بعد هدنة طرابلس.. ما هو السبيل لحل الازمة في ليبيا؟

بعد هدنة طرابلس.. ما هو السبيل لحل الازمة في ليبيا؟
الخميس ٠٦ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٨:٥٤ بتوقيت غرينتش

يسود هدوء حذر العاصمة الليبية طرابلس، منذ الأربعاء، بعد إعلان وقف إطلاق النار برعاية أممية بغية إنهاء الاشتباكات العنيفة التي اندلعت منذ أيام بين فصائل مسلحة متنافسة في جنوب العاصمة، وسط مخاوف من انفجار الوضع في ضواحي طرابلس مجددا وانتقالها إلى وسط العاصمة.

العالم - ليبيا

وشهدت العاصمة، صباح الأربعاء، هدوءاً حذراً لوحظ بوضوح في مناطق عين زارة وصلاح الدين وطريق المطار وأحياء جنوبي طرابلس، فيما خلت الشوارع القريبة من مناطق المواجهات من حركة السيارات.

لكن ناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي تداولوا، صوراً لاشتباكات بين المجموعات المتنافسة، قالوا إنها وقعت بعد ساعات من توقيع الاتفاق في منطقتي وادي الربيع وصلاح الدين. ومن أبرز هذه المجموعات التي تتنافس على نفوذ ونقاط تمركز في طرابلس "اللواء السابع" وهو فصيل مسلح من مدينة ترهونة جنوب العاصمة. ولم يتسن التأكد من صحة الصور.

وجرت التطورات هذه وسط مخاوف متزايدة لسكان طرابلس من انفجار الوضع في ضواحي المدينة وانتقالها إلى وسط العاصمة في أي لحظة أمام عمليات التحشيد العسكري الكبيرة التي تجري بين "اللواء السابع" و"الكانيات" من جهة، ضد كتيبتي ثوار طرابلس والنواصي.

والثلاثاء، أعلنت البعثة الأممية في ليبيا التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في طرابلس، خلال اجتماع بمدينة الزاوية (غرب)، ينهي جميع الأعمال القتالية ويقضي بإعادة فتح مطار معيتيقة في العاصمة المغلق منذ الجمعة الماضي.

وقالت، في بيان، إن الاتفاق أعقب لقاء جمع المبعوث الأممي غسان سلامة، مع ممثلين عن المجلس الرئاسي ووزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني عبد السلام عاشور وضباط عسكريين وقادة مجموعات مسلحة مختلفة في طرابلس وما حولها.

ترحيب غربي بتوقيع اتفاق وقف اطلاق النار بطرابلس

ورحبت كل من فرنسا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة بتوقيع الاتفاق، مشيدة بجهود الأمم المتحدة في هذا الإطار.

وجددت الدول الأربع، في بيان “دعمها لفايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني التي تعمل بالشراكة مع الأمم المتحدة لتعزيز المصالحة ودعم العملية السياسية التي يقودها الليبيون”.

كما أعلن المجلس الأعلى للدولة الليبية (هيئة استشارية)، ترحيبه ودعمه للاتفاق، وطالب، في بيان، المجلس الرئاسي بالالتزام بتطبيق الترتيبات الأمنية وفق الاتفاق السياسي (اتفاق الصخيرات 2015).

من جهته أكد غسان سلامة المبعوث الأممي إلى ليبيا في إحاطته أمام مجلس الأمن الأربعاء إن الأمم المتحدة توسطت بين الأطراف الرئيسة لوقف إطلاق النار، وإيقاف الاقتتال، وإعادة النظام في طرابلس.

وأوضح “سلامة” أن البعثة تركز جهودها على مجالين، هما: مراجعة الترتيبات الأمنية في طرابلس بغية الحد من تأثير المجموعات التي تلجأ للسلاح لتحقيق مآرب شخصية، ومعالجة القضايا الاقتصادية التي تشكل أساس الأزمة، مشيرًا إلى أنه لن يكون هناك أي فرصة للإصلاحات الاقتصادية، والعملية السياسية، إذا لم يتم وضع حد لعمليات النهب.

