مخاض وكباش بين الميدان والسياسة على وقع معركة ادلب

مخاض وكباش بين الميدان والسياسة على وقع معركة ادلب
الأحد ٠٢ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٣:٢٨ بتوقيت غرينتش

بصعوبة بالغة، تحاول ان تجد الفرق بين الابتزاز السياسي الذي تمارسه الادارة الامريكية في سورية، والتهديد بالعدوان على الدولة التي استطاعت الانتصار على الارهاب، الذي يهدد دول العالم بأسرها، وفي كل مرة يقترب بها فيها الجيش السوري من حسم معركة من المعارك الكبرى، تبدأ المساومة ومنطق الابتزاز الرخيص.

العالم - قضية اليوم

الولايات المتحدة الامريكية والتي تستخدم النظرية السياسية المعروفة برفع السقوف، تحاول من خلالها في وقتنا الحالي مقاربة الوضع في ادلب، لما كان عليه في حلب او الغوطة الشرقية، فما عجزت عنه في تلك المناطق ستعجز عنه في ادلب، ولا يغركم هذا الصراخ والتهديد والوعيد، ففي وقت المواجهة العسكرية، سيكون لها نسق خاص بالاصطفاف على قارعة التفاهمات السياسية، بعد ان يحدد الجيش السوري والحلفاء قواعد الاشتباك، والية المعركة واهدافها في ادلب، وهذا لاحظناه في اكثر من مرة كانت تصل فيها الامور الى عنق الزجاجة، وبعدها يكون هناك عملية التفاف خصوصا من قبل الامريكي، فهو غير مستعد لا الان ولا في المستقبل  ان يخوض حربا في سورية بجنوده، خصوصا بعد تجربة العراق وافغانستان ، وهذا لم يكن غائباً حتى عن الكثير من مراكز الدراسات، التي رفعت للبنتاغون، دراسات تخلص فيها الى انه لم يعد من المجدي ان يكون هناك مواجهة مباشرة في المنطقة، وهذا فشل، ولذلك يستخدم الامريكي الان ما يسمى بالجيوش البديلة وهي المجموعات المسلحة، وهذا ما نراه ايضا ضمن الكباش بين المجموعات المسلحة. 

 ومع المؤشرات والمعطيات التي تفيد بأن بدايات أيلول قد تشهد تطورات لافتة على صعيد العمليات في ادلب، بالتوازي مع انطلاق تدريبات عسكرية روسية في المتوسط، وتحضيرات جارية لعقد قمة رئاسية ثلاثية، تركية - إيرانية - روسية، في طهران ، وفق مخطط واستمرار التعزيزات العسكرية للجيش السوري إلى محيط الارياف الثلاثة في حماة وادلب واللاذقية، لا اعتقد ان يكون هناك في هذه المرحلة اي مواجهة مباشرة بين القوات الامريكية او القوات الروسية والايرانية، واصعب مرحلة كانت ربما تصل الى المواجهة المباشرة،  هي المعركة التي اتجهت نحو مدينة البوكمال على الحدود العراقية السورية، وهنا اذكر اننا كنا على بُعد عدد من الكيلومترات عن القوات الامريكية، وكانت طائرات الاستطلاع في الاجواء، وترصد وتنقل المعلومات ان حزب الله والمستشاريين الايرانيين هم من يقاتلون، ولم يستطع الامريكي ان يقدم او يؤخر،  ذلك لان الامريكي لا يريد ان يخوض حرب استنزاف بجنوده على الاراضي السورية. 

اما تركيا فهي تعيش مشهدا متداخلا ومركبا، داخليا واقليميا ودوليا، ما يجعلها بعيدة عن خوض اي حرب مباشرة مع القوات السورية، في السابق عندما كانت معركة حلب وكان التركي يعتبرها معركته، وكانت تؤسس للكثير من المتغيرات، ويبني عليها الكثير، وكان اردوغان يدلي يوميا بتصريحات، والمجموعات المسلحة تتواجد في الكثير من المناطق السورية، في معركة حلب وبالرغم من كل تلك الظروف،  عندما بدا الجيش السوري المعركة، ، ومع ذلك عندما شاهد التركي ان المعركة بدأت، تراجع ولم يستطع ان يُحدث اي تغيير، لا بل هو من طلب من عدد من المجموعات المسلحة الخروج والتوجه نحو ادلب.

 اليوم وضمن المخاض المتعثر للاتراك، الذي افرز الكثير من المتغيرات، ومنها الامكانيات الداخلية في تركيا من الناحية الاقتصادية، انخفض مستوى تأثيرها في الاقليم لضعف التماسك الداخلي وشبه انعدام علاقاتها الاقليمية، لذلك لا اعتقد ان يكون هناك اي مواجهة، وما يريده التركي الان هو ان الحاق الهزيمة  بالاكراد بهدف الانتقام، لذلك يطالب التركي بنقل عناصر جبهة النصرة من ادلب، باتجاه جزء من المنطقة الشرقية في سورية، والتي يتواجد فيها الاكراد، لتحقيق هدفين، الخلاص من المسلحين الاجانب، وهزيمة الاكراد، وهذا ما يفكر فيه التركي في هذه المرحلة. 

وفي ظل كل هذه المنغيرات والتداخلات يبقى الميدان هو الذي يفرض الكثير من التفاهمات السياسية والتي تكون وليدة الانتصارات التي يحققها محور المقاومة.

حسین مرتضی