.

وعقب قرار الرئيس الروسى فلاديمير بوتين على سقوط الطائرة، بوقف الرحلات الجوية إلى مصر، قررت بريطانيا تعليق الرحلات بين شرم الشيخ في مصر وبريطانيا وتابعت أيرلندا قرار بريطانيا وقررت إيقاف الرحلات المتوجهة من شرم الشيخ إلي أيرلندا حتى انتهاء التقييم الأمني، من جانبها حذرت فرنسا وبلجيكا وهولندا رعاياها من السفر إلى شرم الشيخ.

العاملون بالسياحة يستغيثون

فبهروب السياحة الروسية من مصر بعد حادثة الطائرة في سيناء، واخيرا حادثة وفاة السائحين البريطانيين، خسرت السياحة المصرية الرهان الأخير على تحقيق انتعاشة سياحية، وتهاوت نسب الإشغال في مدينة شرم الشيخ بشكل كبير، ووصل بعض التقديرات إلى أن نسبة الإشغال بفنادق جنوب سيناء بعد حادثة الطائرة الروسية، تراوحت ما بين 5% و20% عام 2015، مما أدى إلى تسريح العمالة في المنشآت السياحية بسيناء.

وعلى الرغم من تشجيع السياحة الداخلية الا انها لا تسطيع ان تجلب للبلاد العملة الاجنبية التي من شأنها دعم الاحتياطي النقدي، وبانخفاض نسبة الاشغال بالفنادق وتسريح العاملين تظهر ازمة البطالة القنبلة الموقوته التي تهدد المجتمع بأكمله.

فالبكاء على السائحين البريطانيين وجميع الضحايا في الحوادث السابقة يعد مؤشرا على ان المتأثر الاول لهذه الحوادث هم العاملون في قطاع السياحة، الذين لم يعد امامهم سوى الصبر على ان تتحسن الاوضاع المتدهورة للقطاع.