وأكد المبعوث الأممي لليبيا أنه تم انتخاب أعضاء مجلس النواب قبل 4 سنوات من قبل 15% من السكان، وتم انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للدولة، الذي يمثل جزءًا من المؤتمر الوطني العام قبل 6 سنوات، مشيرًا إلى أن حكومة الوفاق تولّت مهامها ليس من خلال الانتخابات، بل بالتعيين، فليس مستغربًا أن الليبيين يرغبون بتغيير قيادتهم السياسية.

مندوب ليبيا يطالب مجلس الأمن بنزع سلاح المليشيات

بدوره قال مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة السفير المهدي المجربي، إن الأحداث الدامية في طرابلس، أوضحت أن حجم المشاكل الأمنية في ليبيا كبير، متهمًا أطرافًا محلية ودولية بالعمل على إبقاء الفوضى في البلاد.

وأضاف المجربي أنه “جراء الاحتكام إلى لغة السلاح يصعب قيام الحكومة بواجباتها”، مشددًا على “ضرورة نزع أسلحة المجموعات الخارجة عن القانون”.

من جانبه، اعتبر مندوب الولايات المتحدة أن من وصفهم بـ”المخربين السياسيين يقفون عائقًا أمام إرادة الشعب الليبي”، مؤكدًا أنه “لا يمكن الوصول للسلطة عن طريق عمل عسكري”.

وأضاف أن “جداول زمنية غير واقعية تقوض جهود تحقيق تقدم في ليبيا”، لافتًا إلى أنه “يتوجب على بعثة الدعم الأممية دعم الإصلاح الاقتصادي في ليبيا”.

فرنسا تدعو لإجراء الانتخابات في ليبيا في 10 ديسمبر

بدوره، شدد السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة، على ضرورة إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية بليبيا في الـ10 من كانون الأول/ ديسمبر المقبل، تنفيذًا للاتفاق الذي تم التوصل إليه في باريس في أيار/ مايو الفائت، مؤكدة أن إجراء الانتخابات هو السبيل الوحيد لإخراج البلاد من الوضع الراهن.

وقال السفير الفرنسي لدى الأمم المتحدة فرانسوا ديلاتر، إن المضي قدمًا في عملية التحول الديموقراطي في ليبيا هو اليوم أهم من أي وقت مضى”.

وفي أيار/مايو الماضي استضافت باريس اجتماعاً وصفه مضيفه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بالتاريخي، جمع لأول مرة رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج، ورئيس مجلس الدولة خالد المشري ومقرهما في طرابلس، وغريميهما في شرق ليبيا المشير خليفة حفتر، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح ومقره طبرق.

واتفق المسؤولون الليبيون الاربعة يومها على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في العاشر من كانون الاول/ديسمبر واحترام نتائجها، كما اتّفقوا على توحيد مؤسسات الدولة ومن بينها خصوصا البنك المركزي.

وأظهرت الأزمة الليبية الأخيرة، خاصة اشتباكات العاصمة طرابلس، حالة التنافس بين رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج واللواء الليبي خليفة حفتر على قيادة البلاد، وسط دعم دولي لكل طرف، ما يشكك في جدية المجتمع الدولي في حلحلة الأزمة.

وجاءت تأكيدات الدول الكبرى في بيانها الأخير حول الاشتباكات، حول التشديد على شرعية ودعم حكومة الوفاق والقوات التابعة لها، بمنزلة رسالة قوية لحفتر الذي يحظى أيضا بدعم فرنسي مباشر وغير مباشر، ما طرح عدة تساؤلات حول من يدعم المجتمع الدولي تحديدا؟ ولماذا يراهن على الطرفين؟

وفي أحدث حصيلة أعلنتها إدارة شؤون الجرحى في طرابلس (تابعة لوزارة الصحة بحكومة الوفاق)، أسفرت مواجهات طرابلس، عن سقوط 61 قتيلاً وإصابة 159 آخرين.

واجبر اشتداد القتال في الضواحي الجنوبية لطرابلس 1825 عائلة على النزوح الى بلدات مجاورة أو البحث عن مناطق آمنة داخل العاصمة، وفق وزارة شؤون النازحين.