صاحبة كتاب "رحلة بألف رحلة"..

الأديبة التونسية مني بعزاوي: أن تری إيران ليس كأن تسمع عنها

الأديبة التونسية مني بعزاوي: أن تری إيران ليس كأن تسمع عنها
الثلاثاء ٠٤ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠١:٢٥ بتوقيت غرينتش

أكدت الأديبة التونسية الباحثة في التراث الصوفي 'مني بعزاوي' أن هناك صورة مغلوطة تروج عن إيران ظلمت هذا البلد وشعبه وانتشرت دون أية حجة أو دليل.

العالم- ايران

وقالت الأديبة التونسية صاحبة كتاب "رحلة بألف رحلة"، لوكالة إرنا، إن مؤلفها  هو 'أنموذج ثقافي يعرف بخصوصيات الشعب الإيراني بمنظار الواقع والتجربة' التي عاشتها وتعايشت معها، وأن هذا الأنموذج الأدبي 'كان نتاج كشف الحقيقة التي لطالما طمست داخل مجتمعاتنا الإسلامية'.

وحسب الأديبة منی بعزاوي، 'فقد أظهرت الصورة المسموعة مغالطة ظالمة في حق الشعب الإيراني، وأضحت هذه المغالطات تمتد وتنتشر بصفة مباشرة دون حجة أو دليل'، مضيفة القول: 'كان من واجبي كباحثة وأديبة أن أتناول بالطرح تجربتي المتواضعة التي عشتها في إيران للكشف عن ثقافة هذا البلد المتقدم والمتطور علیجميع المستويات الذي يزخر بثقافة الرقي والتميّز'. 

وأضافت منی بعزاوي قائلة: 'كان دافعي ينم عن مسؤولية ثقافية وأدبية من أجل تنوير الآخر اعتمادا علی التجربة العينية وعلی الصورة الواقعية والحجة المباشرة'.

وأوضحت الأديبة التونسية أن الرحلات التي قامت بها إلی الجمهورية الإسلامية الإيرانية، في إطار دورة تكوينية حظيت بها، 'كانت مناسبة للتشبّع بالثقافة والعلم و المعرفة'، مؤكدة أن 'ما سمعته وما قرأته في بعض المراجع قليل جدا مقارنة بما اكتشفته هناك، وأن ما يردد ويقال حول إيران يتنافی تماما مع ما شاهدته عيونها وما تعايشت معه'.

و قالت الأديبة: 'اكتشفت بلدا سابحا في الحضارات والفنون والتفنن، فضلا عن عمق الثقافة ومميزاتها'، مفصلة أنها وجدت 'إيران بلدا مؤمنا بالديانات ومتعايشا مع الاختلافات المذهبية والإيديولوجية إلي حدّ كبير، وهذا ما يعكس ثقافة عميقة اكتسبها الشعب الإيراني'.

وأشادت الأديبة بالشعب الإيراني وقالت إنه 'شعب مسالم ومثقف، يحظي بتفكير إنساني عميق يتعايش مع مختلف الشعوب والأديان ويحترم كل الطوائف وایة مذاهب والإيديولوجيات، شعب متمسّك بهويته الإسلامية ومدافع عن لغته وثقافته وحضاراته إلي أبعد الحدود، شعب صامد وصبور وحكيم، يستطيع التأقلم مع الظروف و الوضعيات الصعبة بحكم التجارب القاسية التي تعايش معها، شعب يدافع عن مبادئه وقيمه، شعب لا يستسلم لأحد ولا يبيع شرف وطنه، والأهم أنه شعب لا يطعن بالظهر وإن طُعن'. 

وأضافت الأديبة أن الشعب الإيراني 'لا يقف عند حدود الزمان أو المكان، فقد تدرّب علی تربية النفس من خلال الصبر والمقاومة والعمل الجاد والمسؤول، وفقا لوصية الإمام الخميني رحمه الله ونظرياته الحكيمة والبناءة'، مضيفة أن 'الشعب الإيراني لم يستسلم ولم يتاجر ببلاده من أجل تحقيق مآرب مادية، ولم يدخل نظام التبعية مع الغرب، فقد حافظ علي نظامه الإسلامي الخاص المتبع لنظام ولاية الفقيه، مما جعل سمة الإسلام سابقة لمعنی الدولة في النظام العام لها، حيث يطلق علی إيران 'الجمهورية الإسلامية الإيرانية' وشعار رايتها 'الله أكبر'.

