لماذا لم "يعتذر" الرئيس الأسد عن إسقاط الطائرة الروسية؟

لماذا لم
الجمعة ٢١ سبتمبر ٢٠١٨ - ٠٣:٠٩ بتوقيت غرينتش

أن تسقط طائرة روسية في خضم هجوم إسرائيلي على قاعدة عسكرية سورية يعني بالتأكيد أن قرار الرد على هجمات "العدو" هو قرار سوري بامتياز لا يخضع لأي أوامر روسية بدليل سقوط طائرة الأخيرة التي من المفروض أنها "تتحكم بكل شاردة وواردة في سورية"...، كما أن المنظومة السورية الدفاعية قادرة بالفعل على التصدي لأي هجوم على أجوائها، وبالتالي قواعدها العسكرية، ومنظوماتها الأمنية، وحتى مواطنيها.

العالم - سوريا

من منطلق هذه المقدمة، يجب الفصل تماما بين التحالف السوري-الروسي، وبين العلاقة الوطيدة التي تجمع بين العدو الإسرائيلي، وروسيا بوتين، فتحالف الأخير مع الرئيس السوري بشار الأسد، لا يعني بتاتا حمل روسيا لواء "المقاومة"، بدليل أن الروسي لم يحرك ساكنا للدفاع عن حليفه السوري، بالقرب من قواعده، حتى كان ما كان من حادثة إسقاط طائرة الروس، ومقتل 15 شخصا من طاقمها، وتحميلهم المسؤولية للإسرائيليين الذين لم يبلغوهم بموعد الهجوم إلا متأخرا على أراضي "حليفهم السوري".

وزير الحرب الإسرائيلي إفيغدور ليبرمان سارع الخميس إلى تحميل الجيش السوري مسؤولية سقوط الطائرة الروسية قرب مدينة اللاذقية، وعزا ذلك إلى افتقار الجيش السوري إلى "الكفاءة" المهنية، وإطلاقه النار بطريقة غير منظمة، ربما تكون دفاعات الجيش السوري أقل كفاءة بالفعل، لكن هذا يعود إلى "الفيتو" الإسرائيلي على توريد منظومة "إس 300"، و"إس 400" الروسية إليهم، واعتمادهم على منظومات دفاعية ذاتية، وأخرى روسية أقل تطورا، ومع هذا أسقطت جميع الأهداف التي تبين لها أنها معادية، بما فيها الإسرائيلية التي من المفروض أنها "أكثر كفاءة"!

هذا بالإضافة إلى أن إطلاق النيران السورية بطريقة "غير منظمة" كما يقول ليبرمان تجاه أهداف معادية تغير على أهداف سورية، ليس من المفترض أن يخضع لضوابط "التنسيق" الروسي- الإسرائيلي أولا للتفريق بين طائرات الحليف والعدو، ويخضع فقط للمصلحة السورية، وكرامة سيادتها ثانيا، وإن كان الثمن إسقاط طائرة حليف بالخطأ، وهو الحليف الذي تركها في مهب رياح "العدوان الإسرائيلي" المتكرر.

كان لافتا موقف القيادة السورية بعد إسقاط جيشها طائرة "حليفها"، فلم يهاتف الرئيس السوري نظيره الروسي مسارعا لتبيان وتوضيح موقفه مباشرة، ثم اكتفى ببرقية عزاء، لم يرد في سطورها أي اعتذار حتى عن احتمالية الخطأ السوري الذي نتج عن مقتل طاقم الطائرة (إيل 20)، معتبرا أن سقوطها جاء نتيجة الصلف، والعربدة الإسرائيلية المعهودة، كما عبر الرئيس بشار الأسد في برقيته عن ثقته بأن تلك الأحداث لن تثنيه وتثني الرئيس بوتين عن مكافحة الإرهاب، وختم بتعزيته أسر عائلات الضحايا الأبطال كما وصفهم، والشعب الروسي الصديق.

هذا الموقف الرئاسي السوري الواضح من حادثة الطائرة، شوهه باعتقادنا أحد المقربين من الدولة السورية، حيث قال في منشور له موثق على حسابه التواصلي، أن الإجراءات التي يتخذها الروس بحق الضباط السوريين شكلية، ولا داع للقلق منها، وهو ما أوحى عن طريق الخطأ أن هناك حالة غضب روسي من سقوط الطائرة، أفضت إلى فتح تحقيق، وهو ما سارع أحد الكتاب الخليجيين إلى التقاطه، والإشارة إلى أن أفراد الجيش السوري "يخضعون لسيطرة" الحليف الروسي.

حتى "إسرائيل" نفسها، وبكل عربدتها، ووقاحتها، اضطرت لتوضيح تفاصيل الحادثة لصديقها الروسي، الذي قيد حركتها البحرية والجوية، وباتت في ورطة صنعت بيديها، ومن الطبيعي حتى لو خضع الضباط السوريين إلى المسائلة في قضية إسقاط الطائرة، نعتقد أن صاحب الطائرة بكل الأحوال مطالب بالوقوف على خلفية حقيقة ما جرى، ويكشف المتهم الحقيقي، لكن مصيبة هذا الجيش السوري، ونظامه، ورئيسه، أنهم يخضعون للتشكيك، والتأنيب، والمحاسبة من الجميع، سواء أسقطوا طائرة روسية، أم إسرائيلية، أو حتى أنفسهم دفاعا عن الوطن!

* خالد الجيوسي – رأي اليوم