اجراءات واشنطن العقابية..

فرصة لاعادة ترتيب البيت الفلسطيني 

فرصة لاعادة ترتيب البيت الفلسطيني 
الأربعاء ١٩ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٣:٥٨ بتوقيت غرينتش

لم يكن مستغربا ان يصل الامر بالادارة الاميركية الى حد قطع العلاقات الدبلوماسية مع الفلسطينيين واغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن. كما لم يكن مستغربا ان تقوم الولايات المتحدة بكل ما فعلته من قطع اموال الاونروا الى وقف مساعداتها للمستشفيات الفلسطينية، وعليه لا يخرج من هذا الاطار القرار الاخير بطرد ممقل منظمة التحرير في واشنطن واغلاق حسابات السلطة الفلسطينية في بنوك واشنطن. 

كل هذا تضعه ادارة دونالد ترامب في اطار الضغط على الفلسطينيين للرضوخ لرؤية صهر ترامب جاريد كوشنير وديفيد فريدمان سفير واشنطن لدى كيان الاحتلال الاسرائيلي، اي ما يسمى بصفقة ترامب. ويمكن استقراء الطار العام للصفقة من خلال نهج الولايات المتحدة في الفترة الماضية.  
اولا: الاعتراف بالقدس عاصمة للاحتلال الاسرائيلي. 
الى جانب الاعتقاد الاميركي بحق كيان الاحتلال باغتصاب القدس وضمها لسلطاته، يبرز سعي الاميركي لتحييد القضية التي هي ربما الاكثر تعقيدا في عملية التسوية. وبنظر الاميركي فان تحييد هذه القضية لا يتم الا بانهاء اي حديث عن وضع القدس ويكون ذلك باعلانها عاصمة للاحتلال وابعادها عن طاولة اية مفاوضات مقبلة. 
ثانيا: حق العودة.
تماما كما مسالة القدس، رأى الاميركي ان انهاء هذا الملف يكون بالغائه وحذفه من التداول. فكانت خطوة قطع التمويل عن وكالة الاونروا الخاصة باغاثة اللاجئين الفلسطينيين. رغم التشعبات الكثيرة المرتبطة بهذا الملف مثل دول اللجوء خاصة تلك المتواجدة في المنطقة مثل لبنان والاردن وسوريا وغيرها. لكن الاميركيين بدوا مصرين على انهاء الملف لاسيما بعد مسيرات العودة، والمفاعيل الجدية التي اوجدتها 

ثالثا: حل الدولتين.
رغم ان حل الدولتين لا يعتبر من الثوابت الفلسطينية الاصيلة الا انه شكل بالنسبة لاطراف فلسطينية مخرجا للحصول على مكتسبات معينة بالنسبة لانشاء دولة فلسطينية. لكن الاجراءات الاميركية الاخيرة والمترافقة مع توسع استيطاني مضطرد، جعلت الدولة الفلسطينية الموعودة في خبر كان. فلا عناصرها القانونية متوافرة، ان كان الشعب المشتت بين اللجوء والحصار او الارض التي يتم سلبها بشكل متزايد او السيادة التي لن تحظى بها اي دولة فلسطينية وردت في كل مبادرات الولايات المتحدة في العقدين الاخيرين. 
ومع انهاء البعدين السابقين من صيغة اي دولة فلسطينية(اي القدس وحق العودة) فان الدولة التي تطلع اليها البعض في السنوات الاخيرة ذهبت ادراج الرياح. 

كل ذلك يضع الفلسطينيين امام ضرورات وتحديات لا بد من معالجتها. 
اولا: الثبات على الموقف الرافض لصفقة ترامب رغم الترهيب والترغيب الذي تمارسه واشنطن بمشاركة بعض الاطراف العربية. والثبات على الموقف الرافض قد يفتح الباب امام تخطي عقبات كثيرة في وجه استكمال ملفات الساحة الداخلية. 
ثانيا: تكثيف الجهود لاتمام اتفاق المصالحة وتنفيذ بنوده على خلفية ان المصالحة ستفتح الباب امام اجتماع كافة الاطراف الفلسطينية على طاولة مستديرة لمعالجة الملف الاهم في المرحلة الحالية
ثالثا: والملف الاهم يتمثل بوضع استراتيجية واضحة وشاملة لمواجهة السياسات الاميركية بمختلف ابعادها. استراتيجية لا بد ان تشمل موقفا تاكيدا على احقية خيار المقاومة ودعمه بكل الوسائل. اضافة لتعزيز النضال الشعبي ومسيرات العودة. وفوق كل هذا انتفاضة القدس. كما يجب ان تشمل وضع خطة طريق سياسية لترتيب البيت الفلسطيني بحيث يتم تفعيل بمؤسساته الدستورية بمشاركة الجميع. 

كل ذلك كفيل بجعل الموقف الفلسطيني اكثر قوة، في مواجهة سياسات اميركية بدات تاخذ منحى انتقاميا الى جانب الضغوط والتسلط. والتحدي الاكبر يتمثل بانجاح ترتيب البيت الفلسطيني الذي شكل فشله طوال السنين الماضية عاملا سلبيا ساعد الاسرائيلي ومن خلفه الاميركي وبعض العرب على تمرير الكثير من المشاريع التي اضرت بالقضية الفلسطينية ومنها (كما يرى الكثيرون).. اتفاق اوسلو.