سجال سياسي وتراشق إعلامي يلهب الحملة الانتخابية في موريتانيا

سجال سياسي وتراشق إعلامي يلهب الحملة الانتخابية في موريتانيا
الثلاثاء ٢٨ أغسطس ٢٠١٨ - ٠٦:٠١ بتوقيت غرينتش

ارتفعت خلال الأيام الماضية حدة السجال السياسي بين الأحزاب الموريتانية المشاركة في الإنتخابات النيابية، والمحلية المقررة في الأول من سبتمبر المقبل، وسط أجواء حملة دعائية ملتهبة.

العالم - افريقيا

وكثفت الأحزاب السياسية من مؤتمراتها الدعائية مع بداية الحملة التي افتتحت في 17 أغسطس الجاري، في كل مراكز محافظات البلاد؛ لا سيما العاصمة نواكشوط.

وانتشرت صور المرشحين وشعارات الأحزاب المشاركة في الانتخابات بشكل كبير في نواكشوط، في جميع الشوارع تقريبا، كما كثفت الأحزاب من دعايتها عبر وسائل الإعلام لاستمالة الناخبين.

وفي المحافظات الأخرى ذات الثقل الانتخابي دفعت الأحزاب السياسية بالآلاف من قادتها للإشراف على سير الحملة الدعائية، خصوصًا في العاصمة الاقتصادية نواذيبو، ومحافظتي الحوض الشرقي، وولاية العصابة (جنوب شرق).

تراشق إعلامي

وبدأ الرئيس محمد ولد عبد العزيز، الجمعة الماضية، جولة في جميع محافظات البلاد، بهدف حشد الدعم لحزبه "الاتحاد من أجل الجمهورية"، وهي الجولة التي أثارت غضب أحزاب المعارضة، متهمة الرئيس بإستغلال هيبة الدولة والأموال العمومية لصالح حزب منافس.

وفي بعض محطات جولته بالمحافظات شدد ولد عبد العزيز، على ضرورة انتخاب لوائح حزبه، محذرا من أن بعض أحزاب المعارضة قد تشكل خطرا على استقرار البلد وديمقراطيته وتنميته.

وشهدت الأيام الماضية تراشقًا إعلاميًا واسعًا عبر وسائل الإعلام المحلية وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصًا بين حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، "والتجمع الوطني للإصلاح والتنمية" أكبر أحزاب المعارضة.

وعبر العديد من المخرجات الإعلامية والبيانات الصحفية، اتهم "المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة" (ائتلاف أحزاب المعارضة الرئيسية)، حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم بـ"تجنيد" الدولة ووسائلها وإدارتها وسلطتها لصالحه.

ويضم "المنتدى الوطني للديمقراطية والوحدة" 14 حزبًا سياسيًا، وعددًا من الشخصيات المستقلة، والنقابات العمالية، والمنظمات الحقوقية.

وعبّر قادة أحزاب المعارضة في مهرجانات منفصلة، عن مخاوفهم من أن "يكون الحزب الحاكم يخطط لتزوير الإنتخابات والتلاعب بها".

وقالوا، إن السنوات العشرة الماضية من حكم "حزب الاتحاد من أجل الجمهورية"، كانت نتائجها سلبية، "إذ ازدادت نسبة الفقر وتردت جميع الخدمات العمومية، فيما انشغلت السلطات التنفيذية بمحاولة شيطنة أحزاب المعارضة".

لكن رئيس حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية"، سيدي محمد ولد محم، خرج في 19 أغسطس/آب الجاري، في مؤتمر صحفي مفندًا تصريحات معارضيه.

وقال ولد محم، إن موريتانيا تحوّلت خلال السنوات العشرة الأخيرة من "بلد يعيش على وقع المواجهات الداخلية بين القوى الأمنية والتنظيمات الإرهابية، إلى بلد تتحرك قواته بكل ثقة لفرض الأمن بمجمل نقاط التوتر في القارة السمراء".

وأشار إلى أن الجميع بات شاهدًا على تطور اقتصاد البلد بشكل كبير بالمقارنة مع ما كان عليه الحال قبل 2008.

وأضاف "لقد استطعنا تطوير الاقتصاد والتصدي للفقر والبطالة، وتغيير وجه العاصمة، ورسم سياسة خارجية بالغة التحرر، وفرض مكانة مرموقة لموريتانيا في مختلف المحافل".

ونفى رئيس الإتحاد من أجل الجمهورية، أن يكون حزبه استغل نفوذ وهيبة الدولة أو مواردها في العملية الانتخابية، معتبرًا ذلك مجرد دعاية انتخابية لا يصدقها المواطن.

شعور بالتحدي

ويرى عدد من المراقبين، أن الاستقطاب الحاد الذي بدأ مع انطلاق الحملة الدعائية ناجم عن الشعور بالتحدي الذي تعيشه عدد من الأحزاب الكبيرة، لا سيما حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، وحزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" الذي يتزعم المعارضة، بالإضافة لعدة أحزاب أخرى تطمح للمحافظة على مكانتها في المشهد السياسي.

وفي هذه الصدد، يعتقد المحلل السياسي الموريتاني، أحمد ولد محمد فال، أن المشاركة الواسعة للأحزاب السياسية، ودخول شخصيات فاعلة في المجتمع المدني، ووجوه شبابية نشطة معترك النزال السياسي، جعل الأحزاب الكبرى أمام تحد كبير.

وأشار ولد محمد فال، في حديث للأناضول، إلى أن مشاركة 98 حزبًا سياسيًا في هذه الانتخابات عززت مخاوف حزب "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم من عدم تمكنه من تأمين أغلبية برلمانية، كما صعب مهمة تمثيل لائق بالنسبة للأحزاب السياسية الكبرى، سواء من المعارضة أو الموالاة.

وتستغرق الحملة الانتخابات البرلمانية والمحلية في الأول من سبتمبر/أيلول المقبل، أسبوعين، وسط مشاركة واسعة من الأحزاب، وتنافس غير مسبوق.

ويتنافس في الانتخابات 98 حزبًا سياسيًا من أصل 102 حزب في البلاد، على 157 مقعدًا برلمانيًا، 87 منها يجري انتخابها عبر نظام النسبية، و70 بنظام الأغلبية.

كما يجري التنافس لأول مرة على 13 مجلسًا جهويًا (مجالس محلية للتنمية)، أما في المجالس المحلية (البلدية) فيجري التنافس فيها على 219 بلدية في عموم البلاد.

ويبلغ عدد المسجلين على اللائحة الانتخابية مليونًا و400 ألف و663 ناخبًا، فيما يصل عدد المراكز الانتخابية أربعة آلاف وخمسة وثلاثين مركزًا انتخابيًا.