بقاء الاتفاق النووي یتوقف علی إرادة أوروبا السیاسية

بقاء الاتفاق النووي یتوقف علی إرادة أوروبا السیاسية
الأربعاء ٠٥ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٤:٤٤ بتوقيت غرينتش

انسحبت الولایات المتحدة رسميا من الاتفاق النووي مع ايران کما وعد بذلك الرئيس الامريكي دونالد ترامب، فيما أعرب الاوروبيون عن أسفهم لقرار ترامب بالانسحاب، معلنين التزامهم بالاتفاق المبرم مع طهران، وضمان استمرار رفع الحظر عن ايران طالما تفي بالتزاماتها في اطار خطة العمل الشاملة المشتركة.

العالم- التقاریر

بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الاتفاق النووي المبرم مع ايران، والدول الست عام 2015، أثيرت مخاوف لدى الدول الأوربية من أن يؤثر ذلك على تجارتها مع إيران، والخسائر المتوقعة جراء هذا القرار فالمانيا وفرنسا على سبيل المثال لديها علاقات تجارية كبيرة مع ايران، لذلك تسعى هذه الدول إلى الإبقاء على الاتفاق النووي ساريا وعدم توقيع حظر اقتصادي على إيران لحماية استثماراتها الكبيرة.

ولا شك ان موقف الاوروبيين بشأن التزامهم الكامل بتطبيق الاتفاق النووي رغم انسحاب الولايات المتحدة يظهر أن الاتفاق یصب في مصلحتهم، کما أنه یصب في مصلحة أمریکا وباقي الاطراف الموقعة للاتفاق من بینها ایران، ولهذا أخذوا یبحثون في مختلف المناسبات عن آلیات للحفاظ علی هذا الاتفاق وتجنب تداعیات الانسحاب الأمریکي منه؛ فیؤکدون أهميته ویطلقون دائما تصریحات بضرورة توطيد العلاقات الاقتصادية والتجارية مع ايران رغم الحظر الامريكي، ولکن جهود هؤلاء لم تحقق لحد الآن النتائج المرضیة للجانب الإیراني علی صعید الواقع.                                  

ویعلم الجميع أن التوصل الى الاتفاق النووي قد حصل بعد اثني عشر عاما من الجهود الدبلوماسية التي بذلتها بعض الاطراف وعلى رأسها ايران، وكما اعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فدريكا موغريني، ان اي بديل آخر للاتفاق النووي سيعود بتداعيات كارثية وعزم الاتحاد الاوروبي على حفظ الاتفاق النووي يأتي في سياق مصالح اميركا ايضا لأن هذا الاتفاق ضروري لامن اوروبا وكذلك لامريكا والشرق الاوسط.

الا ان الاوروبيين يشيرون في نفس الوقت الى صعوبة استمرار التعاون التجاري مع ايران في ظل التهدیدات الأمریکية بفرض عقوبات على الشركات الاروبية التي ستتعاون مع ایران. ولهذا کله ورغم جمیع الوعود التي أطلقها المسؤولون الأوروبیون الکبار ومن ضمنهم مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني بهذا الشأن فالواقع یدل بما فیه الکفایة علی أن ایران لم تتمتع لحد الآن بالنتائج الایجابیة والملموسة من جراء الاتفاق النووي وأن مستقبل الاتفاق یتوقف علی قیام أوروبا بخطوات عملية في هذا المضمار.

ویبدو أن السبيل الوحيد -کما تری موغيريني نفسها- لانجاح هذه الوعود والمقترحات هو اتخاذ اجراء جماعي علی مستوی الاتحاد الاوروبي وكذلك الاجراءات الفردية لكل دولة بصورة منسقة؛ الامر الذي لم یتحقق بعد علی صعید الواقع و لم یدخل حیز التنفیذ. 

صحیح أن المفوضية الأوروبية قد أعلنت منذ ایام عن إقرار سلسلة من التدابير لمساعدة إيران وخصوصا القطاع الخاص فيه من أجل دعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة في ايران و وعدت بأن الاوروبيين یسعون الى ازالة العقبات التقنية المتعلقة بالتعاون الاقتصادي مع ايران لکن هذا لا یکفي أبدا. فالمتوقع من اوروبا ان تبذل ما بوسعها لبقاء الاتفاق النووي عبر تسهيل التبادل المصرفي ودعم استمرار صادرات النفط الايرانية وتشجيع الشركات الاوروبية على العمل في ايران وأن تکشف بصراحة أکثر عن ارادتها السیاسية وتثبت حسن نوایاها في هذه المرحلة الحساسة للغایة.