كما أشادت الأديبة التونسية إشادة خاصة بالمرأة الايرانية، فقالت إنها اكتشفت، خلال زياراتها إيران، 'أن 'المرأة الإيرانية تحظی بقيمة بارزة في مجالات متعددة، بل إنها تتبوأ أبرز المناصب داخل الجمهورية، فقد ساهمت بدورها في الرقي بمجتمعها وتطويره، حتی أنها قد أسهمت في بلورة الشأن التربوي داخل المؤسسات التربوية، علی غرار المعاهد والجامعات كما احتلت مكانة رائدة في مجال التعليم والإنتاج الفكري وأظهرت كفاءتها في تنمية الفعل العلمي وتفعيل النماذج النظرية والتطبيقية في مجالات التكنولوجيا'. 

وأبرزت الأديبة البعد الحضاري العميق لإيران، مؤكدة أن حضارات إيران 'تمتد امتدادا تاريخيا وفكريا، وتزخر بمعالم سابحة في حضارات شتي مرت عبر العصور'، وأنها لاحظت خلال زياراتها 'الهوية الحضارية المجّسدة في مختلف المعالم والمتاحف التي تبرز فنون النقش الحضاري السابح في عوالم ورموز مختلفة، علی غرار الحضارة الساسانية والحضارة الصفوية والزرادشتية والفارسية وغيرها من الحضارات'، كما أن عوالم اللّغة والهندسة والعمارة تنم عن إبراز مختلف الفنون والتجليات الحضارية والتاريخية التي ساهمت في إثراء هذا البلد'، وأنه يمكن القول 'إنّ الثقافة الإيرانية لم تتوقف عند حدود الثقافة الواحدة، بل حققت انفتاحا شاسعا لكون إيران بلدا يعيش داخل ثقافات متعددة ومختلفة، نظرا لتعدد الهويات والأعراق التي تتوزع بين الفرس والآذريين والأكراد والعرب والبلوش والتركمان واللور والأرمن والزرادشتية وغيرها'.

وحسب الباحثة، فإن 'هذا التعدد أفرز تعايشا سلميا داخل الجمهورية الإسلامية الإيرانية كما أفضی إلی توطيد العلاقات الإنسانية والانفتاح علی الشعوب'، لذلك 'عدّت إيران بلد التعايش السلمي والمذهبي بامتياز'، مؤكدة أنها 'لم تر أي انتشار للتعصب الفكري أو المذهبي هناك. كما أنها لم تشهد تقسيمات عرقية أو إيديولوجية لاعتبار أنّ الشعب الإيراني يؤمن إيمانا مطلقا بوحدة المسلمين وباتحاد الإنسانية رغم اختلاف الثقافات واللّغات'. 

وعن الحضارة والثقافة الفارسية قالت الباحثة التونسية إنها، خلال دراستها الأكاديمية في الجامعات التونسية، 'تعرفت علي عديد القامات الأدبية الفارسية علی غرار عمر الخيام و سعد الدين الشيرازي، فضلا عن ابن سينا و الفردوسي ومولانا جلال الدين الرومي و فريد الدين العطار، وغيرهم من الرموز التي تسكن ذاكرة كل مثقف وكل باحث في العالم'، معتبرة أن 'الأدب الفارسي اكتسب حظوة بارزة في التاريخ القديم والحديث والمعاصر، وقد ساهم في بلورة وتأسيس آليات ومناهج الأدب العربي، من خلال امتداد حركات الترجمة، فضلا عن تأثير الأدب العربي في الأدب الفارسي، بحيث كان الأدب الفارسي جامعا بين الثقافة الفارسية والثقافة العربية، حتي إن أغلب الأدباء العرب قد تأثروا بالثقافة الفارسية وكان أغلب رؤاهم متجهة نحو الفكر الفارسي، علی غرار الشاعر الأعشي وامرئ القيس وأبو العتاهية وجبران خليل جبران وغيرهم كثير'.

وبحسب الباحثة، فإن 'الباحث اليوم، ومهما كان اختصاصه ومجال بحثه، لا يمكنه الاستغناء عن الأدب الفارسي، من أجل استقصاء الدلالات والمعاني وتبويب عملية التشخيص وبناء فن المحاكاة والمناظرة، فضلا عن إبراز الحكمة المتعالية السابحة في الرمزية'. 

بالمقابل أكدت الباحثة أن الأدب العربي 'أثر في بعض أدباء وعلماء الفرس، علی غرار ابن المقفع وابن سينا وسيبويه والتوحيدي و الخوارزمي وهذا ما يعكس قيمة التفاعل والانفتاح بين الثقافتين، علی اعتبار أن الثقافة هي مرآة المجتمع الإسلامي وآفاق تميّزه'.