بعد تصريحات وزير الخارجية الفرنسي..

اوروبا تكشف عن سياسة توزيع الأدوار إزاء ايران

اوروبا تكشف عن سياسة توزيع الأدوار إزاء ايران
السبت ٠١ سبتمبر ٢٠١٨ - ١٠:١٤ بتوقيت غرينتش

قديما قيل ان "التصيد في المياه العكرة" امر منبوذ، وقد لايجدي نفعا، والعودة لمثل هذه السياسة تؤكد فشل المؤامرات والمخططات المبيتة، أو تفضح نفاق منفذيها على اقل تقدير.

العالم- ایران

ففي الوقت الذي أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها الثاني عشر لتؤكد سلمية النشاطات النووية الإيرانية جملة وتفصيلا، أطل وزير الخارجية الفرنسي "جان إيو لودريان" على المراسلين في فيينا ليزعم ان ثلاثة امور مازالت تقلق الغرب، ولامناص لإيران من الخضوع لتطبيقها او التفاوض مع الغرب بشأنها.

لودريان الذي كان يتحدث بعيد اجتماع وزراء خارجية الدول الاوروبية في فيينا، حصر الامور التي تقلق الغرب بثلاث نقاط اولها مستقبل النشاطات النووية الايرانية بعد العام 2025 أي بعد انتهاء عمر الاتفاق النووي، وصناعة الصواريخ في ايران، وبالتالي دور ايران في المنطقة.

حديث لودريان للإعلاميين والذي اعتبره رسالة هامة يوجهها من فيينا لإيران، هو نفسه قبل غيره يعلم بأنه حديث إستهلاكي، لايستحق أي رد او تعليق. لأن لودريان يؤمن قبل غيره أن الاتفاق النووي الذي يتحدث عنه، انتهكته امريكا قبل غيرها، حتى انها لم تراع زميلاتها وحليفاتها الغربيات اللواتي وقعن معها على الاتفاق في الـ 14 من تموز عام 2015.

ولو تمعن لودريان وصبر حتى يجف حبر التقرير الثاني عشر للوكالة الدولية للطاقة الذرية والذي اكد سلمية  النشاطات النووية الايرانية، لكان المجال أوسع للتأمل في تصريحات. لكن ان تأتي تصريحاته متزامنة مع صدور التقرير، فإن ذلك يدل على وجود خطة يرى المراقبون ان منفذيها استعجلوا في تطبيقها على ارض الواقع. اما الموضوع الآخر الذي طرحه لودريان هو أن توافق ايران على التفاوض بشأن دورها في المنطقة.

خاصة وان المنطقة تعج بخلافات واشتباكات أنهكت دولها وداعمي زعزعة امنها قبل غيرهم، وأنها لاتحتمل أي إثارة للفتن والحروب المحتملة، خاصة وان التيار المسيطر على الارض لم يعد التيار المثير للفتن والمزعزع لأمن استقرار البلدان. لأن الشعوب إنتفضت وراحت تشكل لجانا شعبية لقطع الطرق على الغرباء والداخلين على المنطقة لزعزعة امنها بدءا من الجماعات الارهابية التي أسستها بعض الدول ودعمتها الغربية ذاتها وصولا الى العملاء والمشاركين في الحروب النيابية التي أتت على البنى التحتية في سوريا والعراق واليمن، والبحرين. خاصة وأن المبعوث الدولي لسوريا ستيفان دي مستورا، أصدر جواز إبادة أكثر من عشرة آلاف عميل مجند جيئ بهم الى سوريا قبل اكثر من سبعة أعوام، خشية تقدم القوات السورية وهروبهم من الارض السورية والعودة لبلادنهم او محال اقامتهم السابقة التي غالبا ما كانت في الدول الاوروبية والغربية.

وبعيدا عن الأزمة السورية، يرى المراقبون ان لودريان يغض الطرف عما يقوم الكيان المحتل لفلسطين من مجازر ضد الأبرياء مجرد مطالبتهم السلمية لعودتهم الى ارضهم المغتصبة. ويتناسى وزير الخارجية الفرنسي الدعم اللوجستي والسياسي الذي تقدمه بلاده للسعودية وتحالفها الذي ضمت بعض الدول إليه دون علمها كي تشرعن هجماتها على الشعب اليمني على مدى الأعوام الاربعة الماضية.

ولن يسمح لنفسه بالتأمل في واقع الامور وسياسة ايران في المنطقة، ويقول على ايران ان تفاوض الغرب بشأنها.

وكان على لودريان أن يسأل نفسه ماذا فعلت إيران في المنطقة حتى يطالبها بالتفاوض؟ فهل إعتدت ايران على بلد، او احتلت أرضا من بلدان المنقطة، أم إنها وقفت الى جانبها في أحلك الظروف بعد أن شهد العالم كيف ألبت أمريكا بعض أنظمة المنطقة مطلع الثمانينيات من القرن الماضي لتقف الى جانب نظام عميلها صدام حسين في عدوانه على ايران.

وخلاصة القول وكما قلنا سلفا فإن ايران لم تأبه بتصريحات لودريان الاخيرة، ولم تجدها تستحق الرد، إلا أن تصريحات المسؤولين الايرانيين السالفة تبقى كفيلة بالرد على  اي تصريح خاصة وان قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي، ولدى استقبال رئيس الجمهورية واعضاء الحكومة يوم الأربعاء الماضي، أثلج صدور الجميع بقوله لقد شهد العالم ما فعلته الحكومة الامريكية بمصير الاتفاق الذي وقعته سابقتها التي كانت تتظاهر بالسياسة المسالمة، فكيف بالحكومة الحالية الوقحة والمتهتكة؟

وعلينا ان نعتبر من الآن ان لا حوار مع  أمريكا بعد اليوم، كما ان قدراتنا الدفاعية لا مجال للتطرق اليها.

أما وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف في آخر تغريدة له على حسابه في توتير، والذي اعتبره المراقبون ردا على تصريحات نظيره الفرنسي الاخيرة، قال، "إنّ احترام الاتفاق النووي ليس الخيار الوحيد أمام إيران، و إنّ الحفاظ عليه يتطلّب التزاماً بعلاقات اقتصادية مع طهران، بدلاً من الاستمرار بطرح المطالب".

*عبد الهادي الضيغمي